القرآن المجيد في موازاة مع الكون الذي هو مرجع للحركة والقدرة والفاعلية؛ يصبح مرجعا للقيم، ومرجعا للوجهة ولحضور القبلة التي سوف تُرشّد هذه الحركة؛ وجليّ أن القدرة على الحركة بدون قيم، وبدون وجهة وبدون قبلة، قد تجعل من هذه الحركة فاتكة بالإنسان وبالأرض الكوكب الذي يعيش عليه الإنسان وبمحيط الإنسان. وهو ما حذّر منه رب العزة في سورة الأعراف في سبع آيات مفصلات فيها بيان أن العلاقة الوطيدة بين القراءتين هي سبب الحياة والنماء، كما فيها أن الانفصال بينهما سبب الفساد والهلاك، قال سبحانه: "ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم وهدى ورحمة لقوم يومنون. هل ينظرون إلا تاويله، يوم يأتي تاويله يقول الذين نسوه من قبل قد جاءت رسل ربنا بالحق، فهل لنا من شفعاء فيشفعوا لنا، أو نردّ فنعمل غير الذي كنا نعمل، قد خسروا أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون. إن ربكم الله الذي خلق السموات والاَرض في ستة أيام ثم استوى على العرش. يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا. والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، ألا له الخلق والاَمر. تبارك الله رب العالمين. ادعوا ربكم تضرعا وخُفية، اِنه لا يحب المعتدين. ولا تفسدوا في الاَرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا اِن رحمت الله قريب من المحسنين. وهو الذي يرسل الرياح نشرا بين يدي رحمته. حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات، كذلك نُُخرج الموتى لعلكم تذّكرون، والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه، والذي خبُث لا يخرج إلا نكدا. كذلك نصرف الاَيات لقوم يشكرون" [سورة الاَعراف، الآيات: 52-58]. إن العناية بإزاء القراءة في الكون مرجع الحركة والفعل، بالقراءة في الوحي لاستبانة القبلة، ولاستمداد الوجهة منه في محافظة دائمة على الوصل والجمع بين هاتين القراءتين، هو ما يجعل الحركة والفاعلية راشدتين بانيتين "قد تبين الرشد من الغي" [سورة البقرة، الآية: 256]. الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء