الأولى لبنعبيشة بقراءة عامة للفوز الكاسح للمنتخب الوطني لأقل من 20 عاما على نظيره الموريتاني وبخماسية جميلة ترجمها العمل الإستراتيجي للإطار حسن بنعبيشة، يظهر الفوز بدلالاته الخاصة كشفا صريحا لمدة التحضير التي دامت سنة ونصف وبمجوع لقاءات ودية ودوريات أخرى دولية في مقامها العربي والإفريقي، كما يظهر ذلك كَشْفًا آخر للإطار حسن بنعبيشة حين صرح لي في آخر مرة أنه كان يرى ويرغب في أن يظهر أسطوله في اللقاءات الرسمية ليتعرف أكثر عن ذروة ذات العطاء الذي استجمعه وقدمه فريقه في أكثر المباريات الدولية الودية حتى يتأكد من إيجابية العمل المستمر وقدرة هذا الجيل على استثمار مؤهلاته الفنية والجماعية والإحترافية ليكون في مستوى الإنتظارات المقبلة.. وأعرف أيضا أن حسن بنعبيشة هيأ الحدث أمام موريتانيا بقراءاته الخاصة للخصم على أنه فريق مكشوف من خلال دوري كأس إتحاد شمال إفريقيا والذي حاز من خلاله على وصيف الدورة بالجزائر مؤخرا.. وربما كان لحضور المنتخب الوطني في هذه الدورة مؤشرا إيجابيا أولا من حيث ربح مسار التحضيرات على نحو جيد، وثانيا لمواكبة الإطار الفني بنعبيشة في قراءة نهج وأداء ونقط القوة والضعف لدى المنتخب الموريتاني كنقطة مُعَبّر عنها دائما في المواجهات الخاصة، أي عندما تقرأ خصمك جيدا. يَسْهُل عليك العمل في البحث عن طرق الفوز بالخاصية والنهج التكتيكي معا، وهذا ما كنت وما زلت أنبه عليه الأطراف التي تدرب المنتخبات الوطنية، وحتى الأطر الأجنبية التي تسهر على الأندية الوطنية في الكؤوس القارية وبخاصة الإطار الفرنسي بيرتران مارشان الذي فشل في قراءة خصمه شيلسي الغاني بغانا في إطار الخماسية التي حصدها هناك بدون قراءات جوهرية للخصم. وعندما توصل بنعبيشة إلى اكتساح خصمه الموريتاني، تبنى قراءته لأدائه على أنقاش خصمه المعروف بالجزائر كقوة مجهولة حصلت على فضية الدورة بالجزائر وعرف كيف يمتص ذهابه بالإرتياح المطلوب للعب مباراة العودة بإقناع رسمي آخر ينضاف إلى أرجل المنتخب بإرادة أخرى يراد منها اكتشاف هذا الجيل أول خرجاته الرسمية بالقارة السمراء، وهذا ما نجح فيه بنعبيشة مبدئيا انطلاقا من روح العمل الذي آمن به لتهييء جيل يتأسس من صلب الأندية ومن نتائج أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، في انتظار صراع آخر ينتظره أمام المنتخب الغامبي في ثاني الأدوار الإقصائية الإفريقية بعد موريتانيا وقبل هذا النزال المرتقب (وبنسبة مائوية عالية سيؤهل المغرب إلى الدور الثاني) من المفروض أن يكون بنعبيشة قد قرأ للمرة الثالثة خصمه الموريتاني في أول نزال رسمي مع أنه شاهده بالجزائر في مبارتين، ومن المفروض أن يراهن للحفاظ على فوزه المريح، ويهيء لذات الموقعة بحس النصر حتى يتعلم هذا الجيل إمكانية الفوز خارج أرضه من الآن وتدريجيا بعد صعوده إلى الفئات العمرية المقبلة للمنتخبات. ومن المفروض أن يتوجه إختياريا إلى وجوه مغربية بالأندية الأوروبية كدعم مشروط وإضافة محترفة ومكونة في قاعدتها الإحترافية لتدعيم المنتخب أولا، وتقريب ذات الوجوه من طبيعة الكرة الإفريقية إحتكاكيا بذات الإيمان الذي يرى فيه المدير التقني جون بيير مورلان عندما أكد على ضرورة إختيار الوجوه المغربية من أوروبا في سنها الإحترافي المبكر حتى تحتك أكثر بالطقوس الإفريقية مقارنة مع الإشكالية المعقدة التي تحدث بالمنتخب الأول عندما ينادى على وجوه جديدة هي بحاجة إلى التأقلم العام مع المجموعة لمدة أطول والعكس صحيح عندما يحدث الآن من القاعدة ومع المنتخب الأولمبي مثلا، لكن الأفضل في نظر جون بيير مورلان أن يكون وضع اللاعب المحترف بالخارج من القاعدة الصغرى حسب الفئات العمرية. وأعرف أن حسن بنعبيشة لديه أسماء معينة بأوروبا وبخاصة من فرنسا للإنضمام إلى منتخب الشباب لتزكية وتقوية الرصيد البشري وهو ما صرح به أيضا لأنه يعرف مكامن ضعف بعض الأدوار داخل المجموعة ويرى في المباريات القادمة صراعا كبيرا يجب التعامل معها بالصرامة اللائقة أولا أمام غامبيا (بعد تجاوز موريتانيا) وأخيرا أمام غانا كخصم أخير فيما لو تجاوز المغاربة كلا من موريتانيا وغامبيا، ما يعني أن طريق التأهل نحو الجزائر لنهائيات كأس إفريقيا 2013 غير مفروش بالورود، بل محمول بأسئلة غامضة خاصة أمام مواجهة غامبيا فيما لو قيل عنها أيضا أنها تلعب بوجوه مغشوشة سنيا، لذلك يعرف بنعبيشة أن المرور أولا إلى الدور الثاني يجب أن تتحكم فيه إرادة ورغبة اللاعبين نحو التأهل وهو ما يحصل الآن بنسبة عالية، وثانيا مناقشة المنتخب الغامبي كطرف ثان لا بد من التوصل إلي معلوماته الدقيقة بالمتابعة الودية وكل أخباره من قلب غامبيا وبالطرق التي تسهل عليه معرفة خبايا جيله الجديد. وكل هذه المعطيات الدقيقة تضع حسن بنعبيشة أمام مسار شبه ماراطوني بعد تجاوز موريتانيا إيابا، أي مسار مقروء بتحضيرات مغايرة قياسا مع إجراء لقاء الذهاب هنا بالمغرب أمام غامبيا في الأسبوع الأول من شهر رمضان، وبعده بأسبوعين بغامبيا في عز الشهر الكريم.