البروڤة الثانية أمام الغابون وإن كانت محمولة على رهان الفوز المعنوي والإجباري للأسود، فلا تعني شيئا في منظور الرأي العام، ولكن ما هو أهم أن إنهاء مخاض الإختيارات والقناعات للوجوه المنادى عليها يبقى هو العلامة البارزة لربح الأسطول وتوسيع دائرة المواقع التي بها جدل، وأكبر الدلالات غير الواردة هي: ما هي الفائدة من الوديتين في غياب فريق نموذجي يتأسس عليه منطوق مباراة موريتانيا؟ خلاصات التعادل كما العادة، لا تهم نتائج الوديات بقدر ما تهم مرحلة تثبيت المنتخب على قنواته الخطية ورجالاته المفروض أن يكونوا النواة الأصلية لمستقبل الإستحقاقات، ومن الطبيعي أن نعيش هذه المشاكل التي قلبت المنتخب على عقب بعد اعتزال الوجوه المعروفة والغيابات الكثيرة التي خلخلت التوازنات الاستراتيجية لدرجة أن ما جرب في مباراة ليبيا لم يعكس التفاؤل وإراحة النفس لدى أنصار الأسود ولا حتى المعطى التقني لبعض العناصر التي لم تشكل الإضافة المرجوة سواء على مستوى خط الدفاع أو على مستوى البناء الهجومي ولا حتى على مستوى إيصال الكرة لقلب الهجوم، وهي خصوصيات أكدت بالملموس صعوبة التوصل إلى النجاعة الهجومية من خلال رصد الخطة التي تضع قلب الهجوم بلا سند حقيقي، أو حتى على مستوى المشاكل الدفاعية التي لم تعط الإرتياح الكامل على مستوى الأظهرة سيما من حمزة منديل المحدود في تحصين ركنه الدفاعي ولو أنه نشط الخط الهجومي من اليسار دون أن يكون مع الإدريسي في انسجام وثيق، ولو أن حتى الإدريسي كان خارج النص وهو الذي كان يعول عليه لتقوية مركز اليسار، واجمالا كلفت الغيابات نقصا كبيرا في المواقع والفوارق الكبيرة والمؤثرة لسايس وحكيمي ونوصير وزياش وغيرهم دون أن يكون للفريق الوطني الذي واجه ليبيا وزن ثقيل في ربح المواقع المفترض أن تكون هي السمة الغالبة في مسألة التجريب. ليبيا محك النقائص طبعا، كان نزال المغرب وليبيا محكا قويا للطرفين وبخاصة ليبيا التي قدمت مباراة صارمة وبدنية وفعالية، وهو ما يعني أن الفريق الوطني بتغييراته الكبيرة وضع أمام محنة وحلول مستعصية، أولا في التناغم الدفاعي في كل المواقع وغير المؤمن عليه على مستوى النجاعة من خلال الأخطاء المقترفة في عشوائية الصد وغياب الهدوء في التعامل مع الخصم وكذا الفراغات المتواجدة في الأطراف وصعوبة الحكم على ثنائية عبد الحميد ويميق، وحتى الوسط وإن كان دور كل من أمرابط وفجر جيدا في تغطية المساحات، فإن حارث كصانع لم يكن بذات الشكل الإبهاري مثلما يقدمه بشالك على مستوى التنويع في اللعب وتقديم الإضافة للنصيري إلا ناذرا فضلا عن الأطراف التي تحرك فيها نورالدين أمرابط أكثر من الإدريسي على مستوى الفعالية ولو أن منتخب ليبيا تكثل دفاعيا ووسطيا ووضع الوسط المغربي أمام حلول عقيمة مثلما وضع قلب الهجوم في مقصلة الحراسة دون أن يقلب الناخب وحيد النهج المفترض أن يقدم حلولا جديدة في استراتيجية اللعب، صحيح أنه أقدم على تغييرات أخرى للوقوف على فعالية قادوري وبوربيعة والحداد، ولكن ما بدا أن الحداد كان هو المنشط الفعلي للجهة اليسرى، لكن بدون فعالية الحسم في وقت تغيير وضع قادوري بعد أن أصيب خلال ثماني دقائق التي زج من خلالها في المباراة، وعموما وضعت ليبيا المتحكمة في أسطولها القوي بدنيا واستراتيجيا المنتخب المغربي في مشاكل أبانت عن محدودية بعض اللاعبين بمن فيهم منديل وكارسيلا ونسبيا عصام شباك وحتى أسامة الادريسي المفترض أن تترك له مساحة الفرص لإظهار ما خجل فيه أمام ليبيا وهو المعروف كهداف بهولندا وصانع التمريرات الحاسمة. عين على الجديد وأمام الغابون في الودية الثانية، سيكون وحيد أمام إشهار أوراق أخرى رغم أنه موجود في فرن تحقيق الفوز، لكن بأي فريق وبأي قناص وبأي نجاعة هجومية، إلا أن الناخب أصلا يوجد في مطب التناقض بين تحقيق الفوز وبين الوقوف على الوجوه التي سنسير معها في مجموعة الكوموندو، والحالة هاته أن الفوز لن يعطيه الدليل القاطع على أنه امتلك الأدوات الحاسمة للنهج، كما أن تجريب البقية في اللائحة ستفرض عليه وضع تقرير نهائي لرجال المباريات الأربع خلال شهرين