الآن وبعد أن أقنعنا أنه يجيد فن «الشو» عليه أن يرتقي عاليا ويطابق هويته الجديدة سيما بعد التوسيم والتوشيح الملكي، الذي فيه من التكليف ما يعادل مزايا التشريف. قد يكون وليد نجح في الموسم الأول وحتى الثاني، بقفشاته التي جعلته ملحا لصفحات الجرائد وأبواق الإذاعات وحتى رواد العالم الأزرق، وزبونا مفضلا لهواة الفتن والراكبين على الكلمات، لكنه اليوم ما عاد نيئا بعد أن نضج بما يكفي والشيء إذا زاد عن حده إنقلب لضده بطبيعة الحال. لا ينكر إثنان كما لا يتنطاح عنزان كون الركراكي مثل قيمة مضافة للبطولة، وشخصيا قلتها وأعيدها اليوم، كنت واحدا من المغرمين بفكر الرجل لاعبا بالفريق الوطني وتعايشت معه في محطات كثيرة خارج المستطيل الأخضر ما زال يستحضرها وكأنها البارحة، قدمت لي سيرة ذاتية وهوية جديد لمدرب مختلف في الفكر والمنظور والمقاربات التحليلية للمباريات وحتى تلك التي هي خارج إطارات العشب الأخضر. فعلى امتداد سنتين تفنن وليد في قصف الجميع والسخرية من آخرين، سخرية سوداء بطبيعة الحال، واستطاع أن يكسب معارك كلامية سحبت الضغط لمعتركه وجنبت لاعبيه شر الأضواء، فنجح في أن يلهي الوداد وأنصاره حين قال وهو يخطط في سرية مطلقة للظفر بالدرع «همنا ليس اللقب وإنما نعذبو الوداد ونطيرو النعاس من عين الجمهور ديالو». ولئن قبلنا بباقي التشبيهات والإستعارات تارة حين أسقط وصف شوماخر على الوداد والفيراري على الرجاء، وهو وفريقه سيارة «سيمكا» مهترئة، فإن إصرار الركراكي على افتتاح موسمه بنفس الشكل واللوك يبدو معيبا بعض الشيء في حق المدرب البطل. بعد الفوز على الكاك قال وليد أنه على الوداد إظهار وثيقة إنتقال إيفونا للأهلي المصري، ليبيع لهم بطنا، وبعدها عاد ليقول أنه لن يبيع لهم بطنا حتى ولو بمال الدنيا وهذا أول مظاهر التناقض، في حين تجدون في ملف خصصناه لصفقة بطنا المعلقة بنفس العدد من الجريدة، رئيس النادي السيد الحجوي المفترض أنه المخول والأخير اتخاذ قرار بيع لاعب من لاعبيه لناد من الأندية يتناقض تماما مع تصريح الركراكي، ويرحب من خلاله بعرض الوداد ويدعو عبر «الجريدة» الناصيري للجلوس لطاولة الحوار. ولئن كان هذا واحد من أخطاء الركراكي طالما أن إدارة الفتح لم تخبرنا إن كانت قد متعته في فترة من الفترات بصفة «المانادجر جنرال» التي تخوله حق الحديث عن الشق المالي وباقي التفاصيل وتوابل العقود حتى شروطها الجزائية، فإن الخطأ الثاني أن يقحم إسم الوداد دون أن يكون الأخير قد فاوض اللاعب رسميا أو عبر أي قناة من القنوات. أن يدخل وليد في حرب أو معركة مجانية مع الوداد وأنصار الوداد دون داع لذلك، إلا لإثارة العناوين وجذب الإنتباه فهذا أمر لا يليق بمقام الأبطال ولا حتى المكرمين؟ خرجة الركراكي لم تقف عند حد الوداد وكما كان الحال الموسم المنصرم، حين سخر بتصريح لاذع من هرمي الكرة المغربية «ربحت الوداد والرجاء بجوج باش ما يبقاش فيهم الحال»، فقد عاد ليقول «إن لم تفز الرجاء وفاخر هذا الموسم بالبطولة فسيمثل الأمر مفاجاة كبيرة»، وفي هذا لمز حتى لا نقول شيئا آخر لفريق لا يدربه وليد ولا يجدر به الحديث عنه ولمدرب كان آخر من مد اليد واستدعى وليد لآخر كأس إفريقية لعبها وهو محمد فاخر بما يفرضه المقام من تقدير واحترام، كما تفرضه الإحترافية التي لا تتيح أمامه التحول لضارب للرمل ومنجم يقرأ طالع وكف الفرق والبطولة. كوننا نحب وليد ونتمنى له المزيد، ويهمنا أن يظل حاضرا بنفس الوهج وبنفس الألق الذي عهدناه لاعبا وبعدها مؤطرا، فإننا ندعوه لاحترام الرادارات المحددة للسرعة في أماكن بعينها ولعدم التجاوز حين تتصل الخيوط كي لا يتسبب في حوادث مجانية هو في غنى عنها، وإن أصر على ذلك فالأكيد أنه لن يكون يوما شواخر وسيظل حاملا «للبلاكة 90 على ظهره».