احتاج عبد الرزاق حمد الله إلى موسم واحد فقط ليؤكد أن القرار الذي اتخدته إدارة النصر بإطلاق سراح الرقم 9 بعدما وضعته في الإقامة الجبرية، كان قرارا صائبا إلى أبعد حد. كان الرقم 9 حكرا على أسطورة النصر ماجد عبد الله، وكل الذين تسلموا هذا الرقم من بعده إما فشلوا.. أو احترقوا.. أو خرجوا من الباب الضيق، إلى أن جاء حمد الله وقدم بطاقته المكتوب عليها «تفرغ كامل للأهداف». ودخل حمد الله البطولة السعودية بتحد كبير وهو متيقن أن الصحاري وكل البراري القاسية تحتاج للدفع الرباعي!! وعندما سقاه السعوديون قهوة عربية مرة ظلت أعصابه منتبهة باستمرار، وظل يقظا يترصد كل سعي لتوليد الأهداف والأفراح لفريقه في كل جولة ومباراة. اتسمت البداية بخجل كبير، حتى بدا للبعض أن التحدي الذي أقبل عليه المهاجم المغربي يأخد شكل المعجزة! أو شكل المستحيل!! لم يشركه المدرب في المباراة الأولى، ولا في الثانية، وعندما بدأ يشارك، ولدقائق معدودة، احتاج إلى 12 مباراة كاملة ليسجل 3 أهداف فقط.. فتعالت الأصوات أن هذا المهاجم القادم من البطولة القطرية ضعيف، وفاقد لكل مقومات التهديف، ولا يليق بتاتا بفريق إسمه النصر.. لكن سرعان ما إتضح أن الإخفاق الذي توقعه عديدون كان مقلبا كبيرا لهم، وأن الأهداف لا تعصي الأوامر لحمد الله على الإطلاق، فتيقن النصراويون أنهم عقدوا صفقة على مستوى الجنون! وظل حمد الله مثل محارب في ساحة الوغى، يقاتل.. ويقاتل، يوقع الأهداف تلو الأهداف.. فسجل في 13 مباراة متتالية 23 هدفا، اكتشف معها النصراويون أن هدافهم مدجج بالنوايا الحسنة، في حين إكتشف الخصوم أنه مدجج بالغدر.. فتيقن حمد الله أنه محكوم بقانون التَّضَاد.. رقيق ومستأنس وجيد الطباع في نظر محبيه، وفظ وشرس ومتوحش في نظر خصومه. وظل حمد الله مثل القطعة الأساسية على رقعة الشطرنج، إذا عطس أصيب النصراويون بالزكام! وإذا غاب خرجت جماهيره عراة من هول الصدمة! وحسم حمد الله لقب هداف البطولة في وقت مبكر، وأكد أنه بعث الحياة في الرقم 9 الذي كان يثير مخاوف النصراويين، لكن مع ذلك لم يهدأ له بال، لأن لقب البطولة الذي بلغ ذروة الإثارة مع جولته الأخيرة ما زال معلقا وعلى «كف عفريت»! وكان حمد الله في الموعد خلال ختام البطولة، سجل الهدف الأول في مرمى الباطن، لكن هذا الأخير كان عنيدا ومستعصيا إلى أبعد حد، فسجل هدف التعادل، ووضع النصراويون أيديهم على قلوبهم خوفا على اللقب، وكان من الضروري أن يتحرك «الجلاد» مرة أخرى.. لم ينتظر طويلا ولم يدع جماهير النصر تقلق أكثر من اللازم.. كرة مرفوعة على المقاس داخل منطقة العمليات، حمد الله في الإنتظار، احتضنها بصدره وتركها تهبط بسلام، تم سددها مرعبة كطلق ناري، ثم ركض فرحا.. فقد تيقن أن قدفته اليمينية فجرت الشباك على نحو ما حدث مع كل أهدافه السابقة. ووقع الحدث الجلل! فقد إنتهت المباراة بالفوز والتتويج للنصراويين.. فرح عارم، وغليان غير مسبوق في المدرجات وعلى أرضية الملعب، كان المنظر مهيبا.. فانهار «الجلاد» وانهمرت دموع الفرح بغزارة، وكان لابد أن يتدخل زملاؤه ليس فقط ليسكتوه أو يواسوه أو يهنئوه، ولكن ليحملوه فوق الأعناق، فقد حقق ما يشبه المعجزة، منح لقب البطولة للنصر الذي غاب عنه منذ 2015، وتوج هدافا