الكرة في ملعبنا يستعد الجمهور المغربي لاستشراف أول بطولة إحترافية بعد انتظار دام أكثر من نصف قرن من الهواية والإرتجالية والمشاكل التي عانى منها اللاعب والمدرب والجمهور، لذلك كُتب مؤخرا لجمهورنا العريض ولاعبينا ومدربينا أن يدخلوا عهد الإحتراف الذي وقياسا بمكانة الكرة المغربية عربيا وإفريقيا فإن طلوع هلاله قد تأخر كثيرا علينا، لأنه من المؤسف الشديد أن عدة بلدان كانت متأخرة مقارنة بالمغرب استطاعت أن تلملم نفسها وتحدث قطيعة مع كل الأشكال الهواية، لكن لا ضير فحتى إن كنا قد تأخرنا في ذلك فإن المهم أننا بلغنا شط الإحتراف. جملة من الأسئلة تدغدغ مشاعرنا وتلوح في الأفق، هل فعلا سيفرز الموسم الإحترافي الأول النتائج المتوخاة؟ وهل الأندية استعدت من جميع النواحي لتنخرط في عالمها الإحترافي الجديد؟ وهل الشروط التي جاء بها دفتر التحملات الجديدة كافية وشافية لكي تحمل بطولتنا صفة الإحتراف؟ هي أسئلة عديدة تتناثر من هنا وهناك، طبعا ننتظر الإجابة عليها في نهاية الموسم الماضي، لكن بين هذا وذاك دعنا نؤكد أنه مجرد التزام الأندية ببعض الشروط التي طلع بها دفتر التحملات كتحديد ميزانية الفريق قبل انطلاق الموسم وعقود اللاعبين ورخصة المدربين وغيرها من الشروط هو في حد ذاته خطوة أولية هامة من أجل بلوغ النتائج المتوخاة، نحن نعترف أننا كبلد كروي يتنفس الكرة ولنا عشق خاص للمستديرة المجنونة، قد تأخرنا كثيرا في احتراف كرتنا، لكن المهم أنه كانت الجرأة للمسؤولين بطرد هذه الهواية التي نخرت جسد كرتنا ومكنتنا على الأقل من مسح العديد من الشوائب التي طاردتها، لأن التغيير برأيي لن يكون بين عشية وضحاها وإنما علينا الإنتظار، حيث سيكون من العبث أن نحكم على كرتنا في موسمها الأول الإحترافي، وسيكون أيضا من الإجحاف أن نصدر أحكاما وخلاصات على كرتنا. لذلك فالنجاح لا يكون لمجرد أننا ملأنا دفتر التحملات بالعديد من الشروط، ولكن النجاح لا بد أن يأتي أيضا من جميع المكونات التي عليها أن تنخرط في هذا التحول، المدرب عليه أن يدرك أن الإجتهاد هو سبيل النجاح لأنه مثل التلميذ وأن سلوكيات المدربين وأيضا تصريحاتهم قد تؤجج وتخلق الفتن، لذلك فانخراطه في نجاح الإحتراف رهين أيضا بأن يكون هو الآخر في مستوى المسؤولية على مستوى عمله وكفاءاته وكذا على مستوى سلوكه. اللاعب الآن وبعد أن تحسنت وضعيته نوعا ما وتجاوز المشاكل التي كانت تؤثر على مستواه سيكون عليه أن يظهر كفاءته ويؤكد أن ما كان يؤثر على إمكانياته إنما هي الوضعية التي كان يعيشها داخل النادي، لذلك ننتظر من اللاعب أن يكون عنصرا مؤثرا لإنجاح البطولة بما يقدمه فوق البساط الأخضر، دون أن نستثني هنا أيضا الجمهور الذي يبقى عاملا أساسيا في إنجاح المشروع الجديد، نعرف أن الجمهور هو ملح المباريات التي لا تعني شيئا من دونه، ولنا في المباريات التي تجرى بدون جمهور تحت طائل العقوبات خير دليل على الدور الذي يلعبه الجمهور، ولنا أيضا في مظاهر الشغب التي تعرفها بعض المباريات خير دليل أيضا على الوجه الآخر القبيح لهذا الجمهور، لذلك نمني النفس أن تكون الجماهير أيضا في مستوى هذه المتغيرات. طبعا لن نستثني المسير من منظومة الكرة ومشروع الإحتراف ما دام أنه هو الوصي ومهندس الأندية، لذلك نراه في وضع جد حساس وهام في خارطة الأندية، ولنا المثال في مجموعة الأندية التي أجهضت مشاريعها وراحت ضحية نزوات وأخطاء مسيرين، كما لا نستثني دور وسائل الإعلام في هذه النقلة النوعية لكرتنا والتي يجب أن تقتفي هي الأخرى نفس المسار. هذا ما ننتظره إذن من موسم جديد يحل علينا بإطلالة وحلة جديدتين، إذ نتمنى صادقين أن يكون هذا الموسم بداية عهد جديد لكرة عانت من جحيم الهواية وتتطلع لمسار احترافي آخر نحن من يملك مصير نجاحه أو فشله.. فالكرة اليوم أصبحت في ملعبنا.