أشبه ما يكون بالمخاض العسير والموجع، هذا الذي يقودنا إليه صمت الحكومة المطبق، بخصوص استراتيجية عودة البطولة الإحترافية، الموضوعة على طاولتها منذ زهاء شهر كامل، منذ اللحظة التي انتهت الجامعة من صياغة تلك الإستراتيجية، وقد أخذت على نفسها عهدا بإتمام الثلث الأخير من هذه البطولة تحقيقا للعدالة الرياضية، وتصريفا لصداع رأس سيتسبب فيه لا محالة قرار آخر غير استكمال الثلث المتبقي من هذه البطولة. بالقطع نقدر جيدا درجة انشغال الحكومة بتدبير مرحلة الخروج الآمن من بؤرة وبائية نالت من القوى الإنتاجية وشلت الحركة الإقتصادية بالبلاد، ونتفهم أن للحكومة أولويات كثيرة، في حربها الضروس على الجائحة التي لم يتسن للبشرية الخروج من فكها القاتل وحصارها اللعين، ولكن ليس بحجة هذا وذاك، يمكن أن نطيل تأجيل قرار بخصوص البطولة الإحترافية، لأن تمديد الهامش الزمني لاتخاذ القرار، سواء بالتأشير على استئناف البطولة من عدمه، يستنزف ما بقي من قدرات على التحمل، وسيأتي لا محالة على ما بقي لدى الأندية واللاعبين والجماهير من صبر، بل وسيضيق كثيرا هامش المناورة لإنقاذ هذه البطولة في نسختها الحالية من الموت قهرا بسبب الظرف الطارئ.. مضى بالفعل وقت طويل، والجامعة تنتظر من الحكومة قرارا ينهي هذا المخاض العسير والموجع، فقد كان متوقعا وقد أشرت الحكومة لعدد من القطاعات المنتجة في البلاد بالعودة إلى الإشتغال، وبعد أن قررت الرفع التدريجي للحجر الصحي بداية من اليوم الخميس، أن تأتي للجامعة إشارة بإطلاق سراح الأندية المسجونة في بؤرة الإنتظار، وهي في الواقع ألعن من بؤرة الوباء وبرفع الحجر عن البطولة الإحترافية لإغاثة المئات من اللاعبين الذين وصولوا درجة من الإستنزاف النفسي الذي يصيب فعلا بالكآبة.. مؤكد أن الحكومة وهي تمهل نفسها بعض الوقت لتقول كلمتها الفيصل، لا تريد أن تصدر قرارا تسأل عن تبعاته، بل وعن تداعياته السلبية، كما كان الحال مع فرنسا، التي يجمع ناسها على أن قرار تعليق الأنشطة الرياضية اتخذ في فورة دم واشتعال المشاعر، ما لم يعطه صفة القرار الحكيم، إلا أن ما ندخله اليوم بنهاية 100 يوم من الحجر على البطولة وعلى الأنشطة الرياضية، مرحلة عصيبة وشائكة ولا تحتمل مزيدا من التسويف، فإن كان للحكومة نية في أن تستكمل البطولة الإحترافية، وإن كانت لها نية لما دون ذلك، فالأفضل أن تبلغ الجامعة بهذه النية اليوم قبل الغد، لأن الإستطالة في اتخاذ القرار سيجر المشهد الكروي الوطني إلى الكثير من الإحتقانات، بخاصة وأن الكونفدرالية الإفريقية مالت إلى حيث مال رئيس الجامعة وأنديتنا الأربعة المشاركة في الفاصل الأخير والحاسم من عصبة الأبطال وكأس الكونفدرالية، أي إجراء الدورين نصف النهائي والنهائي شهر شتنبر القادم، أي بعد ثلاثة أشهر من الآن. وعندما يصبح للقرار فعل استعجالي، فمعناه أن الحكومة ستكون ملزمة بالتوصل إلى قرار نهائي، على ضوئه ستتصرف الجامعة، فإن كان القرار يقضي باستئناف الثلث المتبقي من البطولة وما علق به من مباريات مؤجلة، كانت الجامعة في عجلة من أمرها لتنزل فورا استراتيجية البطولة الإحترافية، بدعوة الأندية لتربص يستمر شهرا كاملا، نصفه الأول عبارة عن حجر جماعي للاعبين وإخضاعهم لتحاليل طبية خاصة بوباء كوفيد 19، وإطلاق المباريات المؤجلة بداية من منتصف شهر يوليوز، على أمل إنهاء البطولة متم شهر غشت، لتترك مساحة زمنية للأندية الأربعة لتحضير التزاماتها القارية عن عصبة الأبطال وكأس الكاف. وإن كان القرار يقضي باستمرار تعليق كافة الأنشطة الرياضية، تماما كما جاء على لسان سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، في تدخله أمس الأربعاء بالبرلمان، فإن ذلك سيلزم الجامعة بدعوة مكتبها المديري للإجتماع على عجل للوصول إلى قرار ينهي الموسم الكروي بالصيغة التي سترضى الجميع، وتجنيب المشهد الكروي الوطني من احتقانات هو في غنى عنها.. لا أعرف كيف يمكن أن ننهي هذا المخاض العسير والموجع؟ هل بإجهاض قرار لا يرضي أحدا؟ أم بولادة قيصرية لقرار سيأكلنا زمنه السريع؟ وفي الحالتين معا، الكرة لم تعد تطيق العيش تحت الحجر..