راتب غيرتس وفاصل نقاش إرتقى عاليا وشخص عمق الأزمة إسمها القافلة، وهي أصلا كذلك «قافلة الجمعية المغربية للمدارس العليا والكبرى للهندسة والتجارة وباقي المعاهد» المتواجدة بفرنسا والتي تجر خلفها أكثر من 6000 عضوا كلهم يتقاسمون نفس الهموم والإنشغالات ويوحد بينهم نفس الطموح. وبعيدا عن السجالات السياسية التي طبعت أيام النقاش والتي استقبلت بعضا من الساسة الذين يرمزون للمرحلة ببلادنا، ومحاولة استقراء أفكارهم وكيف يتطلعون للغد، وبعيدا أيضا عن الجرأة الكبيرة التي همت عددا من المحاور التي ترتبط بالمعيش اليومي المغربي.. فقد كانت الرياضة وكرة القدم الرياضة الشعبية الأولى بالمغرب حاضرة وبقوة في أجندة التناظر من خلال قوة المحاور وأيضا دلالات المكان «باريس» وثالثا قيمة المحاورين وأطيافهم. الغزالة الأطلسية نزهة بدوان كانت حاضرة كعادتها في هذه الأجندة وذلك باعتبارها أحق من يمكنه الحديث عن المرحلة وكذلك إكراهاتها، حيث أجابت عن ما يشغل هموم الشباب المغربي ويعترض سبيله لإبراز طاقاته والإرتقاء بموهبته وصقلها، كما كانت مستهدفة بعدد من المداخلات التي صبت كلها في خانة الإستدلال على الأسباب التي أعاقت صياغة خلق يوازي قيمة السلف والعابرين من محراب أم الألعاب وباقي الرياضات التي إرتقت بالمغرب لمصاف العالمية، وتم الوقوف عند ناصية سؤالين: - هل هي أزمة تكوين أم أزمة موهبة؟ بدوان إنطلقت من تجربتها الذاتية كأساس للإجابة وذكرت بماضي المغرب المجيد واعتبرت أن مراحل الفراغ طبيعية في كل بلد ولا تشكل أساسا للتقييم ولا لليأس. وشكل مصطفى بدري مدير جريدة «المنتخب» وجها إستأثر بالأضواء خلال المناظرة من خلال الشكل الذي عود عليه جمهوره وقرائه والأسلوب المباشر المفضل لعينة كبيرة من أبناء المهجر والذين رأوا فيه أسلوبا شيقا يزاوج بين السخرية اللاذعة وعكس للهموم بطريقة غير متكلفة ولا متصنعة.. بدري قام بإجراء مسح طوبوغرافي شامل لأزمة الرياضة المغربية (أسبابها، تجلياتها وصورها وسبل الخلاص منها..)، وذكر بأنه بعد كل صعود لا بد من النزول، ولكل جواد كبوة كما يقولون.. دوام الحال الذي هو من المحال والذي شكل أرضية لمرافعة بدري، لم يمنعه من تعرية الواقع والكشف عن كثير من الأخطاء التي همت مجالات التدبير، ودون شخصنة الواقع عمم بدري في مداخلاته وهو يستحضر أحداثا ونكبات، إنجازات وإخفاقات، وعرج على واقع المشاركات الأولمبية التذبذب الذي هو نتاج لإرادة الله والطبية والتي لا تنتج دائما الغلة، إذ أن هناك سنوات الغلة وأخرى عجفاء، على أنه بالمرور لبيت القصيد الذي هو الفريق الوطني وفي ظل حضور كادر كبير من كوادر الجامعة وأحد صقورها المدعوين للمناظرة وهو المستشار الجامعي كريم العالم، كانت ذروة النقاش واللمز اللاذع الذي من خلاله فضل بدري التشخيص باللغة التي يفضلها وبرع فيها وكانت ضمن محاور مناظرة هذه الجمعية وهي«الدارجة المغربية» وقيمتها الفنية كثراث لغوي له دلالاته وأبعاده. بدري أجاب عن الشيء الذي لم يعد طابو وهو راتب إيريك غيرتس الذي يتقاضاه مدرب متخلف في الدوري الفرنسي ولم يعد ذو قيمة أمام الإرتفاع الصارخ في كثلة أجور مدربي الكرة في العالم، تحدث عن أحقيته كرجل للمرحلة وعن أوراش الجامعة المفتوحة والحاجة لبعض الوقت لقراءة النتائج ومحاكمتها محاكمة عادلة. وتناول كريم العالم كل هذه الجوانب من وجهة نظره الخاصة حتى وإن تباين في الطرح مع البقية محاولا التلميح على أن تكنوقراط الجامعة يحتاجون لبعض الوقت من أجل تقييم عادل ومن أجل قراءة أكثر عقلانية. وبأريحية كبيرة تعامل حتى مع أكثر الأسئلة حرجا، مؤكدا أنه من القلة التي تجيد الإنفتاح وتتعاطى معه بخلاف الظروف والملابسات. هكذا إذن عاشت باريس على امتداد 3 أيام حلقات من النقاش البناء لطلبة المغرب هناك والذين بعثوا برسائلهم الواضحة وليس المشفرة، وهي أنه مهما كانت رسوم الحدود فإنها لا تغير من واقع الهوية المغربية الأصيلة شيئا.