الحديث عن ظاهرة الشيشا المتواجدة عندنا بالمغرب بشكل مسعور وكيف يتعامل معها بعض اللاعبين بشراهة وبسرية تامة في غياب تام للعقاب والجزاء المفروض أن لا يكون بالغرامة المالية، بل بالإبعاد المنهجي، حديث عارض ولا صرامة فيه على الإطلاق مثلما هو مفعل بنادي بوردو الفرنسي الذي ارتأى أن يعاقب لاعبه الغابوني أندري بوكو ليس بالتغريم المالي، بل بالإبعاد الفعلي عن الفريق، وما فعله بوردو الفرنسي اليوم بإبعاد اللاعب المذكور جاء نتيجة صرخة جماعية لنشطاء ومحبي الفريق بإبعاد من يسيء للفريق سيما وأن ذات اللاعب إنتشى ما يسمى بالشيشا مرتديا قميص نادي أولمبيك مرسيليا، وهي الحركة اللأخلاقية التي أثارت ضغينة النشطاء والمناصرين كون اللاعب إرتدى قميص فريق آخر وتشيش كما أراد دونما احترام لنادي بوردو الذي يحمل قميصه، وكان من جراء ذلك أن قدم اللاعب إعتذاره للفريق ولم يقبل على الإطلاق وأدى ثمنه غاليا حتى من ردات فعل الصحافة الغابونية التي انتقدته واعتبرت ذلك وصمة عار لسفيرها الدولي بالبطولة الفرنسية. واليوم وبعد صراع الفريق مع أنصاره إرتأى المسؤولون احترام النوايا المناصرة بوضع حد لهذه المهزلة وأبعدوا أندري بوكو نهائيا عن بوردو. وعندما يؤسس كبار الأندية الأوروبية منطقهم على القناعة باحترام العقد والإلتزام ببنوده مع أي لاعب مثلما يوضع اللاعب نفسه أيضا أمام نفس الإلتزام ببنود العقد واحترام النادي بطقوسه القانونية وبدون أن يسيء له من الداخل أو الخارج، فإن بوردو اتخذ قرار الشطط الحاسم بالإبعاد وفاء لأنصاره ولتاريخ النادي أيضا واعتبر فعل أندري بوكو بغير المسؤول بعد عملية الإستماع والإعتذار الذي قدمه اللاعب. هذا الدرس الكبير لبوردو، إنما يوحد لتاريخ النادي الذي بني على ظهر نجومه الكبار من دون أن يصاب بفيروسات الطيش التي شكلت لديه اليوم واحدة من الظواهر غير المسؤولة لدى من يعتبر نفسه خارج قانون النادي، ومن يتشيش وربما يدخن أية آفة يعتبر في الحصيلة الطبية موبوءا وفيروسا يمكن أن يعادي لاعبا ما بذات الفعل، أو يصيب لاعبا ما بضرر رئوي ومصائب أخرى من تداعيات الشيشا، إلا أن هذه الشيشا المعلنة عندنا في أكثر الأماكن ضررا وحتى في المنازل أيضا لا يراعى فيها الجانب الصحي على الإطلاق لأن مدخنيها في كل مكان يضربون البشر بشكل غير مباشر ويقتلون الأجساد تدريجيا بدون حق، ويعيثون في الخبث الكلامي وكأنهم أسياد الجلسات ولا يراعون للناس ولأي كان بعد ردات فعل النشوة. وفي حديث الشيشا لدى اللاعبين يكثر هذا الوباء بشكل عفوي ولا يرى فيه المعنيون أنهم متابعون على قنوات التواصل الإجتماعي بكل أشكاله، وحتى من اللاعبين من تجرأ بالبراءة دخول مقهى الشيشا فإنه معني بالخطورة التي ستقتل لياقته تدريجيا سيما إذا تردد عليها تكرارا دون أن يدخنها لكون مجرد استنشاقها المكره سيكون أقوى خطر على استنشاق السجائر من مختلف أصنافها . وتظهر التسريبات الدائمة للاعبين دوليين وآخرين كيف لا يحاصر هؤلاء بعبثهم وعدم احترامهم لمشاعر الناس والأنصار من أن تفعيل العقوبات غير ساري المفعول ليس بدرجة الغرامة المالية وإنما بالإبعاد المنطقي من النادي، صحيح أن اللاعب يقول أن لا أحد يتدخل في حياته الشخصية خارج الملاعب، ولكن ما فعله بوردو يعطي الدرس لمسيري الأندية الوطنية وحتى المنتخبات الوطنية من جعل هذا الأمر واقعا متأصلا في احترام تاريخ النادي والمنتخب. إن الشيشا وحتى الحشيش والسجائر المهربة وغيرها من طقوس الضرر الجسدي لدى اللاعب تعتبر ظاهرة عبثية وليست متفشية فحسب، بل عبثها هو الأهم من كل الذي يشاع عبر فضاءات التواصل الإجتماعي، ومن يقيس نفسه بالضرر وهو في حالة افتخار وتكبر أمام الآخرين وحتى مع الجنس اللطيف فهو في مسلك الآفات الإجتماعية أولا وفي معبر الناس الذين يقتلون أنفسهم ببطء ومن الخارجين عن قانون احترام تاريخ الأندية، والمسؤول فيها أولا وأخيرا هو طبيب النادي الذي يمكن أن يفجر المسكوت عنه من الإصابات المختلفة أو ممن يحرصون على النصح والإرشاد بمقولة «الخلطة ترذل وطريقها زغبية». آمل أن تكون الأندية الوطنية صارمة في هذا الإتجاه لأننا بحاجة إلى لاعبين من المستوى العالي والنظيف أخلاقيا وصحيا.