(أ ف ب) - يدخل المنتخب البلجيكي الى مونديال البرازيل 2014 واضعا نصب عينيه تعويض ما فاته على الساحتين الدولية والقارية منذ 12 عاما وهذه المرة بقيادة مجموعة من النجوم الشبان الذين جعلوا الكثيرين يرشحون "الشياطين الحمر" للعب دور الحصان الاسود للنسخة العشرين من العرس الكروي العالمي. وستعود بلجيكا للمشاركة في البطولات الكبرى للمرة الاولى منذ مونديال 2002 اذ غابت بعدها عن نهائيات 2006 و2010 وعن كأس اوروبا 2004 و2008 و,2012 وهي تعول في البرازيل على جيل ذهبي شاب باستطاعته الذهاب بها بعيدا على غرار ما حققته في نسخة 1986 في المكسيك حين حلت رابعة او نهائيات كأس اوروبا 1980 حين وصلت الى النهائي. وبدأت وسائل الاعلام البلجيكية تتساءل عما اذا كان الجيل الحالي الذي يشرف عليه مارك فيلموتس افضل او مشابه على اقله للجيل الذهبي الذي ضم لاعبين من طراز ايريك غيريتس والحارس الاسطوري جان-ماري بفاف ويان سولومان وانزو شيفو. وستحصل الصحافة البلجيكية على جوابها في الايام القليلة المقبلة عندما يخوض "الشياطن الحمر" مشاركتهم الثانية عشرة في العرس الكروي العالمي ضمن مجموعة في متناولهم تضم روسيا والجزائر وكوريا الجنوبية. وما هو مؤكد انه سيكون في تصرف المدرب مجموعة من النجوم الكبار الذين فرضوا نفسهم في المواسم الاخيرة من الركائز الاساسية في اكبر اندية القارة العجوز على غرار الحارس الشاب تيبو كورتوا الذي لعب خلال الموسم المنصرم دورا اساسيا في تتويج اتلتيكو مدريد بلقب الدوري الاسباني للمرة الاولى منذ 1996 بعد ان اهتزت شباكه في 24 مناسبة فقط خلال 37 مباراة, وبوصول نادي العاصمة الى نهائي دوري ابطال اوروبا للمرة الاولى منذ 1974 قبل ان يسقط في المتر الاخير امام الجار اللدود ريال مدريد. وما يؤكد حجم الموهبة التي يتمتع بها المنتخب البلجيكي في نهائيات البرازيل هو ان الحارس البديل سيمون مينيوليه هو اساسي في ليفربول الانكليزي ولعب دورا حاسما ايضا في وضع "الحمر" على مشارف لقبهم الاول في الدوري المحلي منذ 1990 قبل ان ينتزعه منهم في المرحلة الختامية مانشستر سيتي الذي يقوده قلب دفاع بلجيكا فنسان كومباني. وسيكون القائد كومباني صمام الامان في قلب دفاع "الشياطين الحمر" وسيعاونه في المهام الدفاعية لاعبون لا يقلون شأنا عنه مثل المخضرم دانيال فان بويتن (بايرن ميونيخ الالماني) وتوماس فيرمايلن (ارسنال الانجليزي) ويان فيرتونغن (توتنهام الانجليزي) وتوبي الديرفيرلد (اتلتيكو مدريد). ويحلم كومباني, القائد الذي لا يتجاوز الثامنة والعشرين من عمره, في ان يكمل موسمه الرائع من خلال حصد النجاح في مشاركته المونديالية الاولى, وهو يقول بهذا الصدد: "يجب ان اعوض ما فاتني. شعرت بالاحباط التام في اعوامي الاخيرة مع المنتخب الوطني". "عندما يتحدث فنسان, الجميع يسكت للاستماع اليه", هذا ما قاله النجم الكبير الاخر في صفوف "الشياطن الحمر" ادين هازار الذي يتألق بدوره في صفوف تشلسي