صراع الجبابرة والأرقام الفلكية والرؤوس المقطوعة كلاسيكو آخر من كلاسيكوهات القرن بين عملاقي الكرة الإسبانية، وككل مرة صدام الجبارين يتزامن واحتلالهما لمرتبة الزعيم ووصيفه في سياق لعبة القط والفأر الشهيرة· الريال بمجرات نجومه يحط الرحال بالمقاطعة الكاطالونية للقاء غريم أزلي الفوز عليه يساوي اللقب أحيانا والبارصا ما زالت تنتشي بحلاوة السداسية بقلب نيو كامب وتريد إذلال الملوك بنصر يرفعها لأعالي الليغا· قراءة في مواجهة ليست كمثيلاتها حيث الإثارة والحسابات· ساعتان من السلم العالمي ملياران من المشاهدين عبر أرجاء العالم عاينوا آخر كلاسيكو الموسم الماضي بقلب بيرنابيو حين دك الكاطلان حصون الريال بسداسية مع الرأفة في لقاء تحكمت فيه اعتبارات ومؤثرات شتى· ونفس العدد مرشح لأن يتكرر في الصدام الناري هذه السنة وأكثر بعض الشيء، وعلى امتداد فصول المواجهة ينجح الغريمان في المساهمة في السلم العالمي وفي التحكم الملفت للنظر في بؤر التوتر وساحات المعارك والإقتتال بشتى صنوفها· لأنه لقاء لا يحصر مريديه في فئة دون غيرها بل يجذب الكل والجميع وبمختلف الأطياف والفصائل· ولتتوقف الحروب لفترة في انتظار إسدال الستارة على وقائع مواجهة أظهرت الإحصاءات أن عدد مشاهديها يفوقون العدد الذي يتابع نهائي كأس العالم· لقاء يبث وتقدر قيمته المالية بأكثر من 36 مليار سنتيم والقيمة الإجمالية للاعبين الذين يؤثثونه تناهز مليار دولار بإحتساب الشرط الجزائي لفسخ تعاقدات اللاعبين الكبار الذين يضمهم كل طرف خاصة (كريستيانو وميسي)، إذن هي مواصفات مباراة خارج تصنيفات اللقاءات التقليدية وتحاكي لقاءات الخيال العلمي بما يميزها من سيناريوهات إثارة وحسابات تحاذي أحيانا التفاصيل الضيقة لعمالقة الشطرنج غير المسموح فيها بالخطأ لأحد الخصوم والذي عادة ما يكون مكلفا، بل قد يطال رأس صاحبه ويجعلها في خبر كان، ذلكم هو كلاسيكو الإسبان بعناوينه المثيرة· فرصة بليغريني وعبقرية بيبي شاءت تفاصيل الدورة 11 من دوري الليغا أن تغير العديد من المعطيات دورة فقط قبل الصدام المجنون بين الكبيرين بعد أن منحت لأول مرة منذ الموسم الماضي صدارة انفرادية للريال على حساب البارصا الذي أتى على الأخضر واليابس منذ تتويجه بالثلاثية التاريخية· التعادل الثالث أمام بلباو في آخر 6 مباريات لبرشلونة كرس منحى التراجع لفريق قيل أنه لا يقهر وأجمع النقاد على أنه توليفة تقارن بفريق أحلام كرويف يقابله عودة ملوك الريال الموفقة بتحقيقهم لثلاث انتصارات على التوالي (خيطافي أتلتيكو مدريد وصنطندير) فربحوا المسافة التي كانت تفصلهم عن أمراء كاطالونيا الذين كانوا يراهنون على محطة الكلاسيكو لتحقيق هروبهم الكبير وتوسيع الهوة عن ألذ الغرماء· مانويل بليغريني الشيلي الذي اقترب أو شارف بالكاد مقصلة الإعدام بعد الخروج الصاغر أمام ضاحية كوركون وعاد ليزيد في أمد الجلوس بدكة بدلاء فريق القرن ما زال لم يطمئن على مصيره أمام هبات النتائج السلبية وسياط إعلام مدريد الذي يحيله لعطالة ظرفية وانكسار أجنحة الملوك في نيو كامب كفيلة بأن تجبر الغول بيريز على وضع مشاعره في ثلاجة وتسريح مانويل، بالمقابل بيبي معبود الكاطالانيين في اختبار حقيقي لتأكيد ألمعيته كوجه صاعد بأسهم مرتفعة في عالم التدريب نزال كفيل بإعادة