رونالدو وميسي وجمهور الفيسبوك مظهر غريب حتى لا أقول عنه شاذا ذلك الذي عاينته ليلة الأربعاء المنصرم، حيث أتحفتنا الفيفا مشكورة بتقديم وجبات كروية دسمة للغاية لم تكن تحمل من صيغة الودي غير الإسم خاصة بالقارة العجوز، إصطدام الأعيرة العالية الجودة أفضى لمشاهدة كوكتيل غاية في اللذة.. قد تتساءلون ما مظهر الغرابة والشذوذ هنا، الجواب هو ما عاشته العديد من المقاهي و«ع المكشوف» كما يقول المصريون من نزول عند رغبة عينة واسعة من الجمهور المغربي بإتاحة الفرصة أمامهم لمشاهدة لقاء منتخبي الأرجنتين والبرتغال الودي الذي جرى بسويسرا، بتزامن مع موعد مباراة الأسود أمام منتخب «المينا» النيجير.. سبق وأن حذرت من ظاهرة الإستيلاب الفكري لشباب الفيسبوك وتويتر واستعارة العشق الذي زادت حدته حين دخل منتخبنا الوطني وسائر الأندية الكهف وأطبقوا عليهم بالحجارة الغليظة، فكان طبيعي جدا أن يصبح هناك عشق بالتبني لعدد من القوى الكروية الغربية وحتى العربي في صورتيها الجماعية والفردية، ولا أحد ينكر كيف انقسم الجمهور المغربي على هامش موقعة أم درمان بين موال لصف الفراعنة وآخر جذبه جوار الثعالب بفعل الفراغ العاطفي الذي تولد جراء تواضع أداء الأسود وبياتهم الشتوي الطويل.. وبالفعل عاشت المقاهي المغربية انفصاما في هوية التقديم، فأرضت الطرفين بمباراة الفريق الوطني ف «لاطيراس» لأن هناك أعوان يتكفلون في ظرف كهذا بنقل التقارير لأصحاب الحال عن خطوات خارج النص، والطانغو وبرازيل أوروبا بالداخل، وكواقع لا يرتفع، بل هو من دواعي استخلاص العبر، من تابع لقاء سويسرا كان أكثر بكثير ممن رصدوا مستجدات لقاء مراكش، وهذا هو الشذوذ الذي أشرت إليه، الشذوذ عن القاعدة والسليقة والمنطق بطبيعة الحال حتى لا يساق اللفظ لغير مغازيه.. أكاد أجزم أنه لا الأرجنتين هي سبب الجاذبية ولا البرتغال استوطنت حنايا المغاربة، بل هما لاعبان ونيزكان في صراع أحادي قطبي جبار في الوقت الحالي ويتصاقران في صراع الوحوش هما من فرض تتبع مسلسل «الحرب الباردة» بينهما.. ما يجري بحق حاليا بين رونالدو وميسي قصة تحمل من تيمات وحبكة التشويق والإثارة ما يستحق الوقوف عندها، إذ لم يسبق وأن طغى سجال عن صفة الأفضل بكل الإختلافات المطروحة حاليا، كما طرحه هذان اللاعبان، فما بالك إذا كانا ينتميان لفصيلي العدو الألذ (الريال والبارصا) وهذا هو ملح الجاذبية في السناريو. يصارعان على هذا الليغا، وكل المؤشرات تقول بسقوط الرقم الخرافي للمكسيكي هوغو سانشيز على يد أحدهما وتجاوز سقف 40 هدفا هذا الموسم ليصبح واحدا منهما البيشيشي الخرافي.. في عصبة الأبطال نفس الحكاية.. كأس الملك يقدمهما للنهائي الكبير بالميستايا بنفس الرصيد من غلة التوقيعات، لذلك حرص بعض من الفضوليين على تتبع لعبة القبضة الحديدية بينهما في مباراة سويسرا، لينجحا معا في التسجيل ولو أن ميسي سجل من جزاء ممنوح في الوقت البديل بعد خروج رونالدو. حتى الأخطاء المحتسبة عليهما حركت هواة الإحصائيات من المستهدف أكثر، لتقدم القراءات الحالية رونالدو في صورة الأكثر تعرضا للغارات، وكبار المدربين والخبراء الفنيين استهوتهم اللعبة ودخلوا دائرة التصويت واستعراض المزايا كل من زاويته الخاصة.. لنكون بالتالي أمام مظهر قلما يتكرر في الكرة العالمية بصراع في غاية الشراسة بين لاعبين من أكثر الفريقين شعبية على مستوى العالم الريال الأغنى والأكثر تتويجا والبارصا وصيفتها. صحافة المعسكرين الإسبانية يروقها الوضع وما إن تصبح النار رمادا حتى تعود لإضرامها، دون بالون وضعت كاريكاتور لرونالدو ومورينيو وهما يغرقان في حساء يشربه الكاطالان باعتبارهما «ملح الحسوة»، والآس صاغت بالمقابل صورة اختزلت ميسي في «بورتكلي» حاملة مفاتيح بجانب رونالدو الممشوق القوام وكل يغني على ليلاه. تقابل ميسي ورونالدو لحد اللحظة في 6 مواجهات إنتهت 5 منها لصالح ميسي، وأمام رونالدو الموهوب والأغلى في العالم فرصة ذهبية لتأكيد علو كعبه هناك إياب الكلاسيكو بمدريد ونهاية كأس الملك بعدها بأربعة أيام، والنقاد يتنبأون في الموسم الإستثنائي هذا بمواجهتين في عصبة الأبطال الأوروبية «وعند الفورة يبان لحساب»، بل هذه المواعيد تترقبها «فرانس فوتبول» ومن الآن لتكفر عن ذنب التوشيح الأخير الذي أفقدها جزءا كبيرا من مصداقية صنعتها بحيادية وإجماع في ماضي التصنيفات.. هذا بعض من كل وهذا سر من أسرار إقبال جمهور الفيسبوك على مشاهدة لقاء الأرجنتين بالبرتغال، بل هذا واحد من التفسيرات لإرتداء نصف الشباب المغربي لقميصي رونالدو وميسي على حساب قميصي الشماخ وحجي.. هي المتعة التي لا جنس لها وهو العشق الذي لا حدود جغرافية تكبح جماحه..