الانجليزي منذ ان انتقل اليه عام 2012 من ليل الفرنسي. لكن كومباني يحافظ على واقعيته في ما يخص مشاركة وحظوظ بلاده في نهائيات البرازيل 2014: "جاءت كأس العالم في وقت مبكر على الارجح بالنسبة لفريق يفتقد الى الخبرة. لكن في كأس اوروبا 2016 في فرنسا, سنكون وخلافا للوضع الحالي (في مونديال البرازيل) من المرشحين بقوة (لاحراز اللقب)". ونقاط قوة المنتخب البلجيكي ليست محصورة بالحارس او خط الدفاع بل سيكون في تصرف فيلموتس مجموعة من اللاعبين الرائعين جدا في خطي الوسط والهجوم وفي مقدمهم اكسيل ويتسل (زينيت سان بطرسبورغ الروسي) الذي يعتمد عليه المدرب بشكل كبير من اجل التحكم بوتيرة المنتخب من خط الوسط. "اكسيل هو محركي في ارضية الملعب", هذا ما قاله فيلموتس عن ويتسل الذي كلف زينيت 40 مليون يورو للتعاقد معه من بنفيكا البرتغالية قبل موسمين, مضيفا "انه ذكي جدا. انه لاعب مفتاح". والى جانب ويتسل سيكون هناك لاعب كبير اخر بشخص مروان فلايني (مانشستر يونايتد الانجليزي) الذي يسعى الى تعويض موسمه الانكليزي المخيب من خلال تقديم افضل مستوياته مع منتخب بلاده على غرار ما فعل في التصفيات التي بسط فيها "الشياطين الحمر" سيطرتهم على حساب كرواتيا وصربيا واسكتلندا, محققين المركز الاول بعد سجل مثالي لم يعكر صفوه سوى التعادل ضد الكروات على ارضهم (1-1) لكنهم استردوا اعتبارهم ايابا حين حسموا تأهلهم الى النهائيات قبل مرحلة على ختام التصفيات في زغرب بفوزهم 2-1. ومن الصعب حقا التفرد بالحديث عن نجم واحد او نجمين في خطي الوسط والهجوم لان المنتخب البلجيكي يعج بلاعبي العيار الثقيل مثل هازار وكيفن دي بروين (فولفسبورغ الالماني) وموسى دمبيلي (توتنهام هوتسبر) وزميله في الفريق اللندني ناصر الشاذلي او المتألق روميلو لوكاكو (لعب الموسم الماضي مع ايفرتون على سبيل الاعارة من تشلسي) وكيفين ميرالاس (ايفرتون) وعدنان يانوزاي (مانشستر يونايتد) ودرايس مرتنز (نابولي الايطالي). ومن المؤكد ان الاعتماد في خط المقدمة سيكون على لوكاكو (21 عاما) الذي تعملق في الموسمين الاخيرين بتسجيله 33 هدفا في الدوري الانجليزي الممتاز ولم يتفوق عليه سوى العملاقين الاوروغوياني لويس سواريز (ليفربول) والهولندي روبن فان بيرسي (مانشستر يونايتد). "يجب علي ان اجتاز خطوة اضافية لكي اصبح بين افضل المهاجمين في العالم", هذا ما قاله لوكاكو, مضيفا "هذا هو هدفي". ومن المؤكد ان نهائيات مونديال البرازيل ستكون الفرصة المثالية للوكاكو لكي يخطو هذه الخطوة الاضافية ويفرض نفسه بين الكبار. نجم الفريق: ادين هازار سيكون ادين هازار مركز الثقل في تشكيلة فيلموتس خلال نهائيات البرازيل 2014 نظرا الى الموهبة الكبيرة التي يتمتع بها لاعب تشلسي البالغ من العمر 23 عاما. وسيكون مونديال البرازيل الفرصة المثالية للاعب ليل الفرنسي السابق لكي يعوض العروض الباهتة التي قدمها مع المنتخب الوطني في السابق, اذ اكتفى وحتى 25 ماي الماضي بتسجيل 5 اهداف مع 10 تمريرات حاسمة في 43 مباراة دولية وهذه احصائيات مخيبة بالنسبة للاعب من مستواه. "هازار اصبح الان بين افضل لاعبي العالم لكن كأس العالم ستكون الامتحان الحقيقي له", هذا ما قاله أخيرا النجم الانجليزي السابق غاري لينيكر في تصريح لشبكة "بي بي سي" البريطانية عن نجم وسط تشلسي. ما هو مؤكد, ان مسيرة هازار كانت تصاعدية بامتياز منذ خطواته الكروية الاولى مع ستاد برينوا وتوبيز وصولا الى ليل الفرنسي الذي امضى فيه خمسة مواسم وتوج معه بلقب الدوري الفرنسي والكأس. صحيح ان الفوز بلقب الدوري والكأس في فرنسا خلال موسم واحد يعتبر انجازا هاما من دون ادنى شك, لكن دوري "ليغ 1" لا يمنح اللاعب مهما كان مميزا هالة النجومية التي تعطيه اياها البطولات الكبرى وعلى رأسها الدوري الانكليزي الممتاز. هذه حال هازار الذي بدأ يفرض نفسه من بين كبار القارة الاوروبية منذ انتقاله من ليل الى تشلسي في صيف ,2012 خصوصا في ظل المستوى الرائع الذي قدمه الموسم المنصرم مع الفريق اللندني الذي توج معه في موسمه الاول في "ستامفورد بريدج" بلقب مسابقة الدوري الاوروبي "يوروبا ليغ" التي انتقل اليها ال`"بلوز" بعد تنازلهم عن لقب دوري الابطال بخروجهم من الدور الاول. لعب البلجيكي البالغ من العمر 23 عاما دورا اساسيا في تربع تشلسي على صدارة الدوري الممتاز لفترة ليست بالقصيرة, وهو تصدر العناوين بشكل خاص بعد الاداء الرائع الذي قدمه امام مانشستر سيتي (1-صفر) ثم اتبعه بثلاثيته الاولى في "بريميير ليغ" ضد نيوكاسل يونايتد. "ما يلفت النظر تماما هو الفارق بين هازار الحالي وذلك الذي تعرفت عليه للمرة الاولى", هذا ما قاله مدرب هازار في تشلسي البرتغالي جوزيه مورينيو عن لاعبه البلجيكي, لكنه اعتبر في الوقت عينه ان لاعب ليل السابق هو افضل لاعب شاب في العالم ولم يصل حتى الان الى مستوى لاعبين مثل الارجنتيني ليونيل ميسي (برشلونة الاسباني) والبرتغالي كريستيانو رونالدو (ريال مدريد الاسباني). وتابع "اقول دائما بان عليه مواصلة تقدمه. يجب ان تبقى قدماه على الارض. رونالدو وميسي هما رونالدو وميسي. ادين هازار هو ربما افضل لاعب شاب في العالم ويملك الامكانيات والقدرة للوصول الى هناك (الى مستوى رونالدو وميسي) لكن امنحوه بعض الوقت". ما يعيب هازار انه يحتاج بعض الشيءالى المهنية العالية والانضباط التام الذي بدا انه يفتقده في الحادثة التي حصلت معه الخريف الماضي عندما استبعده تشلسي عن مباراة في دوري ابطال اوروبا بسبب عودته متأخرا من عطلة في ليل. ويبقى على هازار ان يثبت وصوله الى النضوج المطلوب على رغم صغر سنه من خلال قيادة منتخب بلاده الى مقارعة كبار الكرة في العرس الكروي العالمي ومحو الصورة الباهتة التي ظهر عليها حتى الان مع "الشياطين الحمر" الذين دافع عن الوانهم للمرة الاولى عام 2008 حين كان لا يزال في السابعة عشرة من عمره. ويأمل هازار الذي عانى مع المنتخب تحت قيادة المدرب السابق جورج ليكنز