نجومه لحيث موقعهم الطبيعي على رأس أحداث الليغا، ما يجعل تطاحن المدربين، وجعل مصيرهما ولو أن مصير بيبي ليس مرتبطا بنتيجة النزال موضوعا على كف عفريت في لقاء عادة ما كان سببا في مآسي وجوه ورفع أخرى فوق هودج التهليل· ميسي الألماسي ورونالدو العجيب ينفرد برشلونة إذن بكونه الوحيد الذي يظل سجله خاليا من الهزائم إلى حدود جولة ما قبل الكلاسيكو وأرقام العملاقين تحيل إلى تشابه في النهج والسيرة فازت برشلونة في (8 مباريات وتعادلت في 3) سجل خط هجومها 29 هدفا واستقبلت شباكها 8 أهداف في حين الملكي في صورته التقريبية أرقامه تنطق بتعافي جسده برغم ما يثار ويقال باللاإقناع الذي لا يستند إلى حقائق الإحصاءات (فاز في 9 مباريات تعادل في إثنين وخسارة أندلسية وحيدة) سجل 27 هدفا ودخلت شباك كاسياس 8 أهداف، وبهذا نكون في صدام منطقي بين أقوى خطي هجوم ودفاع بالبطولة الإسبانية، حصيلة ساهمت فيها مجرة نجوم ناديين يضمان اللفيف الأكثر جاذبية فوق سطح الأرض، وأفضل من غازلت أقدامهم الكرة، ولكن كانت برشلونة تعيش كوابيس أنفلونزا خنزيرية ضربت (توري وأبيدال) ومعها أنفلونزا إصابات صادرت إبرا وماركيز واللؤلؤة ميسي، فإن الريال سيسعد بعودة جوهرته الفريدة كريستيانو رونالدو، وأكثر ما سيأسر العالم هو مشاهدة فاصل الأداء لتقييم الأجدر والأحق بوشاح الأفضل فوق سطح البسيطة، أرجنتيني حركي ودينامي يعيش كوابيس تراجع الأداء واللاعرفان بخوارق الأمس القريب ورونالدو الفتى الأعجوبة الذي يطارده سحر الكهنة ولعنة إصابة لم يألفها فيما مضى، سيتسنى حتى لرجال الفيفا رصد عبقرية أفضل لاعبين تتضارب وتختلف الأراء عالميا في الراهن لإختيار أحدهما، فبقدر ما سيكون ليونيل مستأنسا بأجواء الكلاسيكو سينازل كريستيانو هذه المرة ليس بقميص المانيو ولكن بأحاسيس عشاق الميرنگي ومع هذين الفذين سيعيش كل من راموس من الريال وألفيس من برشلونة ليلة فيها من المحن والكوابيس ما يؤرق البال ويقض المضجع· سجالات الرعب وأرقام الفلك بين سعي برشلونة إذن لتصحيح الصورة والعودة للصدارة مجددا قبل أن تخرج لريازور لملاقاة الديبور وقبلها ستكون قد خرجت من معمعة ووصل مورينيو السليط ومعركة الأنتر، ورغبة الريال في استعادة كبرياء خدشته سداسية البرنابيو ولو بالضرب في معقل نيو كامب وحينها سيكون انتصار السنة بكل المقاييس باعتبار المضاعفات التي تصل ل 7 درجات على سلم ريشتر التي يخلفها وقع الإندحار في موعد كهذا· بين كاسياس والخطير إبرا أو حتى القشاش هنري كما سمته الماركا سيعود شبح إيطو ليفرض وجوده على أفضل حارس في العالم، وسيكون لاس ديارا موضوعا في اختبار حقيقي لقياس قدرات النباهة لديه وهو يواجه شيطاني خط الوسط والتيرمومتر الكاطلاني (شافي وأنيسطا) كما سيجتاز سيفرنسكي امتحان الصمود أمام عبقري يدعى كاكا ومعه البرازيلي ألفيس لصد رونالدو وبويول في صراعه مع بنزيمة وليبقى ألبيول وراموس وبالتناوب موضوعان فوق فوهة بركانية يزيد من غليان جمرها ميسي وحتى هنري· بهذه السجالات لا يمكن للكلاسيكو 157 الذي تبتسم أرقامه للملكي ب 70 إلا أن يكون موعودا مع إثارة بلا حدود وبفواصل رعب لامنتهية قد تزيد من درجة الحدة فيها الأرقام الفلكية لنجوم من كوكب آخر غير معذورون إن هم أخلفوا وعدهم مع الفرجة التي يتطلع لها كل العالم·