الحكومة تصادق على مشروع قانون يتعلق بتنظيم مهنة المفوضين القضائيين    بعد أيام من لقائه ببوريطة.. دي ميستورا يستأنف مباحثات ملف الصحراء بلقاء مع "البوليساريو" في تندوف    العلاقات الثنائية بين المغرب والاتحاد الأوروبي على المحك        الاتحاد العام لمقاولات المغرب جهة الجديدة - سيدي بنور CGEM يخلق الحدث بمعرض الفرس    التصعيد الإيراني الإسرائيلي: هل تتجه المنطقة نحو حرب إقليمية مفتوحة؟    إليك طرق اكتشاف الصور المزيفة عبر الذكاء الاصطناعي    دفن حسن نصر الله "مؤقتا كوديعة" في مكان سري    الفيفا تعلن تاريخ تنظيم كأس العالم للسيدات لأقل من 17 سنة بالمغرب    الفيفا يقترح فترة انتقالات ثالثة قبل مونديال الأندية    دعوة للمشاركة في دوري كرة القدم العمالية لفرق الإتحاد المغربي للشغل بإقليم الجديدة    اختبار صعب للنادي القنيطري أمام الاتحاد الإسلامي الوجدي    الدوري الأوروبي.. تألق الكعبي ونجاة مان يونايتد وانتفاضة توتنهام وتصدر لاتسيو    النادي المكناسي يستنكر حرمانه من جماهيره في مباريات البطولة الإحترافية    وفاة أستاذة في إعدادية اليوسفية تثير الحزن والأسى بين الأساتذة والتلاميذ    لحليمي: الرقمنة عامل رئيسي في نجاح عملية تجميع المعطيات    آسفي: حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    كيوسك الجمعة | جماعة الدار البيضاء تستعد لبيع ممتلكاتها العقارية بحثا عن موارد مالية    في قرار مثير..محكمة العدل الأوروبية تلغي اتفاقيتي الصيد والمنتجات الفلاحة مع المغرب    العثور على جمجمة بورش لبناء أحد المنازل المتضررة من زلزال الحوز    وزارة الصحة تكشف حقيقة ما يتم تداوله حول مياه "عين أطلس"        تقدير موقف: انضمام المغرب إلى الاتحاد الإفريقي وفكرة طرد البوليساريو "مسارات جيوسياسية وتعقيدات قانونية"    الجمعية العامة للأمم المتحدة ال 79.. إجماع دولي على مخطط الحكم الذاتي بإعتباره المقترح الأكثر مصداقية والأوسع قبولا    المجلس الوطني لحزب الاستقلال سيكون مغلقا في وجه الصحافة وإجراءات صارمة للدخول لقاعة المجلس    عزيز غالي.. "بَلَحَة" المشهد الإعلامي المغربي    آسفي.. حرق أزيد من 8 أطنان من الشيرا ومواد مخدرة أخرى    الجيش الإسرائيلي ينذر سكان بلدات في جنوب لبنان بالإخلاء فورا ويقطع الطريق الدولية نحو سوريا    وزير خارجية إيران يصل إلى مطار بيروت    بايتاس يُشيد بالتحكم في المديونية    مشفى القرب بدمنات يواجه أزمة حادة    محنة النازحين في عاصمة لبنان واحدة    "النملة الانتحارية".. آلية الدفاع الكيميائية في مواجهة خطر الأعداء    بايتاس: الحكومة تتابع عن كثب أوضاع الجالية المغربية المقيمة بلبنان    بذل عمل جديدة لعناصر الجمارك "توضح تراتبية القيادة" شبه العسكرية    أسعار النفط العالمية ترتفع ب 5 في المائة    مومن: قائمة المنتخب المغربي منطقية        الركراكي يساند النصيري ويكشف هوية قائد المنتخب    فتح باب الترشيح لجائزة المغرب للكتاب 2024    مهرجان سيدي عثمان السينمائي يكرم الممثل الشعبي إبراهيم خاي    قراصنة على اليابسة    مقاطع فيديو قديمة تورط جاستن بيبر مع "ديدي" المتهم باعتداءات جنسية        أعترف بأن هوايَ لبناني: الحديقة الخلفية للشهداء!    