الصفقة الذهبية لدوكاسطيل إذا كان منطقيا أن تختصر لائحة 23 لاعبا الذين سماهم الإتحاد الدولي لكرة القدم ومجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية للمنافسة على جائزة الكرة الذهبية لسنة 2011 إلى ثلاثة لاعبين هم ليونيل ميسي أسطورة برشلونة الحاصل على الجائزة سنتي 2009 و2010، والإسباني كزافي هيرنانديز العقل المدبر لبرشلونة الكوني والبرتغالي كريستيانو رونالدو نجم نادي ريال مدريد، فإن المنطق قد لا يحضر اليوم في تسمية المتوج بلقب أفضل لاعب كرة قدم للسنة، لأن الثلاثة بأسهم عالية وبدرجات إستحقاق ليس بينها تفاوت كبير، ما يعني أن إعلان أي منهم فائزا بجائزة الكرة الذهبية سيصيب الآخرين بظلم كبير.. "المنتخب" التي تتشرف بعضويتها منذ سنوات في لجنة التحكيم الدولية من خلال الزميل مصطفى بدري كان لها منطقها في ترتيب هذا الثالوث الساحر، وهو منطق قد يتفق وقد يختلف معه من هم بالعشرات في قائمة لجنة التحكيم.. وضعت "المنتخب" نجم نادي برشلونة كزافي هيرنانديز في المركز الأول، واستندت في إعطاء مايسترو الفريق الكوني الأفضلية على ما يضيفه الرجل من روحه ومن إبداعه ومن قوة شخصيته على فلسفة برشلونة وعلى البعد الأنطولوجي الذي يتسم به أداء منتخب إسبانيا، قد لا يكون كزافي هيرنانديز متعاقدا بانتظام مع الأهداف، ولكنه مرتبط بعقد أزلي مع صناعة الأهداف ومع ضبط الإيقاعات وأيضا مع تحديد هذا الملمح الأسطوري الذي يميز أداء برشلونة ومنتخب إسبانيا. وفي المركز الثاني وضعنا ليونيل ميسي الذي واصل سنة 2011 عزفه المنفرد، عندما صاغ تحديدا بقميص برشلونة إليادات كروية غاية في الروعة فأنتج ذلك إكتساحا من طينة جديدة لفرسان البلوغرانا الذين فازوا سنة 2011 بخمسة ألقاب، برغم أن ليونيل ميسي لا يحظى بنفس التوفيق مع منتخبه الأرجنتيني الذي أخلف الموعد مع كوبا أمريكا فترك لقبها لمنتخب الأوروغواي. وفي المركز الثالث وضعنا كريستيانو رونالدو الذي لم تكن سنته مع ريال مدريد بنفس الإعجاز الذي كانت عليه سنة كزافي وميسي مع برشلونة، إلا أنه يحسب له بعد الفوز بكأس ملك إسبانيا بفضل هدف هو ما جعل الريال يقهر برشلونة للمرة الأولى بعد سلسلة من الإنكسارات، أنه حطم كل الأرقام القياسية لريال مدريد وللبطولة الإسبانية بتسجيله 40 هدفا جعلوا منه ملك الهدافين بأوروبا. مؤشرات وقرائن تقول بأن ليونيل ميسي معجزة كرة القدم العصرية سيمنح اليوم جائزة الكرة الذهبية للسنة الثالثة على التوالي ليدخل مصاف العمالقة، وفي ذلك سيكون عزاء كزافي ورونالدو أنهما وجدا في عصر وضعه ميسي في قبضة يده عندما رمى بسحره فجعل القلب يحكم قبل العقل أحيانا.. ---------------- إن لم تبد لنا جميعا إستقالة أو إقالة السويسري دوكاسطيل من تدريب الوداد مباشرة بعد التعادل أمام المغرب الفاسي الأربعاء الماضي في مؤجل عن البطولة الإحترافية مفاجأة، فهل كان إرتباط دوكاسطيل بالترجي الرياضي التونسي المتوج بطلا لأبطال إفريقيا أمرا عاديا؟ ما بين الأمرين لغز يجب أن نفك شفرته، فإما أن يكون الوداد قد ظلم دوكاسطيل عندما ربط ربطا تعسفيا بين تراجع نتائجه وبين كفاءته المهنية وهو أمر غير منطقي، وإما أن يكون مسؤولو الترجي وهم من يحمون حصون واحد من أعتد الأندية قاريا، بل وعالميا سذجا بالإرتباط بمدرب قدم بحسب البعض كشفا بضعف شخصيته وبعدم أهليته لقيادة فريق مرجعي من قيمة الوداد. شخصيا لا أتصور أن يكون مسؤولو الترجي سذجا للدرجة التي نتوهم، برغم أن أستقالة إبنهم نبيل معلول فاجأتهم في هذا الظرف الزمني الدقيق، وبرغم أن تحلل دوكاسطيل من إلتزامه مع الوداد وهو الذي خبر جيدا كرة القدم التونسية ووقف على كثير من خبايا كرة القدم الإفريقية عندما صاحب الوداد في أدق مراحل مشوار عصبة الأبطال قد أعفاهم من البحث المدقق عن مدرب يتطابق مع المرحلة. وبذات القدر أتخوف من أن يكون الوداد قد ظلم دوكاسطيل عندما جعله متهما أول في جنحة الخروج عن النص، في تضييع لقب عصبة الأبطال والخروج من نصف نهائي كأس العرش والسقوط المتكرر في البطولة الإحترافية، أي أنه أسكن كل المواجع والفاجعات في دوكاسطيل وغطى بشكل سمج عن تجاوزات كثيرة حدثت بفعل فاعل فسممت الأجواء وغطت سماء الوداد بسحب الشك والدمار وجعلت محيط القلعة صاخبا يكسر ويدمر كل إرادة للبناء. أنا من عرفت عبد الإله أكرم رئيس الوداد مقلا في الكلام، عملا بحكمة أن السكوت في زمن الضرب تحت الحزام هو من ذهب وليس من فضة تفاجأت أن يصل الرجل في حديثه لقناة "الرياضية" خلال حفل توديع دوكاسطيل إلى درجة من الغليان، بخاصة عندما قال أن المدرب السويسري كان ضحية لمؤامرة، وأنه قرر التصدي بقوة للمشوشين والمخربين الذين إما أنهم ينتصرون لأنانيتهم وإما أنهم يعملون لأجندات همها الوحيد هو تعكير صفو العمل الإحترافي داخل الوداد.. دفعني الفضول لأن أدقق في مواسم الوداد الخمسة الأخيرة لأطمئن إلى ما كنت قد توصلت إليه بالحدس من أن فريقا في قيمة الوداد إما أنه لا يستطيع أن يوجد الحماية الضرورية لأي مشروع تقني يطلقه بجلب هذا المدرب أو ذاك وإما أنه عاجز لغياب عمق تقني عن إيجاد المدرب المناسب. وقد وجدت أن الوداد تعاقد مع 11 مدربا في آخر خمس سنوات وأن أكثر من صمد بين هؤلاء في إدارة الشأن التقني لوداد الأمة هو الزاكي بادو الذي أشرف على الفريق خلال موسم 20082009 بأكمله، ثم واصل الإشراف عليه خلال موسم 20092010 ليتركه قبل ثلاث دورات من نهاية ذاك الموسم الذي عرف تتويج الوداد بلقب البطولة. نستطيع أن نوجد لهذا التخبط التقني الذي لا تقبل به الأحكام الإحترافية أسبابا موضوعية وأخرى ذاتية، ولكن الذي يصيب حقيقة بالصدمة هو أن يكون المحرض على تغيير المدربين والإنفصال عنهم بما شئتم من الصيغ مشوشون يندسون داخل الوداد بهاته الطريقة أو تلك ويشعلون الفتن أو يحرضون عليها، يتقمصون دور الحياحة أو يأتون بمن يتقمصونه ليصيبوا في الأول والأخير فريق الوداد بفتنة هي أشد من القتل. لا نعرف لمن ستذهب الكرة الذهبية اليوم، هل لميسي أم لكزافي أم لرونالدو، ولكن ما نعرفه أن الصفقة الذهبية للسنة نالها دوكاسطيل عندما إرتبط بعقد خرافي مع بطل أبطال إفريقيا وهو المفصول لثوه عن الوداد.