سألت يوما أحد الذين مروا على رئاسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، إن كان ضروريا تكسير حكمة الصمت والرد بقسوة على ما يرمى به هو والجامعة، من تهم وضلالات وإشاعات مغرضة، فجاء جوابه هادئا كطبعه: «وهل سأمضي وقتي كله في إصدار بيانات الحقيقة التي تكذب وتدحض وتظهر الحقيقة للناس؟ في جحور سرية، يقبع أناس لا شغل لهم إلا رمي الجامعة ومن يتحرك بداخلها بالأكاذيب، وإن أنا ألححت على الرد عليهم، لما بقي لي وقت أنفقه على عملي على رأس مؤسسة بأهمية واستراتيجية جامعة كرة القدم في المشهد الرياضي الوطني.. كل تلك السفاهات عرضنا عنها بتركها، وكل تلك الإساءات كنا نعرف لها صناعا تجاوزنا عنهم، وتركنا من بيده ميزان العدل يحاسبهم عليها، وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح». ما ذكرني بهذا البوح، ما سمعته من سعيد الناصيري رئيس الوداد البيضاوي وهو يتحدث في خرجة إعلامية محسوب ومخطط لها، عن البدع التي أطلقها البعض بخصوص الطريقة التي تدبر بها الناصيري نفسه القضية العالقة إلى الآن والمرتبطة بالنهائي العار الذي كان ملعب رادس مسرحا له، والأدوار التي لعبها رئيس الجامعة فوزي لقجع من أول يوم للإنتصار لمصلحة الوداد. لا شك أن الناصيري خرج عن صمته الإعلامي، بإيعاز مما ألصق به وبرئيس الجامعة من توصيفات قدحية وظالمة، لا سند قانوني ولا حتى منطق لها، فقد ذهب الضالعون في الإساءة بتحريض من لوبي هاجسه الأول تقويض صرح كرة القدم الوطنية، إلى الإدعاء بأن الناصيري باع «لماتش» للترجي في قضية النهائي العار لعصبة الأبطال، وأن فوزي لقجع خان الوداد وتخلى عنها في عز حاجته إليه، وفي الحالتين معا هناك تخوين للرجلين.. لا حاجة بالطبع لأن أعيد سرد سيناريو ما حدث منذ اللحظة التي قرر فيها لاعبو الوداد بتحريض من رئيسهم الناصيري، عدم استئناف اللعب بملعب رادس، لحين تشغيل الفار، والتأكد من صحة هدف وليد الكرتي المرفوض، وإلى غاية عرض القضية على محكمة التحكيم الرياضي بسويسرا لنقض حكم اللجنة التأديبية المآزر من طرف لجنة الإستئناف التابعتين معا للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، فمن ينفق المال والجهد ويطارد المساطر القانونية بكل تعقيداتها ولا يتصور للحظة واحدة أنه يطارد خيط دخان، لا يمكن إلا أن يكون مؤمنا بعدالة قضيته، ولا يمكن أن يفعل شيئا آخر غير صون الأمانة التي قلده بها شعب الوداد، وصيانة الأمانة هي أن لا يعدم وسيلة قانونية لاستعادة الحق المسلوب. هكذا تصرف سعيد الناصيري بكل أمانة من دون أن ييأس، وحتى إن قدر، ولم تنصف المحكمة الرياضية الدولية الوداد في مطالبته بإعادة النهائي الملعون في بلد محايد، فإن الناصيري سيكون قد أدى واجبه على الوجه الأكمل بما يمليه عليه الضمير الحي وبما تفرضه عليه أدبيات قيادة فريق بمرجعية وتاريخ الوداد، فكيف لرجل بهذا الإصرار وبهذه الإستماتة أن يكون خائنا؟ وإزاء هذا المسلسل الماراطوني بفصوله الزمنية الثلاثة، كان لفوزي لقجع رئيس الجامعة دور وأي دور في المصاحبة والدعم واقتراح البدائل وممارسة ما هو مقدر له من جهد للضغط من أجل الإنتصار لعدالة قضية الوداد. ومن يرصد جيدا ما يتفاعل على مسرح الأحداث وما ينجز في الغرف المغلقة، يمكن أن يدرك جيدا المساحات الكبيرة التي تحرك فيها فوزي لقجع ليعيد للوداد حقه المسلوب، وقد فعل ذلك بضمير الوصي على مصلحة كرة القدم والحامي لحقوق الأندية الوطنية التي سلمته أمانة تسيير جامعة كرة القدم، ويمكن لكل حاذق أن يستخلص حقيقة على درجة كبيرة من الأهمية، وهي أن ما فعله فوزي لقجع بجلباب رئيس الجامعة، كان يمكن أن يدمر وظيفته كنائب لرئيس الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، كيف لا وهو من خرج على العلن يسأل رؤساء الأندية الوطنية، وكل الشرفاء الذين يقفون على رأس جامعات وطنية أفريقية العون لإسقاط لوبيات الفساد داخل الكونفدرالية؟ كيف لا وهو من استهدفه الحاسدون والحاقدون والخائفون من بطشه بالكثير من التهم الرخيصة والتي منها أنه يجر «الكاف» إلى مستنقع متسخ؟ أعود لما قاله لي صديقي الذي أتحفظ عن ذكر إسمه، من أن إنفاق الوقت كله في تكذيب المارقين والتشهير بصناع الفتنة والضلالات وصياغة بيانات الحقيقة، سيكون على حساب زمن، الأجدى أن يخصص بالكامل لتسريع الأوراش الحيوية التي عليها يتوقف مستقبل كرة القدم الوطنية ويتوقف عليها مصير الملايين من الشباب المغاربة الذين يتوقون إلى كرة قدم وإلى رياضة وطنية تحقق لهم أحلامهم..