بدأت الأندية من الآن تحصي ما جنته من الدورات الثلاث التي مرت إعمالا بمنطق التصدي المبكر لكل ما يمكن أن يؤثر سلبا على مسار الفريق أو يدخله دائرة الغرق، صحيح أن الجولات الأولى لا تكون عادة نافذة حقيقية للإطلالة على مستوى الفريق وصورته الحقيقية، خاصة أن البطولة تحفل بالعديد من الدورات المتبقية والكفيلة بتحديد مسار الفريق، لكن قد تكون هذه الجولات عبارة عن مرشد ومؤشر يمنح على الأقل فكرة ولو مصغرة على الأداء والمستوى، فكثيرة هي الأندية التي توقع على انطلاقة قوية لكنها تكون في الأخير خادعة لأن النهاية تكون غير سعيدة، وقد يحصل العكس، حيث تتكالب على النتائج السلبية مع بداية الموسم، لكنه يستطيع الخروج منها لينهي الموسم على إيقاع النتائج الإيجابية· بيد أن هناك من الفرق التي لم تعودنا مثل هذه الإنطلاقات المخيبة والأكثر من ذلك الأداء المتواضع، وأعني بذلك الجيش الملكي الذي نعده من السواعد الكبرى للكرة المغربية وواحد من أقطابها وسفرائها المميزين، صحيح أن الفريق العسكري فقد مع الإنطلاقة بوصلته وأثار جملة من علامات الإستفهام حول مستقبله، ليس لأنه سجل نتائج سلبية، فالهزائم تبقى جزء من اللعبة وليس عيبا أن يتكبد فريق ما الهزيمة، فلكل جواد كبوة والطيور على أشكالها تقع، ولكن وكما قلت المستوى الذي قدم في المباريات الثلاث والمشاكل الداخلية التي يعاني منها وخاصة على مستوى الإنضباط والجدية هما ما أثار الإنتباه· صحيح أن ما قدمه الجيش من أداء في المباريات، لا يبشر بالخير ويعطي الإنطباع أن الفريق العسكري فقد الشيء الكثير من إمكانياته وبات مثل العملاق المريض الذي به أعراض الوهن والضعف، واستعصى عليه التصدي لها مبكرا، فعندما تعود إلى آخر مباراة للجيش أمام الكوكب المراكشي سيتأكد لنا مدى التراجع الذي ضرب أطناب القلعة العسكرية، وإلى أي حال من الأحوال بلغ هذا الفريق، صفوف مشتتة وعروض مستفزة ولاعبون في المنفى بلا حماس ولا عزيمة ولا إصرار، ومستوى جماعي بلا مذاق، وكأني بفريق مهزوز الأركان بلا هوية تقنية، لدرجة أن جمهور الفريق وعشاقه وضعوا أيديهم على قلوبهم خشية افتقاده المناعة والأسلحة ليستعيد توازنه، بل منهم من اعتبر أن هذا المستوى إنما طريق يقود نحو الهاوية والنزول إلى الدرجة الثانية· وحتى لا نغالط أنفسنا، أرى أنه سيكون من العبث أن نقدم مرة أخرى المدرب البلجيكي والتر ماوس كقربان وكهدية للجمهور الثائر على نتائج الفريق وشماعة لتعليق إخفاق الفريق العسكري، برأيي أن مشكل الجيش هو أكبر من المدرب أو المستوى التقني، فعندما نعود إلى انتدابات الفريق سنجد أن هذا الجانب عرف خصاصا كبيرا ولم يكن مقنعا ولا متوازنا مقارنة، بما أقدمت عليه الأندية المغربية التي تلعب أدوارا على اللقب أو حتى التي تراهن على احتلال الصفوف الأمامية، الجيش عندما يتخلى عن مهاجميه مصطفى العلاوي ويوسف قديوي أخطأ وهو يهمل ملاء هذه الجبهة بمهاجمين وازنين قادرين على سد هذا الفراغ، فكان أن ظهر هذا النقص في المباريات الثلاث، حيث يعول الجيش في الهجوم على لاعبين يفتقدون إلى التنافسية (وادوش) أو لم يقووا على تحمل المسؤولية (مرزوق، الباسل)، نعود أيضا إلى الدربكة التي يعيشها الفريق العسكري، حيث يغيب الإنضباط الذي يعد أحد أسرار نجاح هذا الفريق، فتمرد اللاعبين الذي يعيش على إيقاعها تجسد خطورة الوضع على غرار ما فعله وادوش والراقي ومديحي وفلاح والإنفلاتات التي باتت عنوانا بارزا داخل القلعة العسكرية، فعندما لا يتخذ المسؤولون قرارات حازمة في حق المتمردين والخارجين عن النص، أكيد أن الفريق سيفقد توازنه والنتائج الإيجابية ستتخاصمه، أمام هذا الوضع على إدارة الجيش أن تناقش وضع الفريق بعقلانية وأن تتصدى لمجموعة من الملفات الخاصة بالإنضباط وعلاقة اللاعبين والإنتدابات المستقبلية، فمشكل الجيش أكبر من تغيير المدرب·