لنتحدى الإعاقة كان من الممكن أن نربط على قلوبنا، أن نغالب الشك ونقمع ما تكوم فينا من تشاؤم ونحن نقبل على مباراة كوت ديفوار يوم السبت، لندفع الأسود إلى إستحضار روحهم البطولية بحثا عن نقاط ثلاث لا مناص منها، لو لم تكن مباراة غامبيا هناك بكابو قد عرت على أوجه قصور كثيرة تكتيكية واستراتيجية للمدرب والناخب العالمي إريك غيرتس.. لو كان الأمر يتعلق بإعاقة تسبب فيها المناخ والمحيط والأرضية السيئة لملعب الإستقلال وإجهاض الحكم لضربة جزاء وهدف مشروع لهان الأمر ولقلنا أن الأسود سيكون بمقدورهم أن يخفوا كل هذه التشوهات وهم يلاقون فيلة الكوت ديفوار، ولكن أن تكون الإعاقة تكتيكية سببها هذا التخبط الغريب للمدرب غيرتس الذي صدمنا جميعا بإرتعاشة التشكيلة وبوهن الشاكلة، فهذا ما يصعب معه أن نستمر في الكذب على أنفسنا.. هل فقد الفريق الوطني بتعادله في غامبيا كل الحظوظ للظفر بصدارة المجموعة التي من دونها لا يمكن أن يلاحق الخيط الأخير الموصل لنهائيات كأس العالم؟ أبدا.. أنا لم أقل ذلك وغيري لن يقول بذلك، لأنه حتى بفرض أننا لم نفز هذا السبت على كوت ديفوار بمراكش فإن حظوظ الفريق الوطني في تصدر المجموعة (ج) ستظل قائمة حسابيا ومنطقيا.. هل يعجز ما يعيشه الفريق الوطني من إرتباك وتخبط الأسود عن هزم فيلة الكوت ديفوار؟ هذا هو ما يظنه الكثيرون، فقد كان منتظرا أن يطوي غيرتس كل صحائف الحزن والإرتباك ويقدم الفريق الوطني خلال مباراة غامبيا هناك بباكو بصورة الفريق المتعافي والمتوازن والمتطابق، فجاءنا للأسف بصورة ممسوخة، بهيكل متآكل، بتشكيل أعرج وبتدبير تكتيكي دال على أن الرجل لا يستطيع أن يتجاوز فكريا المدى الذي وصل إليه، لا يستطيع أن يكون هو المدرب العالمي الذي بشر به من قرروا الإستنجاد به في سيناريو مضحك وبقيمة مالية كسرت الأرقام والأضلع وأصابتنا جميعا بالهلع. وبرغم طبع التفاؤل الذي تطبعت به، فما حدث أن سمحت للإحباط أن يصيبني بالتشاؤم والفريق الوطني مقبل على معركة رياضية وازنة واستراتيجية، إلا أنني إزاء ما رأيته مجسدا في أداء الفريق الوطني أمام غامبيا، وإزاء ما سمعته من ردات فعل لغيرتس لرأب صدع تقني وتكتيكي خطير، لا أستطيع أن أكون متفائلا بالقدر الذي يوصلني إلى درجة الوهم، فقد توصلت كما الكثيرين إلى أن غيرتس بعد أشهر من المواربة ومن التجمل قدم نفسه بالواضح على أنه ليس رجل المرحلة وعلى أنه ليس ذاك المدرب العالمي الذي بشر به أصحاب القرار، وحرام أن نبقيه مدربا وناخبا وطنيا لأن في ذلك مضرة ومجلبة لمزيد من القلق حتى لا أقول مجلبة للعار.. وأظنكم سمعتم مثلي عن محاولات لجلب كل من مروان الشماخ ويوسف حجي للإستنجاد بهما خلال مباراة كوت ديفوار بعد الذي كان من فضح لهزالة ورداءة الإختيارات خلال مباراة غامبيا، مروان الشماخ ويوسف حجي اللذين قال غيرتس أنه لم يناد عليهما لأنهما فاقدين للتنافسية والتنافسية هي أساس ومبدأ أي إختيار. فكيف يعود للمناداة عليهما، إن كان الأمر صحيحا، وقد أدرك الرجلان أنه لم يعد مرغوبا فيهما وخطط كل منهما لإجازته تحسبا لموسم كروي قادم.. هذا التناقض الغريب والسافر في الأحكام والذي يأتي من إستعداد غيرتس للتنازل عن مبادئ من أجلها يموت مدربون وازنون، يعبر في واقع الأمر عن شخص وفكر غيرتس الذي بدأ ذات وقت عصيا على الفهم، غير قابل للتنازلات وانتهى إلى هذا الإنتكاص الغريب.. إنتكاص وتراجع وتنازل لا أستطيع أن أقبل بكل مبرراته مهما كانت موضوعية، أنا من كان يلح في الإبقاء على غيرتس بعد الكأس الإفريقية الكارتية لأسود الأطلس بالغابون لحساسية المرحلة ودقتها وإستحضارا لثقافة الإستقرار التي كنا نرفضها دائما، وأكثر من هذا وذاك لاعتقادي الجازم بأن غيرتس إستخلص الدروس والعبر وفهم جيدا محيطه الكروي وأصبح مؤهلا لأن يتصرف بإيجابية في رسم الطريق الجديدة، الإيجابية التي لا تعني التنازل عن أساس ومقوم الشخصية التقنية.. صدقا أتمنى أن يأتي الفريق الوطني في ظل هذا التخبط التقني الفظيع بروح إنتصارية تساعده على هزم كوت ديفوار في موقعة يوم السبت، وعلينا جميعا نقادا وجماهير وإعلاميين أن نتسلح بهذه الثقة وبهذه الروح وندفع عناصرنا الوطنية لأن تغالب ظروفها وتصنع فرح الفوز، ولكن ما من شيء يقنعني بأن الفريق الوطني لا يحتاج إلى التغيير، ولا يحتاج إلى العودة مجددا إلى الإطار التقني الوطني الذي ظلمناه بعمد أو بغير عمد وهو الذي لم يكن يكلفنا عشر ما يكلفنا إريك غيرتس..