قبل ان يتغير الوضع منذ وصول فيلموتس في حزيران/يونيو ,2012 السير على خطى انزو شيفو الذي شارك مع بلجيكا في نهائيات 1986 و1990 و1994 و1998 وساهم في قيادتها الى افضل نتيجة لها في العرس الكروي العالمي عام 1986 في المكسيك حين حلت في المركز الرابع. المدرب: مارك فيلموتس ان التعاقد مع مارك فيلموتس في ماي 2012 كخلف لجورج ليكينز المقال من منصبه كان مخاطرة حقيقية من الاتحاد البلجيكي لكن الايام اثبتت انه كان على الارجح افضل قرار يتخذه الاخير منذ عشرات الاعوام. لقد نجح لاعب الوسط السابق البالغ من العمر 45 عاما في اعادة "الشياطين الحمر" الى البطولات الكبرى للمرة الاولى منذ 12 عاما بفضل روح الاندفاع والتنافس اللذين تمتع بهما خلال ايامه في الملاعب خصوصا مع شالكه الالماني الذي اطلق عليه جمهوره لقب "خنزير الحرب" بسبب طباعه القتالية. لقد كوفىء فيلموتس على جهوده مع المنتخب بتمديد عقده لعامين اضافيين حتى نهائيات كأس اوروبا ,2016 وذلك ادراكا من الاتحاد المحلي للعبة بقدرته على نقل خبرته وتجربته في المحافل الدولية الى لاعبيه الشبان. يدرك فيلموتس ان مهمته في البرازيل لن تكون سهلة على رغم النجوم المميزين الموجودين في صفوف فريقه, وذلك لان العدد الاكبر من لاعبيه يفتقد الى الخبرة المناسبة, وهو تحدث عن هذا الموضوع الشهر الماضي قائلا: "المجموعة (المنتخب) متعطشة جدا, وهذا ما اخشاه. اخشى ان يكونوا متلهفين اكثر من اللزوم لان هذا الامر يولد الاخطاء. انهم يفتقدون الى الخبرة على هذا المستوى". واذا كان هناك من شخص بامكانه الحديث عن الخبرة فهو فيلموتس الذي خاض غمار نهائيات كأس العالم اربع مرات اعوام 1990 (كان احتياطيا ولم يشارك في اي مباراة) و1994 و1998 (سجل هدفين) و2002 (سجل ثلاثة اهداف), اضافة الى مشاركته في كأس اوروبا 2000 التي استضافتها بلاده مشاركة مع هولندا. ولد فليموتس في 22 فبراير 1969 وبدأ مسيرته كلاعب وسط مهاجم عام 1987 مع سينت ترويدن المحلي ثم انتقل الى ميشيلان ثم ستاندار لياج حتى عام 1996 قبل ان يحل في المانيا للدفاع عن الوان شالكه الذي بقي في صفوفه حتى 2000 وتوج معه بكأس الاتحاد الاوروبي (1997) وبعدها انتقل الى بوردو الفرنسي لمدة عامين ثم عاد مجددا لشالك وانهى مسيرته معه عام 2003 (احرز معه الكأس المحلية عام 2002) لكي يتحول الى المعترك السياسي ويصبح نائبا في انتخابات 2003 قبل ان يستقيل من منصبه في 2005. على الصعيد الدولي, دافع فيلموتس عن الوان بلاده من 1990 حتى 2002 وخاض في صفوفه 70 مباراة دولية وسجل 28 هدفا, بينها خمسة في نهائيات كأس العالم (افضل هداف في تاريخ بلاده خلال النهائيات). اما مشواره التدريبي, فبدأ مع شالكه عام 2003 لنحو ثلاثة شهور ثم تولى تدريب فريق بداياته الكروية سينت ترويدين موسم 2004-2005 وانضم للجهاز الفني لمنتخب بلاده عام 2009 كمدرب مساعد للهولندي ديك ادفوكات ثم ليكينز ثم تولى مهمة المدرب كخلف للاخير منذ ماي 2012.