كرة القدم كما هو الإعجاب والحب والعشق مجرد نظريات نسبية لا تخضع لمنطق وتختلف من شخص لآخر، ولا وجود للحقيقة المطلقة التي يملك أسرارها وحده مالك الكون.. ولأني ممن يطرقون الأربعين من عمرهم وممن يؤمنون بما شاهدته العين وحفظته الذاكرة ولا يطربني ما يروى بالتواتر، حتى وإن لم يعجب البعض الطرح ويروا فيه مبالغة أو حتى تطرفا في التقييم، فإن نفس العين و نفس الذاكرة تقودني لاختيار كريستيانو رونالدو الأفضل. هذا اللاعب الذي يقول كثيرون ممن ينشدون الحياد أنه بالفعل «ليس من البشر»، قلت أختاره أفضل لاعب في تاريخ الجلد المدور وللناس فيما يعشقون مذاهب. وقفت ذاكرتي على نجوم عظام منهم من كان يعلق الحذاء ومنهم من كان يطرب ويشق الأخاديد في ملاعب الكرة بالإمتاع والسحر والطرب، وظل مارادونا أيقونة زمانه وزمردة العصر والأوان أكثر من رسخ بهذه الذاكرة ملهما وفنانا وهو يحول نابولي من ناد متواضع وعلى الهامش لعملاق يصاقر الميلان واليوفي والإنتر بالكالشيو ولوحش كاسر أوروبيا، بل وقفت على حقيقة أن يقود أسد قطيع من العول لينال منتخب الطانغو لقب كأس العالم وكارلوس بيلاردو يتابع دخوله سجلات العظام مدربا بعزف أحادي لمارادونا. أطربني الفيلسوف زيدان وهو يسير على نفس نهج مارادونا بل تفوق عليه بهدف من كوكب المجانين لعصبة الأبطال رفقة الريال، وقيادته فرنسا لمجد عالمي أيضا وكيف وضع الفتى الجزائري فرنسا على رأس منتخبات أوروبا بعدها بسنتين، بل كيف عاد ابن الصحراء ليضع الديوك على حافة مجد هلامي آخر بألمانيا بعدما هزم زيزو لوحده كاكا ورونالدينو وكارلوس والبراويل وأسقط إسبانيا بمفرجه وتلاعب بالطليان وبوفون قبل أن يبعث معتوه إسمه ماتيرازي ليقلب خارطة الكرة. تابعت بلاتيني وتابعت فان باسطن والظاهرة رونالدو البرازيلي، لكن ما يحققه الخرافي رونالدو البرتغالي اليوم هو إعجاز بما للكلمة من معاني، قد لا يروق للبعض أن يحل رونالدو في تقييمي هذا قبل ميسي ولكل ليلاه يغني عليها كيف يشاء ولا يهمني ما قرأته الفيفا في لوحها، لأنها منحت ميسي كرتين من الذهب لم يكن يستحقهما واحدة مشبوهة سنة 2010 و التي راحت للبرغوت على حساب كاسياس أو إنييسطا لأنه لا يعقل منح كرة ذهب للاعب خرج منتخب بلاده من دور ثان للمونديال وبرباعية العار أمام ألمانيا وبهدف وحيد بجنوب إفريقيا. وكرة 2012 التي كان الأجدر بها رونالدو وهو من صال وجال بالليغا بخرافية الأرقام والتهديف وصواعق العصبة لولا رعونة ومافيوزية بلاطير التي ستفضحها «الإف بي أي» لاحقا. ما يقوم به الخرافي وطائر الرخ رونالدو اليوم هو أسطورة تتكلم عن نفسها، أسطورة حية بالهاتريكات التي تجاوزت كل المسافات الممكنة والحدود المسموح بها، بتواجده للمرة السادسة تواليا في طليعة من تجاوزوا 30 هدفا بالليغا وهو ما لم يفلح فيه لا ديسطيفانو ولا زارا و لا حتى سانشيز. 93 هدفا أوروبيا و5 هاتريكات بالعصبة و11 هدفا من ضربات الخطأ متجاوزا من سمتهم الكرة بأهل الإختصاص (ديلببيرو وريفالدو وبيكام وكارلوس وجونينيو)، و17 هدفا في موسم أول و16 اليوم في نفس المسابقة وهداف منتخب بلاده الأول وأكثر من سجل بالكلاسيكو على التوالي حتى وإن حضر متأخرا عن ميسي وأكثر من سجل بالليغا باستحضار سنوات ممارسته مع ميسي وأكثر من سجل بالرأس. في ليلة القبض على فولسبورغ أطل رونالدو كالبدر في الليلة الظلماء، أطل رونالدو ب «الغرينطا» ككلب مسعور منذ ضربة البداية وحتى في دقيقة الحداد التي سبقت المباراة، لعب كرات التماس وتحصل على البطاقة الصفراء ب «الغرينطا» وسجل بالرأس والقدم ومن بعيد، وقام بكل شيء وأي شيء ليرد على من لا يفهمون في الكرة على انه من كوكب العظام وعلى أن صموده 10 سنوات في القمة يعكس قيمة ومعدن هذا الجلمود الذي لا يهده لا إعلام ولا «إم إس إن» حتى ولو تحالفوا بتسجيل ضربات جزاء العار لإسقاطه من عرش البيشيشي. إنه الدون الذي أختاره في مذهب العشاق لاعب العصر وأفضل لاعب عبر تاريخ الكرة وفق تقييمي المسنود للأرقام التي لا تتجمل، وأستميت في اختياري هذا المستفز لأحاسيس من يضعون نظارات سوداء كتب عليها «صنعت بمصانع الحقد».