فيتو ضد التطبيع قبل خمس سنوات خرجت إلى الوجود جمعية أطلق عليها إسم «جمعية ديما بيضاوة»، وفي لحظة الميلاد بمقر جمعية الأعمال الإجتماعية لمستخدمي قطاع توزيع الماء والكهرباء، عشنا نحن معشر الصحافيين لحظة الولادة القيصرية، تلا علينا أعضاء الجمعية فقرات من القانون الأساسي، وتناوب على منصة الخطابة بعض المسيرين الرجاويين والوداديين الذين أعلنوا وقف إطلاق النار، حتى اعتقدنا أن الجمعية مجرد قوات متعددة الجنسيات هدفها الأساسي جعل الدارالبيضاء منطقة منزوعة السلاح، وقبل أن ينصرف الحاضرون أحيلت التوصيات على مجاري الصرف الصحي ولم تتمكن الجمعية من استظهار دروس التطبيع، إذ كشف أول ديربي بين الوداد والرجاء عن صعوبة تحقيق التقارب بين كيانين يجدان في العداء الأبدي هواء يستنشقانه كلما داهمهم الاختناق، حينها لم نجد بدا من القول ونحن نشيع الجمعية التي ماتت فور ولادتها «بيناتكم أبيضاوة بالموس أولا بالجناوة». إقترح أحد الفاعلين الجمعويين استبدال جمعية ديما بيضاوة بكيان جمعوي آخر، إسمه «ما تقيش الديربي»، وقام أحد المستشارين الجماعيين بصناعة قانون أساسي على المقاس، وقدم مشروعا للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية يختزل مكافحة الشغب في إقامة ديربي مصغرة بين قلاع رجاوية وأخرى ودادية، إنتهت بمعارك دامية ما زال ضحاياها يجترون عاهات مستدامة، بينما أعلن الرئيس حل الجمعية وتوزيع مواردها على مشجعين فقراء إستنادا إلى القانون الأساسي. واهتدت إحدى جمعيات التشكيليين إلى خطة لتذويب الخلاف الودادي الرجاوي، واستنفرت مجموعة من الشباب الذين رسموا على الحيطان الرطبة للأحياء الفقيرة، شعارات الرجاء والوداد أمام احتجاج سكان يرفضون أن تتحول جدران منازلهم إلى لوحات سوريالية، بعد انتهاء أوراش الطلاء أقسم رئيس الجمعية على كسر الفرشاة وصب ما تبقى من طلاء في أقرب بالوعة، بعد أن ظل عرضة لانتقادات هذا الفصيل أو ذاك. في العام الماضي قرر مجموع من سكان حي القدس بالبرنوصي تنظيم حفل جماعي لمشاهدة مباراة الديربي على شاشة التلفزيون بعد تناول وجبة غذاء، وقبل بدء المباراة تحول قاعة الحفل إلى مايشبه المدرجات بعد أن زينت بشعارات الفريقين فيما فضل الحاضرون تقسيم القاعة إلى شطرين، شطر لمناصري الرجاء وآخر لأحباء الوداد، والنتيجة تبادل للشتائم تحول في ذروة المشاهدة إلى معارك بالأيدي والكراسي، حسمتها ربة المنزل بوقف المباراة وقطع التيار الكهربائي مع انتهاء الجولة، وإجلاء المكان من مناصري الفريقين مع كتابة تقرير إلى صاحب الفكرة تدعوه إلى مسح فكرة التطبيع من علبة دماغه والتعامل مع الديربي كقضاء وقدر. ولأن تطبيع العلاقات بين الأخضر والأحمر، أشبه بالتطبيع بين فتح وحماس، يظل مهددا بين الفينة والأخرى بالسكتة القلبية، فإن جهود الناديين لتنظيم مباراة ديربي ودي بين الفريقين في فرنسا يكون فرصة لتقريب المباراة الكلاسيكية من المهاجرين، قد باءت بالفشل رغم أن أكرم وحنات حضرا ندوة صحفية في أحد فنادق العاصمة الاقتصادية وتحدثا عن التطبيع وبشرا المغتربين بتصدير الديربي سنويا بدون رسوم جمركية، وبعد أسبوع نسي الرجلان وعدهما وقالا «ربنا لا تؤاخذنا إن أخطأنا أو نسينا». يصعب الحديث عن مباراة ودية بين الفريقين، لأن العلاقة القائمة بين الناديين محصنة ضد الود، لسبب بسيط هو أن كل طرف يرفض الهزيمة حتى وإن تعلق الأمر بديربي نسوي يبدأ بالتحية وينتهي بالنتف. قبل ثلاث سنوات اقترح المنخرط الرجاوي سعيد نصر الله خطة لتذويب جليد الخلاف بين الفريقين قبل الديربي بأيام، وتم الإتفاق على إجراء مباراة ودية بين منخرطي الوداد ونظراؤهم في الرجاء، حينها أعلن حميد حسني الشهير بطاسلي الفيتو، وأجهز على الفكرة خوفا من هزيمة لبرلمان الوداد ودعا إلى تأجيل المشروع إلى ما بعد إجراء معسكر لانتقاء خيرة المنخرطين القادرين على حمل قميص الوداد في ديربي من نوع آخر. تطور الخلاف الرجاوي الودادي، ووصل إلى حد رفض المصاهرة بين هذا الطرف وذاك، لذا يردد البيضاويون حكاية الرجل الودادي الإنتماء، الذي رفض الموافقة على عريس تقدم لخطبة إبنته، فقط لأنه لاحظ بأن الخطيب اختار الجلوس على أريكة تحت ساعة حائطية، فتبين أن صهره من هواة الجلوس في مدرجات المكانة، ليعلن الفيتو مفضلا العنوسة على التطبيع.