سيكون من العبث أن نعيد الأسطوانة التي حفظناها عن ظهر قلب حول المشاكل التي جعلت المنتخب المغربي يظهر بمستوى متقزز، ليس فقط في مواجهة الكامرون ولكن على طول التصفيات من بابها إلى محرابها، فمنذ مباراة الغابون عن الجولة الأولى من التصفيات أكد الجميع أن هناك أشياءا ليست على ما يرام في عرين الأسود، وأن المنتخب المغربي ليس في أفضل حالاته، وأخيرا أن لاعبي المنتخب الوطني يفتقدون للأسلحة لمقارعة الخصوم· فمنذ تلك الفترة تعالت أصوات المحللين ووسائل الإعلام والجمهور لوقف نزيف المشاكل التي طالت عرين الأسود، لكن لا حياة لمن تنادي، حيث استمر المنتخب المغربي في الغرق نحو القاع حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن من مستوى، فكانت مواجهة قمة الذل والهوان أمام الكامرون خدشت كبرياء المغاربة وكرتنا ككل· صحيح أننا دخلنا اليوم في أزمة خانقة، حيث المنتخب المغربي عاش أحوالا متقلبة وسجل نتائج مستفزة لأسباب مختلفة ومتنوعة سيكون ضياعا للوقت ونوعا من الإجحاف أن نعددها أو نحصيها على كثرتها، وسيكون الجنون بعينه أن نعود لنتصفح سجل المرحلة السابقة، فهو إن كان مليئا بالكبوات والإخفاقات والمشاكل والأزمات فمن الضروري طي صفحته وتذويبه إلى ما لا نهاية بنقاطه السوداء وعثراته المذلة، ما دام البكاء على اللبن المسكوب لن يجدي ولن يغير شيئا، بل سيزيد من الجراح العميقة· صحيح أن الكبواب والإخفاقات جزء من الحياة، وعندما يخفق المرء فلابد هنا أن يستحضر العقل ويمنح لنفسه الفرصة لمعالجة المشاكل بعقلانية وباحترافية، وباستخلاص أيضا الدروس والعبر من الماضي، فما عاشته الكرة المغربية في التصفيات المزدوجة لكأسي العالم وأمم إفريقيا، بل المراحل التي سبقت التصفيات أصبحت جزءا من الماضي وصفحة لا بد أن تطوى، فبدل أن نبعثر أوراق مباراة الكامرون أو ما قبلها من المباريات المهزلة ونخيئ جراحها ونسلخ جلد الأسود، مطالبون اليوم بدخول عهد جديد وبنظرة جديدة لحال كرتنا ومعالجة مشاكلها بالشكل الذي سيرفعها من كل أشكال الهواية وكذا القرارات الترقيعية والمؤقتة، سننتظر من جامعة الكرة الجديدة دورها الحقيقي والمهام التي أتت من أجلها، سننتظر منها الإستراتيجية الجديدة التي ستراهن عليها والأوراش التي خططت لها والبرامج والمشاريع التي وضعتها والآليات الجديدة التي ستشتغل بها· الجمهور المغربي اليوم يعلق كل الآمال على جامعة علي الفاسي الفهري، لأنه لم يعد لديهم قشة يتشبتون بها ولا أمل لتعود البسمة من جديد·· والجمهور المغربي سيكون علي حق إن هو راهن على جامعة الكرة الجديدة·· لقد استنفذ كل الحلول والآمال والأحلام كون كرة القدم ستعود إلى سابق عهدها، ولأنه أيضا يثق في البرامج التي وضعتها الجامعة وفي الوعود التي قطعت على نفسها منذ أن أنيطت لها مسؤولية تدبير الشأن الكروي العام· صحيح أن هناك مجموعة من الأوراش تنتظر رئيس الجامعة وصحيح أن النتائج لن تأتي بين عشية وضحاها، وأخيرا صحيح أن العمل الذي ينتظر القائمون على كرتنا لن يكون سهلا ولا طريقه مفروشا بالورود، لكن الأمل لا بد أن يتملكنا ونحن مجبرون في هذه الفترة أن نتشبت به، فعند الأزمات يظهر الأبطال ويكبر الرجال، وعلينا كلنا أن نكبر مع هذه الأزمات حتى ننجح في إستعادة توهج كرتنا الضائع بالعقل بدل أن نبكي على الماضي أو ننهش في لحم أسود ماتوا منذ وقت طويل في انتظار صحوتهم، إيمانا بأن الضرب في الميت حرام·