رد المدرب الألماني طوماس توخل اعتباره من باريس سان جرمان الفرنسي بأفضل طريقة، من خلال قيادة تشلسي الإنكليزي الى لقبه الثاني في مسابقة عصبة أبطال أوروبا بفوزه السبت على خصمه المحلي بطل انكلترا مانشستر سيتي 1-صفر في المباراة النهائية على ملعب "دراغاو" في بورتو. في المسار الطبيعي للأمور، يجب أن يكافأ المدرب الذي يقود فريقا ما إلى نهائي عصبة أبطال أوروبا للمرة الأولى في تاريخه، لكن هذا الواقع لم ينطبق على توخل الذي "كوفىء" بالإقالة من منصبه في سان جرمان رغم إنجاز قيادته إلى مباراة اللقب. تبخر حلم سان جرمان بأن يصبح ثاني فريق فرنسي يتوج بلقب المسابقة القارية الأم بعد مرسيليا عام 1993، باصطدامه العام الماضي بعقبة العملاق الألماني بايرن ميونيخ الذي توج بطلا بفوزه في نهائي "فقاعة" لشبونة بهدف وحيد. دفع توخل ثمن طموح الإدارة القطرية لنادي العاصمة ومشاكله مع المدير الرياضي النجم البرازيلي السابق ليوناردو، فأقيل من منصبه رغم قيادته الكتيبة الباريسية إلى ثلاثية البطولة والكأس وكأس العصبة ونهائي عصبة الأبطال. وكانت النتيجة أن لجأت إدارة النادي إلى الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو الذي أصاب الفشل بعدما تنازل الفريق عن لقب البطولة المحلية وودع مسابقة عصبة الأبطال من نصف النهائي على يد مانشستر سيتي الإنكليزي. والآن، حصل توخل على فرصته كي يوجه رسالة "ثأرية" إلى إدارة نادي العاصمة من خلال منح تشلسي لقبه الثاني في مسابقة عصبة الأبطال بعدما تخطى في نصف النهائي عملاق المسابقة ريال مدريد الإسباني حامل رقمها القياسي بعدد الألقاب (13). وقال توخل بعد التتويج الغالي لراديو مونطي كارلو "إنها أهم مباراة في أوروبا، إنها نهائي استثنائي وفزنا. إنه أمر لا يصدق. أنا فخور جدا لكني كنت فخورا مسبقا لأني أثق تماما في هذه المجموعة، إنها مجموعة قوية جدا ". وتابع "كنا نعلم بأننا لسنا الفريق الأوفر حظا لكننا مجموعة قوية جدا ، نحن متعاضدون ولذلك كل شيء ممكن. لقد فعلنا ذلك مرتين (تغلبوا على سيتي) في البطولة والكأس (نصف النهائي)، وفعلنا ذلك (السبت) للمرة الثالثة... كانت معركة قاسية". وعاش تشلسي هذا الموسم نفس السيناريو الذي اختبره في تتويجه الأول عام 2012 حين تسلم الإيطالي روبرطو دي ماتيو مهمة الاشراف عليه بعد انتصاف الموسم خلفا للبرتغالي أندري فياش بواش وقاده الى تحقيق حلم اللقب القاري. وكما حينها، كانت مراهنة مالك النادي الملياردير الروسي رومان أبراموفيتش على توخل في مكانها حتى وإن كانت على حساب أيقونة النادي اللندني فرانك لامبارد الذي أقيل من منصبه في كانون الثاني/يناير نتيجة فشله في الاستفادة من فورة إنفاق 220 مليون جنيه استرليني (305 مليون دولار) على لاعبين جدد الصيف الماضي. كان هذا الاستثمار جيد ا تحت قيادة توخل حيث تفوق تشلسي على ريال مدريد 2-صفر في إياب نصف نهائي المسابقة القارية العريقة، ليستعيد الألماني