استدعاء وزراء المالية والداخلية والتجهيز للبرلمان لمناقشة تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات    بسبب الحروب .. هل نشهد "سنة بيضاء" في تاريخ جوائز نوبل 2024؟    إطلاق مركز للعلاج الجيني في المملكة المتحدة برئاسة أستاذ من الناظور    الذكاء الاصطناعي والحركات السياسية .. قضايا حيوية بفعاليات موسم أصيلة    مؤتمر علمي في طنجة يقارب دور المدن الذكية في تطوير المجتمعات الحضرية    مستقبل الصناعات الثقافية والإبداعية يشغل القطاعين العام والخاص بالمغرب    مغربي يقود مركزاً بريطانياً للعلاج الجيني    الرياضة .. ركيزة أساسية لعلاج الاكتئاب    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    موسوعة تفكيك خطاب التطرف.. الإيسيسكو والرابطة المحمدية للعلماء تطلقان الجزئين الثاني والثالث    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدر الثمين في أسماء المصنفين
نشر في ميثاق الرابطة يوم 11 - 03 - 2011

لقد كتب على تراثنا أن يعيش ما عاشته أمتنا من محن ونكبات، إذ ضاع المثير منه في أتون الصراعات، وتفرقت البقية الباقية منه شذر مذر في سائر الأقطار والأمصار، فبعضه حفظ بمكتبات عامة، كثير منه، تيسر الوصول إليه، وبعضه الآخر كنز بمكتبات خاصة، دون الوصول إليه شرط الحداد، وخرط القتاد، ومن بين هذا التراث المكنوز كنوز ثمينة، ونفائس نادرة، طالما تطلعت إليها همم الباحثين، واشرأبت لها أعناق الدارسين، لكنها كانت تذكر بحسرة في مؤلفاتهم وأبحاثهم على أنها مصنفات مفقودة أو ضائعة. ومن أبرز هذه المؤلفات كتاب الدر الثمين في أسماء المصنفين لابن أنجب الساعي، الذي اشتهر بعنوان أخبار المصنفين، والذي يعد من أهم مؤلفات هذا العالم الكبير، فقد ذكر في أكثر من بحث؛ أنه من الكتب المفقودة، وكنا نحن بدورنا نحسبه كذلك، على الرغم من علمنا أنه كان من الضنائن التي تفردت بحفظها خزانة العلامة محمد عبد الحي الكتاني رحمه الله[1]. لكننا لم نقف له ذكر في فهارس مخطوطات الخزانة الوطنية، قسم الخزانة الكتانية. وبعد الاطلاع على الدليل العام للمخطوطات المخطوطات المحفوظة بالقصر الملكي بمراكش، الذي أنجزه المرحوم محمد بن عبد الهادي المنوني، تحققت البغية، وتيسر الطلب، وكانت المفاجأة الكبرى، فقد عثرنا على الكتاب ضمن القسم الباقي من خزانة هذا العالم الجليل المحفوظ هناك.
ويعد كتاب الدر الثمين في أسماء المصنفين من أهم مصادر التراث العربي التي استقصت أخبار المصنفين وما صنفوه، ويظم هذا الجزء، أربعمائة وعشرين ترجمة من تراجم المصنفين وأسماء مصنفاتهم، ونتفا من أشعارهم، وطرائف أخبارهم، وقد صدره مؤلفه بمقدمة ضاع قسم كبير منها، وافتتحه بتراجم المحمدين، فبدأ بترجمة محمد بن إدريس الشافعي باعتباره "أول من صَنَّفَ الفقه ودوَّنه" ثم أتبعهم بتراجم من سمي إبراهيم، فالذي يليه حسب ترتيب حروف المعجم[2]، ولم يلتزم ابن أنجب بمنهج محدد في تراجم هذا الكتاب. فهناك تراجم طويلة ذكر فيها الأشياء الأساس في الترجمة، كالاسم والكنية، وبعض الشيوخ والتلاميذ، والمصنفات، وتاريخ المولد والوفاة، وأضاف إلى ذلك بعض الاستطرادات التاريخية، أو النكات الأدبية، أو ما استحسن من أشعار وأخبار المترجم. وهناك تراجم قصيرة في سطر أو سطرين أخل فيها بما سبق ذكره من أركان الترجمة.
وعلى الرغم من أغلب من ترجمهم ابن أنجب في هذا الكتاب سبق أن ترجموا في كتاب الفهرست للنديم، ومعجم الأدباء لياقوت، إلا أن كتاب الدر الثمين يضم مجموعة هامة من تراجم شيوخ أبن أنجب ومعاصريه. وهو فيها عمدة لغيره، ومصدر هام لا يستغنى عنه؛ لأنه استقى بعض أخبار مترجميه منهم مباشرة، دون عزو أو إسناد، كما وقف على مؤلفاتهم، وقرأ بعضها عليهم، وأشار إلى ذلك في غير ما موضع من هذا الكتاب.
كما يضم الدر الثمين طائفة هامة من الأخبار التاريخية، وأخبار بعض المدارس والرباطات، وتاريخ افتتاحها، وذكر بعض الشيوخ الذين دَرَّسُوا بها، وغير ذلك من الفوائد، التي لا تخفى أهميتها، وإن ذكرت عرضا في تراجم المصنفين. إلا أن الجانب الطريف والهام في هذا الكتاب، والذي يهم علماء الفهرسة والمتتبعين لأخبار الكتب، بشكل خاص؛ هو ما يتعلق ببعض أخبار ابن أنجب نفسه، وبعض أسماء مصنفاته التي لا تزال مفقودة إلى الآن، فقد ذكر منها ستة عشر عنوانا من نفائس كتبه، منها ما لا نجد له ذكرا في غير هذا الكتاب. كما وجدنا فيه أيضا أخبارا في غاية الأهمية عن بعض المؤلفات التي قرأها، أو تملكها في خزانته الخاصة، أو وقف عليها في خزانة المدرسة النظامية، إلى غير ذلك من أخبار المصنفات والمصنفين التي أتحفنا بتا ابن الساعي في دره الثمين.
هذا وقد اعتمد ابن أنجب في جمع بعض هذه الأخبار على مجموعة هامة من مصادر التراث، ولَقِفَ البعض الآخر من أفواه شيوخه، أو ما شاهده أو طالعه في كتب المتأخرين. ولاشك أن عمله كخازن للكتب في خزانتين عظيمتين كخزانة المدرسة النظامية، وخزانة المدرسة المستنصرية، قد ساعده على جمع هذا الكم الهائل من أخبار المؤلفين ومُؤلفاتهم...
وقد حاولنا في هذا العمل نقل متن الدر الثمين من أصله نقلا سليما مراعين فيه قواعد الإملاء الحديثة مع شكل ما أشكل من الأسماء وتوثيق ما يدعو إلى التوثيق من روايات وأخبار باختصار وإيجاز وصدرناه بتقديم مختصر تناولنا فيه محورين رئيسين:
تعلق المحور الأول بالمُؤلِّف، حيت تطرقنا فيه لحياة ابن أنجب الساعي، فذكرنا نسبه، وبعض شيوخه، وتلاميذه، ومكانته في عصره، ووظائفه، ومؤلفاته، ووفاته.
وتناولنا في المحور الثاني بالمؤلَّف، حيت عرفنا بكتاب الدر الثمين في أسماء المصنفين، ووثقنا نسبته لصاحبه، وتاريخ تأليفه.
ووصفنا النسخة الوحيدة التي اعتمدناها وحددن المنهج المتبع في الضبط والتعليق، وذيلنا الكتاب بفهارس عامة مفصلة.
هذا، وقد واجهتنا أثناء إنجاز هذا العمل عراقيل عدة، منها صعوبة قراءة المخطوط؛ لأن الرطوبة الشديدة الموجودة فيه تسببت في التصاق بعض أوراقه، وتداخل بعض أسطره، واندراس بعض كلماته، وانطماس بعض حروفه مما جعل تبين رسم بعضها يكاد يكون ضربا من المستحيل، وكل ما نتمناه أن نكون قد نقلناه إلى العلماء والباحثين، وعلى الأخص منهم المشتغلين بشؤون الكتاب، ببصيرة الراسخين، وهم الناسخين على أحسن وجه، وأكمل صورة، أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، وأن يجعله من العلم النافع، الذي يفيد الحياة وبعد الممات. فمن رأى فيه حسنة قال، ومن رأى سيئة أقال.
فخير أردنا ومضنونا به أذعنا، وذخيرة أشعنا، والله الموفق للصواب، وإليه المرجع والمآب...
-----------------------------
1. التراتيب الإدارية: 2/457، تاريخ المكتبات الإسلامية: 148-149.
2. اقتدى ابن الساعي في هذا الترتيب بترتيب كتب التراجم الأولى وعلى الأخص منها التاريخ الصغير والكبير للإمام البخاري 256ه رحمه الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.