بعد اعتزال لاعبين مثل ماريو ماندزوكيتش والحارس دانيال سوبازيتش والمدافع فيدران تشورلوكا عقب إنجاز الوصول الى المباراة النهائية لمونديال 2018 وبعدها إيفان راكيتيتش، يجد صانع ألعاب ريال مدريد الإسباني لوكا مودريتش نفسه مركز الثقل الأساسي في تشكيلة منتخب كرواتيا خلال نهائيات كأس أوروبا المقررة بين 11 حزيران/يونيو و11 تموز/يوليو. وحتى في ظل وجود لاعبين بمكانة هذا الرباعي، كان مودريتش بيضة القبان في تشكيلة المنتخب الكرواتي، حين حقق الأخير الانجاز في روسيا 2018 بوصوله الى نهائي كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه قبل انتهاء المغامرة على يد كيليان مبابي ورفاقه في المنتخب الفرنسي. قد يرى الكثيرون أن انجاز مونديال 2018 كان وليد الصدفة أو الحظ بالنسبة للمنتخب، معز زين نظريتهم بما قد مه لاحقا في عصبة الأمم الأوروبية حين حل ثالثا في مجموعته خلف إنكلترا وإسبانيا بفوز يتيم من أربع مباريات. لكن المنتخب الكرواتي أسقط هذه النظرية حين تصدر مجموعته في تصفيات كأس أوروبا المؤجلة لعام بسبب تداعيات فيروس كورونا، بتحقيقه خمسة انتصارات مقابل تعادلين وهزيمة واحدة. والآن، سيكون على عاتق مودريتش قيادة الكتيبة الكرواتية للتأكيد بأن انجاز 2018 لم يأت من فراغ، من خلال محاولة منح بلاده أفضل نتيجة لها في النهائيات القارية منذ انحلال عقد يوغوسلافيا التي وصلت الى النهائي مرتين عامي 1960 و1968 وحلت رابعة عام 1976. ولم تذهب كرواتيا أبعد من ربع النهائي في مشاركتها الخمس السابقة في كأس أوروبا منذ الاستقلال (مرتان عامي 1996 في مشاركتها الأولى بعد الاستقلال و2008)، وسيحاول مودريتش أن يكرر ما حصل في الصيف الروسي في ما قد يكون مشاركته الأخيرة مع منتخب بلاده بما أنه في الخامسة والثلاثين من عمره. ويملك مودريتش كل ما يلزم بالتأكيد ليكون أحد نجوم الصيف القاري الذي يحتفل فيه بالذكرى الستين لانطلاق كأس أوروبا من خلال توزيع مباريات الدورة على 11 مدينة أوروبية، معولا على سجله الرائع مع فريقه ريال مدريد الإسباني الذي أحرز معه جميع الألقاب الممكنة إن كان محليا أو قاريا وأبرزها عصبة أبطال أوروبا أربع مرات منذ أن حل فيه عام 2012 قادما من توتنهام الإنكليزي. وتضم تشكيلة المدرب زلاطكو داليتش مزيجا من المساهمين بوصافة مونديال روسيا 2018 ولاعبين واعدين. وقال داليتش خلال تقديمه التشكيلة في مؤتمر صحافي في زغرب "نتائجنا الأخيرة لم تكن الأفضل لكني متفائل كبير ... هدفنا الأول هو تجاوز دور المجموعات". وأوقعت القرعة كرواتيا في المجموعة الرابعة إلى جانب إنكلترا وتشيكيا واسكتلندا، وستبدأ مشوارها بمواجهة منتخب "الأسود الثلاثة" في ويمبلي في 13 حزيران/يونيو. وحذ ر داليتش سابقا من أن مواجهة الإنكليز ستكون أصعب مباراة في المجموعة "لأنهم يتمتعون بمستوى جيد ونلعب في ويمبلي". وقال داليتش "سنواجه منافسين أقوياء وبالتالي تنظرنا مباريات صعبة، لكنني أثق في قدراتنا. نظهر مستوانا الحقيقي عندما نكون في موقف صعب". وفضلا عن مودريتش، ستكون كرواتيا ممثلة في العرس القاري بالعديد من الحرس القديم الذين حققوا قبل ثلاثة أعوام الإنجاز التاريخي للدولة الصغيرة البالغ عدد سكانها 4,2 ملايين نسمة، وأبرزهم ديان لوفرن (زينيت سان بطرسبورغ الروسي) وشيمي فرساليكو (أتلتيكو مدريد الإسباني) وماتيو كوفاتزيتش (تشلسي الإنكليزي) ومارسيلو بروزوفيتش وإيفان بيريزيتش (إنتر ميلان الإيطالي) وأنتي ريبيتش (ميلان الإيطالي). وعلى الرغم من ارتفاع التطلعات، إلا أن داليتش بدا حذرا، وقال "هناك إرادة وطاقة في نفس المستوى، لكن الأجواء مختلفة تماما ... في ذلك الوقت لم يكن أحد يتوقع منا أي شيء". ومن المؤكد أن داليتش يرتكز بشكل أساسي على خبرة مودريتش الذي فرض نفسه أحد أفضل صانعي الألعاب في العالم، لكن مشوار النجاح لم يكن سهلا إذ عاش اللاعب حياة صعبة جدا بدأت في مكان لم يعد سوى أطلال لبيت محروق في قرية مودريتشي التي د مرت خلال حرب الاستقلال. تقع هذه القرية على سفح جبال فيليبيت المطلة على البحر الادرياتيكي، وقد كان مودريتش يقطن في المنزل الصيفي لجده وهو الآخر يدعى لوكا مودريتش، وقتل من قبل القوات الصربية في الاشهر الاولى للنزاع (1991-1995) الذي حصد قرابة 20 الف قتيل. لا شك بأن مودريتش قطع شوطا هائلا في حياته منذ أن هرب مع عائلته وهو في العاشرة من عمره الى مدينة زادار الساحلية التي تقع على بعد 40 كيلومترا حيث هناك، ووسط ضجيج القنابل، بدأت تتكون موهبة اللاعب الذي بات حاليا أحد أبرز المواهب المعاصرة في القارة الاوروبية وقائدا لمنتخب بلاده وأكثر اللاعبين دفاعا عن ألوانه (137 مباراة منذ 2006 سجل خلالها 17 هدفا).