للموسم برقم قياسي غير مسبوق، ثم ظفر بلقب وجائزة أفضل لاعب في البطولة السعودية. ألم يكن «الجلاد» مدججا بكل مقومات وإمكانيات الدفع الرباعي؟! أهدافه في البطولة ذهابا وإيابا سجل 1 في التعاون (الدورة 4) – 1 في الباطن (د 6) – 1 في الهلال (د 12) – 4 في الرائد (د 13) – 2 في الاتحاد (د 14) – 1 في أحد (د 17) – 1 في القادسية (د 19) – 2 في الأهلي (د 20) – 1 في الفيحاء (د 21) – 1 في الشباب (د 22) – 2 في الاتفاق (د 23) – 4 في الوحدة (د 24) – 1 في الهلال (د 25) – 3 في الرائد (د 26) – 2 في الاتحاد (د 27) – 2 في الفتح (د 28) – 3 في الحزم (د 29) – 2 في الباطن (د 30). الأفضل في شهرين متتاليين فاز عبد الرزاق حمد الله بجائزة أفضل لاعب مرتين متتاليتين، وذلك في شهر مارس وكذا في شهر أبريل المنصرمين، حيث تألق في مباريات مارس وسجل 7 أهداف من الأهداف ال10 التي سجلها نادي النصر خلال هذا الشهر، وكانت في شباك الاتفاق (2) والوحدة (4) والهلال (1). كما تألق في شهر أبريل وسجل 7 أهداف أيضا من الأهداف ال12 التي سجلها النصر وكانت في مرمى الرائد (3) والاتحاد (2) والفتح (2). هداف البطولة والكأس الحضور المتميز لعبد الرزاق حمد الله هذا الموسم لم يقتصر فقط على منافسات البطولة التي توج هدافا لها ب 34 هدفا، وهو رقم غير مسبوق في الدوري السعودي، ولكنه سجل تميزه كذلك في مسابقة كأس الملك، حيث توج أيضا هدافا حيث وقع على 14 هدفا، مع العلم أن النصر خرج من دور نصف النهائي. الهداف أفضل لاعب توج عبد الرزاق حمد الله مهاجم النصر بجائزة أفضل لاعب في البطولة السعودية، وذلك خلال الحفل الذي أقامته عصبة بطولة المحترفين. وتنافس على الجائزة كل من لاعبي النصر المغربيين عبد الرزاق حمد الله ونور الدين أمرابط، والفرنسي بافتمبي غوميس لاعب الهلال، والكامروني ليندر توامبا لاعب التعاون، والبرازيلي دجانيني تفاريس لاعب الأهلي. وخلال الحفل تسلم حمد الله الحذاء الذهبي مع شيك بالمبلغ المالي المخصص للهداف من اللاعب السابق أسطورة النصر ماجد عبد الله. كما تسلم حمد الله جائزة أفضل لاعب من رئيس عصبة بطولة المحترفين، مع الشيك المالي المخصص للأفضل لاعب، هذا ما قاله حمد الله بعد الجائزتين توجه عبد الرزاق حمد الله بالشكر لكل من سانده وساعده على التألق في موسمه الكروي، وقال بمناسبة حصوله على الحذاء الذهبي وعلى جائزة أفضل لاعب: «أشكر جميع مكونات النصر، وخصوصا الجماهير التي ساندتني كثيرا، أهدي الجائزتين لكل من ساندني وخصوصا عائلتي». وأضاف: «جائزة أفضل لاعب هناك من اللاعبين من يستحقها أفضل مني، لكن كان للمصوتين رأي آخر، وأعترف أنه ينتظرني الكثير من العمل ومن الجهد حتى أظل في القمة». أرقام قياسية قدم حمد الله موسما إستثنائيا بتحطيم كل الأرقام القاسية، وبخلاف فوزه بلقب الهداف ب34 هدفا، فقد كسر رقم حمزة إدريس مهاجم الإتحاد السابق (33 هدفا) الذي ظل صامدا 19 عاما، ليصبح الهداف التاريخي ف البطولة السعودية، كما أنه إستطاع أن يحافظ على وثيرته التهديفية خلال 13 مباراة على التوالي. ووفقا لحساب شبكة الإحصائيات «أوبتا» فقد نجح حمد الله في صناعة 9 تمريرات حاسمة، وهو ما جعله أيضا واحدا من كبار صناعة الأهداف في البطولة السعودية.