لأن فرنسا تحمل فوق أراضيها العديد من الجنسيات من إفريقيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية، فإنه من الطبيعي أن يقود مجموعة من اللاعبين الأجانب ليس فقط النوادي، ولكن أيضا المنتخب الفرنسي الذي عودنا أنه يتشكل من لاعبين يحملون جنسيات مختلفة، وتلك عادة أخذتها على عاتقها الكرة الفرنسية، حيث لا تجد حرجا أن يلبس الأجانب قميصها من عرب أو أفارقة أو غيرهم، حتى أن هؤلاء الأجانب ساهموا بقسط وافر في صعود منتخب الديكة إلى منصة التتويج، وأعني بذلك كأس العالم 1998 والأورو 2000، لذلك ربطت الكرة الفرنسية بالرغم من بعض الأصوات المعارضة التي تطالب بإبعاد الأجانب عن المنتخب الفرنسي قصة حميمية منذ عقود وواصلت سياستها إلى وقتنا الحالي، لكن الظاهر أن الكرة الفرنسية باتت تعيش مشكلا من نوع آخر يتجلى في رفض مجموعة من اللاعبين حمل القميص الفرنسي إستجابة لبلدهم الأصلي رغم إغراءات الفرنسيين. حرب التجنيس طفت على السطح ظاهرة جديدة تتمثل في التجنيس الذي باتت مجموعة من المنتخبات تسلكه من أجل تعزيز صفوفها، وتعد فرنسا واحدة من البلدان التي تعيش على إيقاع هذه الظاهرة، إذ تسعى جاهدة للإستفادة من اللاعبين الذين يبصرون النور فوق أراضيها ويتلقوا تكوينهم هناك، خاصة في السنوات الأخيرة بعد أن فطنت الدول التي لها جالية كبيرة هناك إلى وجود مواهب من المفروض أن تستفيد منها وتعزز بها منتخباتها، لذلك دخلت في حروب خفية، من أجل تخليص لاعبيها من شبح التجنيس الذي طال مجموعة من اللاعبين، خاصة أن فرنسا عودت المتتبعين أنها تعتمد بنسبة كبيرة على لاعبين لا ينحذرون من أصول فرنسية. وإذا ما نجحت فرنسا في أنها تفوقت في استمالة مجموعة من اللاعبين غير الفرنسيين واستفادت منهم كثيرا، حيث يبقى من أبرزهم الجزائري الأصل زين الدين زيدان، فإن هناك من اللاعبين من تجنب السقوط في فخ التجنيس ونجح في حمل ألوان بلده الأصلي رغم أنف الفرنسيين، والأكيد أنهم يتحسرون لهروب مجموعة من اللاعبين البارزين الذين أبصروا النور بفرنسا وشربوا من ثدي مراكزها التكوينية قبل أن يتحولوا إلى نجوم عالمية وفي أكبر الأندية. لوران بلان وحرقة الشماخ هو منتوج خالص بمركز تكوين نادي بوردو وواحد ممن استفادوا من الأطر الفرنسية التي تعلم على يدها أبجديات الكرة حتى صار واحدا من أبرز النجوم التي يفتخر بها نادي بوردو، بدليل أنه كان واحدا من صناع الألقاب التي حصل عليها كلقب البطولة وكأس العصبة وكأس الأبطال، وكان من الطبيعي ونظير مواهبه أن يواصل مروان الشماخ تسلقه المراتب بدليل أنه وقع لأرسنال الإنجليزي أحد أبرز الأندية الأوروبية، ويحسب للمدرب الزاكي بادو أنه استطاع أن يكتشف مروان الشماخ مبكرا ونادى عليه قبل أن يفجر الأخير مواهبه ويصل إلى ما وصل إليه اليوم من نجومية. مروان الشماخ هو واحد من اللاعبين الذين استطاعوا أن