اشتهرت منطقة سوس كباقي مناطق المغرب ببروز بيوتات توارث أبناؤها العناية بشتى أصناف العلوم، فخلفت هذه الأسر العلمية تركة غزيرة من التأليف والمصنفات شكلت النواة الأولى لبناء خزائنها العلمية، وقد أحصى المختار السوسي في كتابه: "سوس العالمة" من الأسر نحو من مائتي أسرة علمية. وبعد أن بسطنا الكلام في الحلقات الماضية عن بعض أشهر هذه الخزائن، سنحاول في هذا العدد الحديث عن خزائن أخرى بالمنطقة لا تقل قيمة عن كبريات الخزائن المشهورة. - الخزانة الأدوزية تنسب هذه الخزانة إلى أسرة[1] مشهورة بالعلم والصلاح في منطقة سوس، استقر أحد رجالاتها -وهو عبد الله بن يعقوب السملالي- في بداية الأمر ببلدة "سملالة"، وانتقل أحفاده بعد ذلك إلى "أدوز" إحدى قبائل "إدو باعقيل" القاطنة بأحواز تزنيت. وقد أسهم علماء هذه الأسرة في حركة التأليف بالمنطقة، كما يرجع لهم الفضل في تنمية دخائر هذه الخزانة، ومن أشهرهم: العلامة يبورك بن عبد الله بن يعقوب (ت1058ه)، والشيخ العربي بن إبراهيم الأدوزي (ت1286ه) وغيرهما. ويمكن تحديد الخزانة الأدوزية[2] في أربع خزائن فرعية وهي: خزانة الحاج إبراهيم بن عبد العزيز بالمدرسة العتيقة "سيدي بوعبدلي" بأحواز مدينة تزنيت، وخزانة سيدي عيسى بن المحفوظ، وخزانة أخرى بقرية "تَمْكرْت"، وخزانة سيدي أحمد بن العربي الأدوزي والتي تم ترحيل الجزء الأكبر من أرصدتها من بلدة "تاسْنُّولت" إلى "تاسيلا" بمنطقة ماسة، كما قام ثلة من الباحثين[3] بمحاولة بيبليوغرافية لفهرسة مخطوطات هذه الخزانة والتي توجد في حوزة الأستاذ أحمد بن عبد الرحمن فكري. يبلغ عدد الكتاب المخطوطة بهذه الخزانة الفرعية 60 مخطوطا موزعة على الشكل الآتي: - القرآن وعلومه: خمسة مؤلفات مخطوطات من ضمنها: "تفسير الواحدي" للحسن علي الواحدي (ت468ه)؛ - الحديث وعلومه : أربعة عشر كتابا مخطوطا منها: "بهجة المحافل بالتعريف برواة الشمائل" لإبراهيم بن إبراهيم اللقاني (ت1041ه)؛ - أصول الفقه: ثلاث مخطوطات منها: "شرح على فروق القرافي" مبتور الأول والآخر؛ - الفقه: اثنان وثلاثون مخطوطا منها: "الحضيكي على الرسالة" لمحمد بن أحمد بن عبد الله الحضيكي (ت1189ه)؛ - السيرة النبوية: ستة مخطوطات منها: "الأنوار السنية في إسراء خير البرية" لمحمد بن يوسف بن علي. - الخزانة الأزاريفية تعد هذه الخزانة من أعرق الخزائن العلمية بمنطقة سوس، ارتبط اسمها بأسرة علمية شهيرة يرتفع نسبها إلى الشيخ إبراهيم أفلول الذي عاش في بداية القرن التاسع الهجري، وقد ذكر العلامة محمد المختار السوسي في كتابه المعسول أكثر 82 رجلا من هذه الأسرة كلهم من فطاحل عالما[4] منهم: محمد بن يحيى الأزاريفي (ت1164ه) الذي ألف تأليف عدة في الفقه والطب، وتخرج على يده الكثير من العلماء كالمؤرخ أحمد بن عبد الله الحضيكي (ت1189ه). وورد ذكر هذه الخزانة أيضا في العديد من المصادر، وأحال عليها العديد من المفهرسين والمؤرخين الذين أجمعوا على أهميتها وقيمة التاريخية، كما عدها السوسي من بين الخزائن العلمية التي تزخر