على الأقل لوجود ترسانة مهمة من الوجوه التي ستشكل النواة الأصلية مع أنها نواة مطروحة للصراع التنافسي واللحمة الدائمة، وما سيفعله وحيد هو تمكين الوجوه المدعوة لمعاينتها لربح المراكز الأساسية منها ما هو محلي ومنها ما هو وافد من أوروبا، ويتعلق الأمر بأحمد المسعودي في وسط الميدان وسليم أملاح العائد إلى اللائحة ونايف أكرد وباعدي وفضال مجددا والحارس المحمدي أو الزنيتي وربما استعادة حكيمي من الإصابة إلى جانب تاعرابت وبوربيعة، وكل هذه الوصفات قد تلعب من البداية أو تشرك تباعا وفق اختيارات الناخب. خطورة المرحلة ويظل الحديث عن الوديات مطروحا للنقاش أمام الرأي العام، إذ المفترض أن يكون وحيد قد هيأ التوابل الرئيسية لمباراة موريتانيا انطلاق من وديتي ليبيا والغابون على الأقل لنعرف جميعا كيف يفكر الرجل، ولكن هذا التصور غير مطروح على الإطلاق لكون إصابات اللاعبين وإكراهات غيابهم قلصت فنيا من تصور الفريق التموذجي، وربما بعد عودتهم المقبلة ستكون الأمور جاهزة اعتبارا الى أن زياش وبلهندة ودرار وحكيمي ومزراوي وسايس وبوفال وآيت بناصر يشكلون العصب الأساسي للفريق الوطني إلى جانب الحراس ويونس عبد الحميد وسفيان أمربط وفيصل فجر وحارث ونورالدين أمرابط والكرتي والحداد وعليوي والنصيري كأسطول، وبعودتهم ستتوضح الرؤية للتلاحم مع من سيكونون ربحا إضافيا من الجيل الجديد (عصام شباك، وسليم أملاح وأحمد المسعودي وأكرد وفضال ويميق وباعدي وقادوري...)، لذلك تبدو المرحلة الحالية صعبة وخطيرة في التعامل مع الفريق الوطني كلحمة جامعة وبذات الشخصية القوية التي كان عليها مع الناخب السابق ذهنيا وتكتيكيا، ويبدو الإنتظار سيد المواقف والصبر شبه الطويل في تأسيس القناعة الكاملة للأسطول. الغابون.. الدرس الثاني الأمر يتعلق هنا بخصم ثاني بقيمة منتخب الفهود الغابوني وفي ودية غير متشابهة مع المنتخب الليبي، والغابون منتخب جيد وله مرجعية إفريقية كبيرة وله محترفون بأوروبا ويلعب كرة نموذجية مبنية على المهارة والتكتيك الصارم وبأسلوب لا يتلاءم مطلقا مع منتخب ليبيا في الصرامة البدنية والتركيز الجيد والمحاصرة اللصيقة، لذلك من المفترض أن يكون الفريق الوطني بالوجوه التي سيعتمدها حاضرا بوجه مخالف عن الصورة التي ظهر بها أمام ليبيا، ومن البديهي أن يكرس الناخب شكلا جديدا من الخطط للوصول إلى الغاية التي يتعذب من خلالها رؤوس الحربة، فلا النصيري سجل ولا عليوي سجل وهما من يؤسسان معارك صريحة في خط الهجوم لكون صناعة اللعب غير فعالة بالشكل الذي نرى فيه الهدافين غزيري الفرص، ومن يصنع ذلك هم رجال الأروقة ورجال المبادرة من الوسط وحتى صعود الأظهرة الدفاعية، وأعتقد أن مباراة الغابون ستضع الناخب أمام علامة كيفية تحقيق الفوز ومع من سيشكل هذا الفوز من صناع القرار إن كان تاعرابت أو حارث من الوسط أو من الأجنحة أو رجال الأظهرة. الفهود تقلب المواجع ويظهر المنتخب الغابوني حاليا أمام واقع الأحداث موصوفا بقناعة أخلاقية وميثاق أمضى عليه الفريق عامة من خلال لقاء بوزير الشباب والرياضة الغابوني على أساس أن يتجرد اللاعبون من سلبيات ما حدث خلال إقصائهم أمام بوروندي كعقبة أبعدت الغابون من نهائيات كأس إفريقيا بمصر وهو ما أفاض عليهم سيلا من الإنتقادات الحادة من الأنصار وطالبوا من المسؤولين إبعاد كل اللاعبين من العرين مقابل اختيار جيل جديد، إلا أن الناخب الجديد باتريس نوفو غير المنطق واختار لائحة من الجيل السابق مدعمة ببعض العناصر الجديدة مقابل استعادة المجد الضائع والانطلاق المباشر من ودية بوركينافاسو التي فاز عليها بهدف الجزاء من رجل أوباميانغ، وودية المغرب التي ستشكل لدى الناخب رؤية شاملة للفريق النموذجي على أساس تبليل القميص بالروح كما جاء في الميثاق الأخلاقي، ومن هذا المنطلق سنرى جميعا كيف سيلعب الفهود أمام المغرب وبأية روح، وبأي شكل استراتيجي للتعامل مع اللائحة التي قدم فيها فريقا معروفا بأسمائه من الحراسة إلى الهجوم. البرنامج الثلاثاء 15 أكتوبر 2019 مباراة ودية بطنجة: الملعب الكبير: س 20: المنتخب المغربي منتخب الغابون