بذات السرعة الجنونية التي انتشر بها فيروس «كورونا» المستجد حول العالم، توقف نبض الحركة الرياضية وأخليت الملاعب من ناسها، وبات تفكير الإنسانية منصبا حول السبل الكفيلة بمواجهة هذا الوباء الفتاك، وقد زاد وعينا الجماعي بمدى أهمية وضع صحة الإنسان فوق كل الإعتبارات، فلا مجال أبدا لوضع صحة الإنسان على المحك، حتى لو بدت الخطورة في مستوياتها المتدنية. لم يكن فيروس «كورونا» المستجد، وقد كان منطلقه قبل أسابيع من مدينة ووهان الصينية، قد دخل المغرب، عندما بادرت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لإقامة مباريات البطولة الإحترافية من دون جماهير، تنفيذا لطوق من التدابير الإحترازية التي أوصت بها لجنة القيادة المحدثة لهذا الغرض، مخافة أن تقتحمنا العدوى فتعبث بالمغاربة لضعف آليات الإحتراز والمقاومة، فلم يكن هناك مجال لاتقاء شر الفيروس وسماء المغرب مفتوحة لطيران العالم. إلا أنه مع اشتداد الأزمة، وبداية الإعلان عن وجود مصابين، إما من الذين جاؤوا إلى المغرب من دول موبوءة وإما من الذين اختلطوا بهم، كان من الضروري أن تتقوى التدابير الوقائية ويزداد وعي المغاربة بخطورة تفشي الوباء، فلا يبقي ذلك هامشا للإستخفاف أو المزايدة، فوصلنا لما كنا نتوقعه، أن تغلق الملاعب بالكامل وتعلق المنافسات الرياضية، ويدخل المغرب حالة من التعبئة الجماعية من أجل مقاومة هذا الوباء الملعون، الذي شاهدت الإنسانية في عقود خلت شبيها له، من حيث قوته الفتاكة، ومن حيث تداعياته السلبية على صحة الإنسان واقتصاد البشرية. وعجبت حقيقة، كيف أن الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، وجميع الإتحادات القارية، بل وحتى الإتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) تؤجل المسابقات القارية والدولية، يصدر قرارا ينفي فيه أن يكون قد اتخذ قرارا بشأن منافساته على مستوى الأندية والمنتخبات، متذرعا بكون غالبية الدول الإفريقية لم تصل لمستويات متقدمة في الخطورة، وذكرنا هذا الإستخفاف بخطورة الفيروس، بالموقف الصادم للكاف يوم تقدم المغرب رسميا بطلب تأجيل موعد نهائيات كأس إفريقيا للأمم 2017 التي عهد إليه باستضافتها، معللا طلبه ذاك بوجود قوة قاهرة متمثلة في انتشار وباء «إيبولا» الذي حصد الأرواح بإفريقيا تحديدا. تذكرون أن «الكاف»، وكانت وقتذاك تحت سيطرة الشيخ عيسى حياتو، استخفت بمسببات طلب التأجيل، وركزت على خسائرها المالية وليس على صحة الإنسان الإفريقي، بل إن حياتو الذي تنقل وقتذاك للمغرب على عجل، سيبرز رفضه القاطع لتلك القوة القاهرة، وعند عودته إلى الكامرون مسقط رأسه، عرج على الجزائر، ومنها كشف عن القرار الذي سيكون بعد ذلك هو العلة التي ستخلعه من عرش «الكاف»، إذ سيؤكد أن كأس إفريقيا للأمم 2015 ستقام في موعدها وأن غينيا الإستوائية هي من سينظمها، وليث الأمر توقف عند هذا الحد بل إن «الكاف» ستعاقب المغرب بلا أدنى استيحاء، على أنه تعامل مع مرض وبائي سريع وقوي الإنتشار بقانون القوة القاهرة، عقوبات رياضية ومالية استأنفها المغرب لدى محكمة التحكيم الرياضي ونجح في إسقاطها كاملة، لتنكشف حقيقة أن من يتولون قيادة مؤسسات رياضية بإفريقيا، لا يستوعبون ما مدى أن يقتل الشره والتفكير فقط في المال الأرواح الإنسانية. اليوم تقرر «الكاف» تأجيل الجولتين الثالثة والرابعة لتصفيات كأس إفريقيا للأمم 2021، برغم أنفها، لأن الدول المعنية أصلا بهذه المباريات التصفوية ومنها المغرب، عزلت نفسها عن العالم وفرضت ما يسمى بالحجر الصحي، كأحد أكبر العوامل المساعدة على خفض سرعة انتشار الوباء، ومن المرجح طبعا أن يتم إلغاء أو تأجيل بطولة إفريقيا للاعبيبن المحليين المقرر لها الفترة ما بين 4 و25 أبريل القادم بالكامرون، لاستحالة تحضير المنتخبات المترشحة لهذه البطولة في ظل العزل الصحي، الذي لن ينتهي في أحسن الأحوال إلا بحلول شهر أبريل القادم. وكما أننا ندعو الله سبحانه وتعالى أن يكشف عنا الغمة ويرفع عنا هذا الهم ويفرج كرب الإنسانية، فإنه من الضروري التأكيد على أن مثل هذه المحن والأزمات، هي ما يمتحن التماسك الإجتماعي والتكافل الوطني والإصطفاف وراء الوطن، فاليوم نحن بحاجة إلا ما يقوينا في مواجهة هذا الفيروس اللعين، إلى ما يستحضر التحامنا وإلى ما يرفع لدينا درجة اليقظة لمواجهة عبث من يتاجرون في آلام الناس، وغدا إن كشف الله عنا الغمة وزال عنا البأس وتجاوزنا هذه المحنة، سيكون الإختبار الآخر هو أن نتجاوز جميعا حكومة ومجتمعا مدنيا تبعات وتداعيات هذا الوباء على اقتصادنا، المهم أن ندرك أننا كمغاربة إسوة بالعالم، نخوض حربا ضد «كورونا»، وسنكسبها بعون من الله وبفضل كل القيم الدينية والوطنية المغروسة فينا.