لا بد لكل طالب هدي خير الخلق وسيدهم صلى الله عليه وسلم، وسالك طريقه من استحضار الشروط الآتية ووضعها نصب عينه: 1. استدماج الوعي بأنه صلى الله عليه وسلم قد طبّق القرآن المجيد التطبيق الأمثل؛ 2. أن يتم التعرّف العقلي والوجداني والعلمي على نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم، إذ إن هذه المداخل التعرفية متكاملة فيما بينها ويفضي بعضها إلى بعض ولا تتصور معرفة كاملة بسيد الخلق عليه الصلاة والسلام بدون اعتمادها جميعا. فجماع العلم أن يضحى العالم قادرا في كل حين أن يسأل نفسه السؤال الآتي: لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في مقامي ماذا كان سوف يصنع؟. 3. أن يعلم المتأسي حيثيات السياق الزماني والعمراني الذي يوجد فيه، وحيثيات سياق المتأسى به صلى الله عليه وسلم، الزمانية والعمرانية والبيداغوجية. 4. أن يعلم المتأسي الفروق الأنتروبولوجية والثقافية والعُرفية وغيرها بين السياقين حتى إذا ساءل في أي مجال من المجالات، استدمج هذه الفروق ليكون التنزيل سليما، ولا يخفى ما يقتضيه هذا من جهد بحثي ممنهج.. 5. أن يستدمج المتأسي العلم بالمقاصد العامة للنبوة، رحمتها وجمالها وشرائعها حتى لا يفرط في الأصول لحساب الفروع أو يقدم ما من شأنه أن يؤخر أو العكس... وهذا داخل ضمن فقه الموازنات والترجيحات، وقد قام علماء الأمة جزاهم الله خيرا بجهود وضيئة في هذه المضامير. 6. أن يستحضر المتأسي وجوب النظر في المآلات واعتبارها حتى لا يكون جالبا لمفاسد على نفسه ومحيطه من حيث يريد جلب المصالح، وكثيرا ما يحصل ذلك إذا أغفل البعد المستقبلي في التنزيل. 7. كما أن من آكد الشروط أيضا وجوب المقاربة التكاملية التي لا تهمل جانبا من الجوانب أو تطغيه، بل تحرص على حضورها ومراعاتها جميعا بشكل مقدّر متوازن. وبدون مراعاة هذه الشروط فإنه لا يمكن تفعيل وظيفة ودور الشهادة كما جاءت في مثل قوله تعالى: "وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا" [سورة البقرة، بداية الآية: 143]. الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء