لو كنت أعرف أننا بصدد شيء آخر غير كرة القدم، التي ما عرفنا لها منطقا وما عرفنا معها مستحيلا، لقلت جازما أن الوداد الرياضي وقد أبقى على فارق النقاط الست عن المطارد والغريم الرجاء، ونحن على بعد دورتين من نهاية البطولة الإحترافية الأولى، بات من الآن متوجا باللقب لثاني مرة تواليا وللمرة 22 في تاريخه، ولكنت ربتت على كتف الرجاء، وتفهمت خيبة أملهم وقد جنت عليه النقطة الواحدة المتحصلة عليها في مباراتي المحمدية وأولمبيك آسفي. هي كرة القدم التي يرتفع لها صوت وسط كل الضجيج، يقول لا تأمنوا للأرقام ولا للمعطيات، ففي وعائي أشياء لا تصدق، قد تجعلكم تندمون على أنكم بعتم من الآن جلد الرجاء. بالطبع هناك أمل مهما كان صغيرا، وهناك معادلة لتتويج الرجاء باللقب مهما كانت معقدة، ولا أظن أن النسر الأخضر الذي يحلق كالعادة بكبرياء، سيتوقف عن سفره مهما كانت الرياح المعاكسة والسحب الحاجبة للرؤية، لذلك سيقبل لاعبو الرجاء على مباراة الكلاسيكو أمام الجيش الملكي وأمام المغرب الفاسي بذات الإصرار والعناد على إكمال المهمة، أي بالحصول على الست نقاط الممكنة، وانتظار ما قد تجود به مباراتا الوداد أمام المولودية الوجدية وأمام الفتح الرباطي. لكن دعونا نستبق، بإعمال النقد الموضوعي لمسار الرجاء هذا الموسم بكل تقلباته، إن على المستوى الرياضي وإن على المستوى التسييري، فقد بدا واضحا أن ما شاهدناه من تغير الربابنة لم يصحح الكثير من الإختلالات، بل إنه في كثير مما فعل إنما زاد المركب الأخضر هشاشة، وهو ما أحدث كل الإضطرابات التي نعرف، والتي انعكست بشكل كبير على محصول الفريق رقميا. الأزمة المالية التي ضربت الرجاء الرياضي في الثمان سنوات الأخيرة، أدركنا أن كل الذي بذل من مجهودات غير متعاضدة ولا منتظمة في الزمان، لم تفلح في تجفيفها، فمؤشر المديونية اليوم يصل إلى ثمانية ملايير، وعندما يقول بل ويصر عزيز البدراوي الرئيس الجديد للنسور على ضرورة افتحاص مالية الرجاء بدقة متناهية، فلأنه توصل إلى أن تعديات «مالية» حصلت ومخالفات ارتكبت، وجب الوقوف عندها للتوافق على آلية جديدة في ضرب الشريان الحي لهذه الأزمة والتي ترمي بثقلها على الرجاء. أيضا، هناك أخطاء كثيرة ارتكبت سواء في تدبير المرفق التقني، بخاصة ما تعلق بالإطار التقني المشرف على الفريق الأول، كما ارتكبت في تدبير الإنتدابات، صيفية كانت أم شتوية، انتدابات لا خيط ناظما لها، ولا حضور فيها لمعيار التطابق مه هوية الرجاء، بدليل أن هناك لاعبين تم جلبهم لم يلعبوا إلا دقائق معدودات، وعندما يتعلق الأمر بفريق بمرجعية وقيمة الرجاء، فإنه لا يقبل من الفريق التسييري مثل هذه الأخطاء الكارثية سواء في انتداب مدربين، بعضهم بصفة العالمية، أو في جلب لاعبين تعرضوا من البداية للعطالة، لأن المباريات أكدت أنهم كانوا مجرد فقاعات. من منطلق هذا التصنيف القدحي والمؤلم، ومن منطلق هذه المحصلة الحزينة، سينطلق عزيز البدراوي من الآن في تنظيف البيت الأخضر وفي اتخاذ ما أصفه دائما وأبدا بالقرارات المؤلمة والتي تحتاج دائما إلى ربان قوي العزم والشكيمة، ربان لا يخطئ كثيرا في التوقع، ربان يحيط نفسه بالمصححين لا بالمهللين، يؤمن بالعمل التشاركي ولكنه يكون صارما في اختيار رفقاء المسير العسير. ولئن كان عزيز البداوي قد أكره على تغيير طاقم تقني برمته بعد الخسارة من أولمبيك آسفي، فإن من سيختارهم لتسيير الدفة التقنية مستقبلا، لابد وأن يضيق هامش الخطإ في نسبة أهليتهم وكفاءتهم وقدرتهم على تمتيع الفريق بالصلابة المبحوث عنها، ومن تلقاء ذلك سيكون لزاما تغيير هيكل الفريق بنسبة مائوية عالية، لأن ما تدلنا عليه شرائط مباريات الموسم، يقول بأن هؤلاء اللاعبين لا يمكن قطعا أن يستجيبوا للشروط الذهنية والفنية للمشروع التقني الجديد للرجاء، المشروع الذي يرفع له شعارا، إعادة الهوية المفقودة للرجاء.