من شأن جلسة العمل التي ستعقدها لجنة البرمجة والمسابقات التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والعصبة الوطنية لكرة القدم الإحترافبة، أن تؤسس للبذرات الأولى للتعاطي الإحترافي مع المشهد الكروي الوطني، ما يتعلق بالتدبير العقلاني المؤسس على ثوابت ومرتكزات لا يمكن الإختلاف عليها، وما يتعلق ببرمجة دورات البطولة الإحترافية في قسميها الأول والثاني بالشكل الذي يساعد على تسويقها بالصورة المرضية التي يمكن أن ترفع الإيرادات لمستويات نرضى عنها جميعا، وتكون الأندية المستفيد الأول منها. أبدا لم يخل أي موسم من المواسم من جدل بعضه موضوعي ومنطقي وبعضه الآخر مزاد فيه بل ومحرض على الفتنة، ولا أنكر أننا كنا كإعلاميين أقسى ما نكون في نقدنا للجنة البرمجة بكل المتطوعين والحرفيين الذين تعاقبوا عليها، تحاملنا عليها وأشبعناها ضربا وكنا مغالين في ذلك بلا أدنى شك، فقد أمكنني الوقوف على هذه الحقيقة المؤلمة من خلال لقاءات جمعتني بكثير ممن كلفوا بوضع البرمجة بصداعها المزمن، حقيقة أننا نحمل هذه اللجنة بكل مكوناتها وبشروط عملها المزرية في أزمنة مضت، أكثر مما تحتمل، فمن يقود هذه اللجنة يستدعي كل فنون الرياضيات بالمعادلات الصعبة، لينجز جدولة متوازنة ومتطابقة لموسم يعيش باستمرار على إيقاع تداخل رهيب للمسابقات الخارجية، فأكبر عطل تشكو منه دول شمال إفريقيا هو أن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم تجدول مسابقاتها الخاصة بالأندية على مدار موسمين كرويين وتنفرد عن كل الكونفدراليات القارية الأخرى بأن بطولاتها للمنتخبات تتوسط الموسم الكروي سنة بكأس إفريقيا للأمم وأخرى ببطولة إفريقيا للاعبين المحليين، وهي تفعل ذلك بدعوى أنها تستجيب لأكثرية الدول الأعضاء والمنتمين لجنوب الصحراء والتي تعرف مناخات مناقضة لنا. تضع لجنة البرمجة في الإعتبار كل الإستحقاقات القارية المتعلقة بالمنتخبات الوطنية وبالأندية، لتنجز جدولة لمباريات البطولة الوطنية، وهي مقيدة اليدين، فهي من ناحية تسعى لإرضاء الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المالكة لحقوق البث التلفزي الحصري والتي تذر على الجامعة 100 مليون درهم سنويا، ومن ناحية أخرى تخضع لإكراه كبير يتمثل في أن أندية توجد ملاعبها قيد الإستصلاح وفي أخرى لا تملك مصير الملاعب التي تستقبل فيها بين أيديها. وإذا كنت أوافق المدربين على ما يظهرونه من رفض مطلق لنظام الطوارئ الذي تخضع له البرمجة من وقت لآخر، بفعل وجود العديد من الإكراهات، فإنني بالمقابل أرثي لحال لجنة البرمجة ولا أرى حلا لهذه المعضلة المعطلة، سوى أن تضع الجامعة والعصبة الإحترافية من خلال اللجنة المركزية للبرمجة والمسابقات ميثاقا محينا لنظام المسابقات يحدد الأضلاع الكبرى ويضع الأندية والجامعة على حد سواء أمام إلتزامات وتعهدات لا يحق لأي كان نقضها إلا بوجود ما يمكن إعتباره حالة قهرية مبررة قانونا. بالقطع لا يمكن الجزم بأن اجتماع لجنة البرمجة مع مدربي الأندية الوطنية سيحل كل المشاكل والمعضلات، بل إنه سيكون خطوة أولى على درب الإلتزام بالثوابت التي عليها ستتأسس البرمجة، وسيكون خطوة أولى لتنزيل تقليد جديد هو من روح الإحتراف، التشاركية في صناعة القرارات الكبرى التي لها طابع إلزامي، والأمل كبير في أن تصل الجامعة والعصبة الإحترافية بمعية الأندية وكل الشركاء من ذوي الحقوق إلى إخراج النسخة السادسة للبطولة الإحترافية الوطنية في القسمين الأول والثاني بشكل نرضى عنه ويسوق البطولة الإحترافية جماهيريا وإعلاميا بصورة أفضل.