يوقعوا على مسار جيد، بل لا زال قادرا على العطاء، لذلك يعتبر من بين أبرز مكاسب الكرة المغربية وأيضا من بين من خسرتهم الكرة الفرنسية، خاصة أن لوران بلان الذي يعرف ملكات الشماخ بعد أن دربه مع بوردو يمني النفس لو أن الأخير يلعب للمنتخب الفرنسي في ظل الغياب التام لرأس حربة من قيمة الشماخ. نجومية التانغو خطفت هيغوين أبصر غونزالو هيغوين النور في فرنسا من أب وأم أرجنتينيين، وقضى عشرة أشهر في بريست قبل أن يعود ليعيش مع أسرته في بلده الأصلي الأرجنتين، وبعد أن تألق في البطولة الأرجنتينية وانتقل إلى ريال مدريد تذكر الفرنسيون أنه أبصر النور في فرنسا ويحمل جنسيتها، وبذلك من حقه أن يلعب للمنتخب الأزرق، ما جعل المدرب رايموند دومينيك يوجه له الدعوة، لكن الأخير أدار لها ظهره وقرر اللعب لمنتخب بلاده، ما جعله يرتب أوراقه الإدارية قبل أن ينضم لمنتخب الطانغو. والظاهر أن هيغوين قد آثر نجومية المنتخب الأرجنتيني من ميسي إلى إغوير وزانيتي وطيفيز وغيرهم لحصد الألقاب، هيغوين كان سيمثل عنصرا إضافيا في تشكيلة المنتخب الفرنسي لو أثرت فيه الشهور العشرة الأولى في حياته والتي قضاها بفرنسا. الأفيال خطفوا دروغبا أبصر ديديي دروغبا النور في أبيدجان الإيفوارية، لكنه إضطر للهجرة إلى فرنسا في سن الخامسة عند عمه، الذي ساعده على رسم مشواره الاحترافي، يحمل الجنسية الفرنسية، لكن ذلك لم ينسيه بلده الأصلي الكوت ديفوار الذي فطن أن دروغبا يملك الإمكانيات ليساعد منتخب بلادة ويصبح من خيرة المهاجمين في أوروبا، لذلك تمت المناداة عليه وهو لا يزال غير معروف عندما قضى فقط نصف موسم مع غانغامب، إذ في الموسم الي تلاه سجل مع نفس الفريق 17 هدفا، لكن وقتها لم يكن من حق فرنسا أن تستفيد منه بعد أن اختار اللعب للمنتخب الإيفواري، ليبقى دروغبا واحدا من النجوم الفذة التي ضاعت عن منتخب فرنسا. الديوك أهملوا كانوطي كان من الممكن أن يستفيد المنتخب الفرنسي من المهاجم فريديريك كانوطي، بدليل أنه لعب لمنتخب الأمل الفرنسي، وبينما انتظر دعوة من الكبار إذا به يتم تجاهله رغم أنه أبدى رغبة كبيرة في حمل القميص الفرنسي، وحتى بعد انتقاله إلى ويستهام وتألقه فإن التجاهل كان هو سيد الموقف، حيث انتظر المشاركة مع فرنسا في العديد من المنافسات الدولية في كأس العالم 2002 والأورو 2000 و2004، قبل أن يدفعه هذا التجاهل للعب للمنتخب المالي بعدما كان يمارس بويستهام الإنجليزي، لكن أسهمه ارتفعت بعد توقيعه لطوطنهام الإنجليزي وإشبيلية الإسباني، ليبقى كانوطي من بين اللاعبين الذين لم تقتنصهم بشكل جيد العيون الفرنسية. فرنسا طردت إيطو في مناسبتين رفضت فرنسا لاعبا يافعا ينحذر من أصول كامرونية إسمه صامويل إيطو الذي ولد في نكون الكامرونية، وفي سن 14 سنة إنتقل إلى فرنسا لكنه لم يقم بأي نشاط، كروي كان أم دراسي ليطرد من فرنسا إلى بلده لأسباب