لا أدري ماذا يمكن أن يقترفه مدرب ما من ذنب عندما يجد نفسه مقالا وفي الآوت بعد مرور دورتين على إنطلاق البطولة، المشهد حدث في بطولة وطنية نمني النفس ونرفع الأكف إلى السماء في هذه الأيام الكريمة من شهر رمضان ليأتي يوم طلوع هلال احترافها وتطليقها هواية نخرت جسدها لسنوات ووجدت نفسها تائهة في نفق مظلم· عبد الرحيم طاليب مدرب المغرب التطواني أول ضحايا البطولة بعدما طالته مقصلة الإقالة بعد المواجهة التي تألق فيها فريقه أمام الجيش·· صحيح أن أسماء أخرى آيلة للإقالة لا محالة، وكل المدربين يضعون دائما في حسبانهم هذا اليوم، رافعين شعار أن دوام الحال من المحال، وأن المدرب يكون مثل كبش الفداء والشماعة التي تعلق عليها إخفاقات الفريق و القربان الأول الذي يقدم للجماهير عندما يتأجج غضبها·· بيد أن حالة عبد الرحيم طاليب تبقى في الواقع جد مثيرة للجدل، ولا تنم للواقع الكروي الذي نحلم لبلوغه، واقع خال من التدبير الهاوي والإرتجالي والمؤسس على العقلانية والإحترافية، في الواقع لا أدري أي الأسباب التي احتكم لها مسؤولو المغرب التطواني لإقالة مدرب بالكاد بدأ يرتب أوراق موسمه الجديد، ويضع أولى الأفكار على فريقه بعد اختبارين أمام أولمبيك أسفي والجيش، فنتيجة التعادل التي سجل المغرب التطواني أمام الجيش بدت جد إيجابية، بل كادت أن تتحول إلى ثلاث نقاط لو احتسب حكم المباراة هدفا مشروعا، مع العلم أن الفريق التطواني دخل محروما من عدة عناصر وازنة·· تؤكد هذه الإقالة المستفزة وغير المسؤولة أن نية مبيتة كانت متجهة للتخلي عن طاليب حتى وهو يحقق أفضل النتائج، فحتى المستوى الجيد الذي أبصم عليه عبد الرحيم طاليب مع فريقه في الموسم الماضي لم يشفع له أن يسد أفواه معارضيه وهواة التشويش، طاليب كان يعلم بالطفيليات التي تهوى الإصطياد في الماء العكر والتي كانت تترصده عندما أكد أن هناك من يسعى لوضع العصا في عجلة عمله· رأى مسؤولو المغرب التطواني أن تودوروف هو رجل المرحلة والكفيل بالتحليق بحمامة تطوان نحو المجد الذي يتوق له المسيرون، لكن ما لا يعرفه هؤلاء المسيرين أن المجد لا يمكن أن يتحقق بتغيير مدرب حقق نتائج جيدة واستقدام مدرب أكد فشله في التجارب الأخيرة، وصلاحيته قد انتهت ولم يعد يحمل من المدرب إلا الإسم، ولربما أطماع المسؤولين قد كبرت بعد تعاقدهم مع "الأسماء الرنانة" من اللاعبين، وبالتالي لم يعد عبد الرحيم طاليب برأيهم يوازي طموحات الفريق وتطلعاته· نحن من تعالت أصواتنا في بطولتنا الوطنية بمنح الفرص الكاملة لأطرنا الوطنية بحمايتهم من نزوات المسيرين وبالدفاع عن حقوقهم المعنوية·· تطلع علينا الدورة الثانية بحادث يؤكد أن زمن احترام كفاءة مدربينا لم يأت بعد، وأننا المسيرين ما زالوا ينظرون للمدرب نظرة استصغار، وما الطريقة التي أقيل بها عبد الرحيم طاليب إلا دليل على الوضع غير الطبيعي الذي يعيشه المدربون المحليون في خارطة الكرة المغربية، والمسيرون هم بحاجة لمزيد من الدروس لتعلم كيف ومتى نقيل المدرب، وكيف نحترم الكفاءات الوطنية، ومن يدري لربما لعنة طاليب قد تطارد المغرب التطواني، وهو الذي اشتكى من ظلم ذوي القربى المفروض ألا يستصغروا مدربي أبناء جلدتهم·