أمسكنا جميعا برؤوسنا، بل ووضع كثير منا يده على قلبه، للأخبار السيئة التي تواردت علينا، عشية إجراء المنتخب الوطني لمباراته أمام نجوم غانا السوداء، في افتتاح مسيره في كأس إفريقيا للأمم، مباراة أقصى ما كنا نتمناه فيها أن نفوز ولا يهم الأداء، أن نضمن النقاط الثلاث ولا نسأل عن المردود، وكيف لا تكون النقاط الثلاث مرحبا بها، والمباراة تضعنا في مواجهة منتخب غاني يفترض أن يكون لنا منافسا قويا على صدارة المجموعة.. جاءت الأخبار السيئة بما لا يشتهيه أحد منا، وأولنا وحيد خليلودزيتش، الذي تبخر في رأسه التشكيل المثالي أو النموذجي بخروج كل من برقوق، الكعبي، ريان مايي والنصيري من الحسابات، وكان لابد من دخول الغرفة المغلقة لإيجاد حل للمعضلة، فلا مجال للتباكي أو للتشكي أو حتى لرفع الراية البيضاء إزاء حالة نادرة الوقوع، لكنها ليست مستحيلة الحدوث. وسيأتي وحيد خليلودزيتش لمواجهة هذا الطارئ العنيف والمخلخل، بما لم يحدسه أحد، سيقرر اللعب بشاكلة جديدة قوامها دفاع مشكل من الأربعة المعروفين، وأمامهم ليبيرو متقدم هو سامي مايي، وطبعا مع اللجوء لهذا الخيار البشري والتكتيكي، لم يعد هناك من بد لإجلاس سفيان أمرابط في دكة البدلاء، وقد تأذى أداؤه بضعف تنافسيته بالكالشيو الإيطالي، لذلك سيقرر وبشكل مستغرب أيضا الدفع بالشاب عز الدين أوناحي كرجل وسط يتناوب مع سليم أملاح في عمليات الإسترجاع، ليترك عمران لوزا لدور إمداد المهاجمين سفيان بوفال وزكرياء أبو خلال بالكرات.. ما حدث، أن سامي مايي تحول كثور هائج يبحث عن أقمصة الغانيين ليقدها، وسقط كثيرا في العمق الدفاعي ليدفع بلاء البلاك ستارز، وفعل كل هذا بفوضوية جعلتنا نتساءل إن كان فعلا قد طبق ما كان يريده منه مدربه وحيد، وإن كان سيسأل على هذا الرهج التكتيكي وهو يناط بمهمة ليست من أصل ملكاته الفنية. ومع سامي مايي، وجد الشاب أوناحي صعوبة بالغة في الدخول إلى المباراة، وكانت الأولى من أول استدعاء له، كما أن عمران لوزا في غياب إلياس الشاعر افتقد للإنسيابية، كل هذا خلخل وظيفة البناء وحال دون تجويد الإستحواذ على الكرة، لطالما أن الفريق برمته نجح في تنزيل المنظومة الدفاعية بحذافيرها، بدليل أن المنتخب الغاني استحال عليه اللعب الإعتماد على مصادر قوته، بل سقط سلاحه الفتاك المتمثل في سرعة تنفيذ المرتدات لمباغثة المنافس. ليس هناك من شك، أن ما فكر فيه وحيد وما عرضه علينا خلال المباراة كتدبير تكتيكي، أصابنا بالإستغراب، بل وبالذهول أحيانا، إلا أنه في كرة القدم كما في الحياة، العبرة بالخواتيم، وكل هذا الذي يمكن أن نصفه بالهلوسات التكتيكية لوحيد، أثمر فوزا في مباراة شائكة، ومنحنا ثلاث نقاط بها نتصدر المجموعة مع فهود الغابون، في انتظار تأمين تأهل مبكر بالفوز إن شاء الله على جزر القمر.