بعدما توج بطلا لعصبة أبطال أوروبا لكرة القدم للمرة الثالثة تواليا، تلقى فريق ريال مدريد الإسباني صدمتين قويتين في صيف 2018: رحيل مدربه الفرنسي زين الدين زيدان عن منصبه، وانتقال نجمه البرتغالي كريستيانو رونالدو الى يوفنتوس الإيطالي. لكن النادي الملكي يسعى للحفاظ على هيبته في عالم كرة القدم بقيادة المدرب الأرجنتيني سانتياغو سولاري. لم يهنأ مشجعو النادي الملكي طويلا بهذا المجد. بعد أيام، فاجأ زيدان الجميع بإعلان رحيله بعد سنتين ونصف في منصبه، في فترة أصاب خلالها نجاحات كبيرة من خلال الفوز بتسعة ألقاب من أصل 13 ممكنة. كان وقع الخبر كالصاعقة في العاصمة الإسبانية، لاسيما على رئيس النادي فلورنتينو بيريز الذي بدا متجهم الوجه أثناء جلوسه الى جانب زيدان خلال المؤتمر الصحافي الذي أ علن فيه قرار الرحيل. أدرك زيدان (46 عاما) أن موسمه الأخير لم يكن مثاليا. ابتعد في البطولة المحلية وخسر لقبه لصالح غريمه الأزلي برشلونة، وخرج من كأس الملك أمام ليغانيس المتواضع مقارنة بعملاق سانتياغو برنابيو. رأى النجم السابق لكرة القدم الفرنسية حاجة الفريق لمقاربة جديدة بعد أعوام متخمة بالألقاب. دخل بيريز في مهمة شبه مستحيلة لإيجاد البديل، لأن كل المرشحين المنطقيين لخلافة قامة بحجم زيدان في ناد من طينة ريال، كانوا مرتبطين مع أندية أخرى. الألماني يورغن كلوب مع ليفربول الإنكليزي، الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو مع طوطنهام، والآخرون... رسا الخيار على جولن لوبيتيغي مدرب منتخب إسبانيا، وأتى إعلان التعاقد معه للموسم المقبل، في خضم استعدادات "لا روخا" لخوض منافسات كأس العالم في روسيا. دفع لوبيتيغي ثمن الاعلان المبكر من قبل ريال، وهي خطوة أثارت حفيظة الاتحاد الإسباني بقوة، ودفعته لإقالته قبل يومين من خوض المنتخب مباراته الأولى في المونديال، في مواجهة "ايبيرية" ضد البرتغال. تولى لوبيتيغي مقاليد الإدارة التقنية على وقع إيحاءات من رونالدو، أفضل هداف في تاريخ النادي، بأن مسيرته التي بدأت معه عام 2009، بلغت فصلها الأخير. على وقع الاحتفالات باللقب الأوروبي في ملعب كييف، أطلق أفضل لاعب في العالم خمس مرات التلميح الأول. في اليوم التالي بدا وكأنه يتراجع، ليتأكد الأمر بعد أسابيع: رونالدو الى يوفنتوس مقابل نحو 100 مليون يورو. بدا أن رحيل رونالدو كان سلسا، صفحة وطويت. الا أن اللاعب خرج عن صمته في تشرين الأول/أكتوبر، وأدلى بتصريحات لمجلة فرانس فوتبول وجه فيها انتقادات لبيريز، وقال "كنت أشعر في داخل النادي، لاسيما من جانب الرئيس، بأنني لا أحظى بالتقدير نفسه كما في البداية". أضاف "كانت نظرة الرئيس إلي تظهر أنني لم أعد لاعبا لا غنى عنه". خلافا لعادته في سوق الانتقالات، لم يحرك بيريز ساكنا. لم يكن العائق ماليا بطبيعة الحال، بل لأن النجوم الذين تردد أن النادي يريد التعاقد معهم، كانوا غير متوافرين: البرازيلي نيمار، الفرنسي كيليان مبابي، البلجيكي إدين هازار... الاسم الأبرز الذي انضم للكتيبة المدريدية، كان مواطن الأخير حارس المرمى تيبو كورتوا الآتي من تشلسي الإنكليزي. لم تكن محدودية التعاقدات المفاجأة الوحيدة من قبل ريال. بدأ الفريق الموسم بشكل ضعيف لا سيما بعدما ورث لوبيتيغي فريقا متعبا جراء مشاركة نجومه في مونديال روسيا وبلوغ معظمهم مراحل متقدمة مع منتخبات بلادهم. أتى الانذار الأول بخسارته كأس السوبر الأوروبية أمام جاره أتلتيكو مدريد 2-4 بعد التمديد. أما ضمانة الأهداف التي كان يؤمنها وجود رونالدو فتراجعت بشكل كبير ولم يتمكن الفرنسي كريم بنزيمة أو الويلزي غاريث بايل من سد تلك الثغرة. فشل النادي الملكي في التسجيل على مدى 8 ساعات بين شتنبر الى أكتوبر قبل ان يتلقى صفعة قوية بخسارته الثقيلة أمام برشلونة 1-5، ما أدى الى إقالة لوبيتيغي وتعيين سولاري بديلا موقتا. كان أمام سولاري أسبوعان لكي يقنع مجلس الإدارة بجعله مدربا رسميا، ونجح بذلك بفضل فوز الفريق في المباريات الأربع الأولى بإشرافه مسجلا 15 هدفا ومتلقيا هدفين فقط، ليحقق أفضل انطلاقة لمدرب في تاريخ ريال. نجح سولاري بعدها في بلوغ ثمن النهائي من عصبة أبطال أوروبا، وأحرز أول ألقابه بفوزه على العين الإماراتي 4-1 في نهائي كأس العالم للأندية. في رده على سؤال عن إمكان التتويج بلقب أوروبي رابع، اختار سولاري أن يكيل المديح للاعبين والفريق الذي سبق له الدفاع عن ألوانه. وصفهم بأنهم "مجموعة من الأبطال، المحاربين، الذين فازوا بالكثير"، مضيفا "سأبذل كل ما أستطيع. إنها فرصة كبيرة مع ناد عظيم".