سمعته كواحد من أفضل المدربين في أوروبا بسرعة وتحديدا بعد أقل من أربعة أشهر في منصبه الجديد في غرب لندن. خسر تشلسي خمس مباريات فقط من أصل 30 مباراة خاضها تحت قيادة توخل، بينها نهائي مسابقة الكأس المحلية الذي خسره أمام ليستر صفر-1، كما ضمن عودته الموسم المقبل الى عصبة الأبطال بانهائه البطولة الممتازة في المركز الرابع. فاز المدرب الألماني بتسعة ألقاب في مسيرته مع بوروسيا دورتموند وباريس سان جرمان، ونجح السبت في إحراز أول ألقابه مع ال"بلوز" وهو بالتأكيد الأغلى. خاض تشلسي نهائي عصبة أبطال أوروبا للمرة الثالثة في حقبة أبراموفيتش، والمفارقة أن النهائي الأول له في المسابقة عام 2008 كان ضد فريق إنكليزي آخر هو مانشستر يونايتد وقد خرج خاسرا قبل أن يعوض عام 2012 وينضم الى لائحة المتوجين على حساب بايرن ميونيخ. وفي حوار لأحد الرعاة الرئيسيين للنادي اللندني، س ئل توخل كيف سيحتفل إذا كان هو وليس غوارديولا من سيرفع الكأس الغالية السبت في البرتغال، فأجاب ابن ال47 عاما "لم أتغير كثيرا حقا حين فزت بلقب لأول مرة مع ناد كبير في دورتموند. كنت سعيدا جدا للاعبين". وكشف "في اليوم التالي، كان لدينا عرض كبير مع اللاعبين عبر مدينتهم وكان من الواضح لي في تلك اللحظة، ما يعنيه ذلك للناس. لقد كنت سعيدا جدا من أجلهم. في الواقع، إنه لأمر م رض للغاية أن تعرف أنهم أرادوا ذلك (التتويج) بشدة وأعطيتهم إياه. لكن بعد أسبوع عدنا الى العمل". وتابع "آمل وأعتقد أنه لن يكون لهذا (التتويج السبت) الأثر الهائل إذا فزنا بهذه الكأس الأكبر. بالطبع سنكون متحمسين، سنكون متحمسين للغاية إذا فعلنا ذلك لكني متأكد 100 بالمئة أنه بعد الألقاب، كما كانت الحال في باريس، سنكون مركزين 100 بالمئة على الفوز في أول مباراة ودية للموسم المقبل"، مشددا "لن أغير مقاربتي". وأثبت نهائي عصبة الأبطال السبت الى حد كبير بأن المال يشتري النجاح لكن إن تم ترشيده بالطريقة الصحيحة. فتشلسي على غرار سيتي الذي انتقل ملكيته عام 2008 للإماراتيين، أنفق أموالا طائلة أيضا وفرض نفسه لاعبا أساسيا محليا وقاريا بفضل سخاء مالكه الروسي رومان أبراموفيتش الذي استولى على النادي عام 2003. وقد تحول الفريقان من كونهما مجرد لاعبي ن هامشيين الى قوة ضاربة يحسب لها الحساب في كرة القدم الإنكليزية في أقل من 20 عاما ، وأكبر دليل على ذلك أن 17 من إجمالي ألقاب تشلسي ال23 الكبرى خلال حقبة أبراموفيتش، وأبرزها على الإطلاق عصبة أبطال أوروبا الذي توج به النادي اللندني للمرة الأولى في تاريخه عام 2012، فيما أحرز سيتي 13 من الألقاب ال22 الكبرى خلال الحقبة الإماراتية. في إنكلترا، كسر سيتي وتشلسي هيمنة القوة التقليدية المتمثلة بمانشستر يونايتد وليفربول وأرسنال، وحصد كل منهما خمسة ألقاب في البطولة الممتازة منذ وصول أبراموفيتش ومن بعده بخمسة أعوام الشيخ منصور، ونالا معا سبعة من أصل ألقاب المواسم العشرة الأخيرة.