إدارية، وعاد الفتى إيطو هذه المرة ليقوم باختبار في لوهافر، وهو الإختبار الذي لم ينجح فيه ليعود من حيث أتى، قبل أن يجد ملاذه في ريال مدريد الذي اختاره في مركز تكوينه، والأكيد أن الفرنسيين فوجئوا بإيطو كلاعب عالمي يهز الشباك وهم الذين طردوه في مناسبتين ولم ينتبهوا إلى مواهبه التي جعلت منه أحد أفضل المهاجمين عالميا. باسونغ الموهبة القادمة في ظل الصعوبات التي يجدها المنتخب الفرنسي في جبهة الدفاع فإن الفرنسيين يتحسرون كثيرا على ضياع موهبة إفريقية تنحذر من الكامرون، مع الأسف لم ينتبه الفرنسيون إلى مدافع جيد تلقى تكوينه بكلير فونطين وأبصر النور في العاصمة باريس، باسونغ الذي يمارس بطوطنهام الإنجليزي وفي ظل التجاهل الذي لقيه من المنتخب الفرنسي إختار بلده الأصلي الكامرون ليمارس إلى جانب أبناء جلدته. العرابي.. نجم فرنسي لكرة الصالة المغربي يوسف العرابي واحد من النجوم التي حملت ألوان المنتخب الفرنسي للقاعة في عدة مناسبات قبل أن يتحول إلى لاعب محترف بنادي كاين الفرنسي، والأكيد أن الفرنسيين كانوا يمنون النفس لو أن يوسف العرابي تريث قليلا ليتقوى عوده قبل اختياره للمنتخب المغربي، لأن المستوى الذي يظهر به حاليا في البطولة الفرنسية يؤكد أنه سيكون من بين أبرز اللاعبين القادمين، حيث يتصدر ترتيب هدافي البطولة الفرنسية.. إختيار يوسف العرابي المبكر لحمل ألوان المنتخب المغربي أحرج الفرنسيين ولم يترك لهم فرصة التفكير لمراقبته هذا الموسم ومن تم إقناعه بحمل القميص الأزرق. كابوري.. لا لفرنسا لم يقتنع شارل كابوري لاعب وسط نادي مارسيليا بحمل القميص الفرنسي، حيث أعلنها صراحة ومنذ عام 2006 عندما إختار اللعب لمنتخب بلده بوركينافاصو رغم أن بلده لا يعد من المنتخبات المتألقة بإفريقيا، اليوم أصبح كابوري هدفا لمجموعة من الأندية الوازنة في أوروبا، وهو ما سيزيد من حسرة الفرنسيين على لاعب رفض اللعب لبلدهم. أوبارنياك أعياه الإنتظار إنتظر أوبارنياك طويلا المناداة عليه للمنتخب الفرنسي، لكن دون جدوى، حيث تلقى تكوينه بنادي ميتز لكنه تألق مع نادي ليل وبات من بين أفضل لاعبي البطولة الفرنسية، حيث لم يشفع له هذا التألق خاصة أن وسائل الإعلام كانت تتحدث عليه كثيرا، لكن ذلك لم يدفع إلى منحه فرصة على الأقل للتجريب ما جعله يختار اللعب للمنتخب البولوني بعد إلحاح من جده الذي دفعه إلى حمل منتخب بلاده بدلا من الإنتظار دون جدوى. سيسوكو ومالي فقدت فرنسا أحد اللاعبين الذي تألقوا في الملاعب الفرنسية، ومرة أخرى يتأخر الفرنسيون في المناداة على لاعب إسمه محمد لامين سيسوكو، ما جعل الأخير يختار بلده مالي.. المسار الجيد الذي وقع عليه سيسوكو يؤكد أنه واحد من اللاعبين الذين أضاعتهم الكرة الفرنسية، حيث تلقى تكوينه بأوكسير قبل أن ينتقل لفالنسيا الإسباني وليفربول الإنجليزي ومنه إلى يوفنتوس الإيطالي.