إذا إعتذر تاعرابت! دائما بالعقل، لنقرأ صفح وعفو بعض الزملاء وأكثرية الشعب المغربي بسيول التسامح والغفران وبمقولة «إن الوطن غفور رحيم»، على خلفية خروج عادل تاعرابت عن ميثاق شرف الفريق الوطني بلا تريث في تبعات النزوة التي لم يقرأها جيدا.. بالعقل وأيا كانت التساؤلات التي يفرضها واقع تحليل المقربين من تاعرابت على أن عضوا جامعيا كان هو سبب إنفعال تاعرابت وليس غيرتس، فماذا يعني أن يقول تاعرابت: «قررت مغادرة المنتخب المغربي بعدما بلغني يوم 2 يونيو أنني لن أكون لاعبا أساسيا ضد الجزائر، وما فعلته أن غادرت التجمع دون أن أعطي توضيحات للمدرب، ولم أرد إحداث المشاكل، وأفضل أن لا ألعب على الإطلاق مع المنتخب المغربي مع أو بدون غيرتس، فقط أفضل أن أمثل بلدي عن طريق فريقي.. وأعتذر لكل الأنصار.. ومع المنتخب الوطني إنتهى كل شيء، وكل مرة يحدث نفس الأمر». بالعقل، في كلام تاعرابت شوفينية بنزعة الأنا وبخاصة في آخر التعليق عندما يقول (كل مرة يحدث نفس الأمر)، وقراءة الختم أبلغ وأصدق من البداية لأنه كان يعرف ويعتقد أنه لاعب رسمي مثلما حضر أصلا في لقاء الجزائر، بينما واقع الإختيارات المنهجية لغيرتس لا يمكن أن يناقشها أحد إلا من خلال الأداء والنتيجة، وربما كان لغيرتس عين فنية عندما لعب تاعرابت بالجزائر ولم يقنعه بالمرة لأنه كان لاعبا خارج اللعب الجماعي، هذا هو عين العقل لا العاطفة أولا، لكن أن يقول تاعرابت: «غادرت التجمع دون أن أعطي توضيحات للمدرب»، فهي قمة الغباوة لدى لاعب محترف يعرف ماله وما عليه من إلتزامات إحترافية مع فريقه إذا هجره بذات الرد، وقتها سيكون لمسؤولي النادي عقوبة كبيرة على اللاعب، لكن مع الفريق الوطني تتضاعف العقوبة، لأنه في عمق المغادرة قراءات متعددة من الشعب والجامعة واللاعبين والنجوم والمدربين وآخرهم قائد الكتيبة غيرتس ومكونات المنتخب المغربي، وهي قراءات لا تخرج عن العقاب الجزائي لمشكلة خطيرة تمس القميص الوطني ونشيده وجمهوره.. وأعرف جيدا أن تاعرابت في قرارة نفسه يتلوى بالقميص الوطني كغطاء حب تفاعل به أثناء تتويجه بصعود فريقه كوينز بارك رانجيرز إلى بطولة أنجلترا الممتازة، لكن أن يغادر منتخب بلاده في عز أزمة الإصابات، فهو بذلك رمى راية بلاده جانبا دونما اعتبار لمدربه، وأنا ضد هذه النزوة التي قد تأتي بالأزمات مجددا وبخاصة عندما لا نحتوي هذه المشكلة بالحل الأسرع. طبعا أخطأ تاعرابت التقدير لأنه لم يبلغ مدربه كما لو أنه في فريق حي هامشي، وأخطأ ألف مرة عندما قال: «غادرت المنتخب لأنه بلغني أنني لن أكون أساسيا»، ما يعني أن هذه الحركة الصبيانية لها تبعاتها برد قاسي لغيرتس في ندوة ما بعد الفوز التاريخي على الجزائر عندما أرسل لتاعرابت وبانفعال شديد جوابا شافيا «هل شاهدت ماذا فعل السعيدي؟ وأرجو أن تكون قد شاهدت المباراة.. ولا مكان لك بعد الآن في المنتخب..»، ما يعني أيضا أن غيرتس قدم بالإحترافية جوابا مقنعا لتاعرابت مفاده أن الناخب الوطني يريد اللعب الجماعي لا الفرجة الفردية في لقاء حساس، والسعيدي كان مؤهلا ألف في المائة من تاعرابت في الدور والمبادرة والجماعية والتهديد والتهديف والتموين، وهو ما يغيب أصلا عن تاعرابت انطلاقا مما قدمه بالجزائر.. هذا هو تفكير غيرتس في التحليل، لكن في الإنفعال الثاني يؤكد المدرب أن لا مكان لتاعرابت بالمنتخب ما دام أن الأخير خرج عن أخلاق الإحتراف، وأخلاق فريق وطني متلاحم ويستعد لرد الإعتبار، ولا مكان له بالمنتخب لأنه سيهدم البناء الجماعي للمنتخب الوطني مستقبلا.. طيب، بعد كل هذه القناعات.. ماذا لو قدم تاعرابت إعتذاره للجامعة ولغيرتس ولكل زملائه وللشعب أيضا؟ هل سيكون لهذا الحدث تبعاته الإيجابية من منطلق سماحة وعفو المغاربة؟ وهل سيكون لهذا التسامح في نظري فصله الظاهري بالرضا، وفصله الباطني بإعادة ذات الفتنة فيما لو لم يلعب إلا كاحتياطي سواء تأهلنا أو فزنا بكأس إفريقيا القادمة، وبخاصة إذا ما عاد لنغمته الإنفعالية؟ وهل سيقبل المغاربة بانجراف اللاعب بذات النزوة المريضة إذا غادر المنتخب الوطني على نحو آخر سواء كان مع غيرتس أو غيره؟ هذا هو عين العقل المقروء في مستقبل الأيام إذا قبلنا جميعا العفو على تاعرابت بشروط إعتذاره، لكني أخاف من أن يكون إعتذاره وجها لأمور أخرى قد تحدث تحت وقائع إرادية على غير المغادرة، وأخاف أن يكون تاعرابت قد امتطى صهوة الغرور ونزعة الآنا ليعتبر نفسه أفضل من رونالدو وميسي اللذين يجلسان في دكة الإحتياط رغم سعرهما الثقيل ونجوميتهما التي فاقت كل الحدود، هذا هو تخوفي، وأسأل الله أن أكون قد وفقت في التحليل، لأني فعلا أعشق أداء تاعرابت وأتكهن له بمستقبل كبير، لكني أخاف عليه من أن يقتل موهبته تحت مظلة الغرور حتى مع فريقه كوينز بارك أو غيره.. وتذكروا أنه لن ينفعل أو يغادر فريقه فيما لو لم يكن أساسيا، وفي كل الأحوال أعرف أن تاعرابت تلقى الدرس جيدا، ويعرف هو شخصيا أن جهة اليسار أضحت مركزا يتنافس عليه السعيدي وكارسيلا ووافدون جدد، وربما قد يعود بالإعتذار لقبول حتى الإحتياط، وهو موضوع غير قابل للنقاش مع غيرتس حتى الآن.