بالنوادر يقول: "وبقيت نحو ثلاثة أيام ولا شغل لي إلا أن يؤتى لي بأكداس من الكتب الخطية... وقد رأيت منها نوادر"[5]. وحسب الشيخ الحاج محمد الشبي –فقيه مدرسة أزاريف ومالك الجزء الأكبر من مخطوطات هذه الخزانة- الذي صرح أن الأرصدة المخطوطة بهذه الخزانة تفوق الخمسمائة كتاب مخطوط في مختلف المعارف والفنون. وسنحاول في هذه المقالة سرد بعض النماذج من الكتب المخطوطة المتواجدة بهذه الخزانة منها: - في القرآن وعلومه: كتاب "التعريف والإعلام فيما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام" لأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الخثعمي السهيلي (ت581ه)؛ - في الحديث وعلومه: كتاب "تقييد المهمل وتمييز المشكل بأسماء رواة الحديث" للحسن بمحمد الغساني الحياني (ت427ه)؛ - في أصول الفقه : كتاب "شرح المنهج المنتخب" لأبي العباس أحمد بن علي المنجور (ت995ه)؛ - في الفقه: كتاب "العمري على العمل الفاسي" لأبي عبد الله محمد بن القاسم الفيلالي السجلماسي (ت1214ه)؛ - في السيرة النبوية: كتاب "المواهب اللدنية في المنح المحمدية" لشهاب الدين أحمد القسطلاني. - الخزانة المسعودية تأسست هذه الخزانة في أواخر القرن الثالث عشر الهجري على يد الشيخ مسعود المعدري-الجد الأكبر للأسرة المسعودية- الذي قام بشراء واستعارة العديد من الكتب وعمل على نسخها، وفي هذا الصدد يقول المختار السوسي: "... وكثيرا ما يستعير الكتاب فيجمع تلاميذه فينسخونه في يوم واحد"[6]، وهذا ما نتج عنه ارتفاع عدد الكتب بالخزانة زمن الشيخ حتى وصل عددها إلى أكثر من ألف كتاب، كما تعرضت هذه الخزانة كباقي الخزائن الأسرية لتقسيمات عدة من لدن أولاد الشيخ وأحفاده، فتوزعت محتوياتها بين منطقة "المعدر" ومنطقة "بونعمان". وسنحاول سرد بعض الكتب المخطوطة المتواجدة بأحد فروع الخزانة المسعودية الذي خلفها الشيخ مسعود بن محمد بن مسعود المعدري: - القرآن وعلومه: كتاب "بيان مذهب أبي عمر في الإدغام" لمؤلف مجهول؛ - الحديث وعلومه: كتاب "شرح صحيح البخاري" لمحمد بن أحمد التيوتي الروداني السوسي؛ - أصول الفقه: كتاب "التعويل في تحرير القول في التأويل" ليعيش بن الرغاوي بن محمد سعيد الشاوي؛ - الفقه: كتاب "أجوبة متأخر فقهاء المغاربة" لمحمد بن أحمد بن مسعود البرجي الرسموكي؛ - السيرة النبوية: كتاب "وتريات أبي بكر بن رشد البغدادي في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم" لمحمد بن رشيد بن محمد بن إدريس. ------------------------------- 1. ورد ذكرها عند المختار السوسي في كتابه "سوس العالمة". 2. ذكر المختار السوسي في كتابه خلال جزولة، 1/199 أنه زار الخزانة الأدوزية ووقف فيها على بعض النوادر. 3. ينظر بحث لنيل الإجازة بكلية الشريعة بأكادير، بعنوان مخطوطات العلوم الشرعية بخزائن سوس، محاولة بيبليوغرافية من إنجاز الطلبة: محمد بن الطالب، مسعود الحامدي، العربي البوهالي، السنة الجامعية: 1988-1989م. 4. المعسول، ج 8/5-30. 5. سوس العالمة، :172. 6. سوس العالمة، ص:168.