نستعرض في هذه المقالة صورا حية لمسار فكر جلالة الحسن الثاني طوال بضعة عقود انطلاقا من مختلف تصريحات جلالته وخطابات العرش نتلمس خلالها مدى تماسك المنظور الحسني في اسيسته الحضارية وقوامه الإنساني وما يمتاز به من خصائص تطبع المملكة المغربية في وحدة كيانها واستمرارية ذاتيتها وموصول استقلالها منذ أزيد من ألف عام. نعم عرف الحسن الثاني كيف يكفل للمملكة المغربية كرامتها وحريتها ضمن مسارات تضمن للشعوب الأخرى في إنسانية عارمة كامل حقوقها في سلام شامل ووئام في ظلال المنظومة الدولية وكانت وجهة جلالته في طموحاته المثلى العمل على إثراء ثقافة الإنسانية وحضارتها وتواكب مختلف الشعوب والأجناس في هذا المجال زاد تفهم ابعادها عمقا وشمولا مكانة المغرب الإستراتيجية بين قارتين وبحريين دوليين. ولم يال جلالته منذ العقد الأول اعتلائه على العرش على أهمية الحقوق الاجتماعية والاقتصادية التي تكمن في تزاوج وتمازح الجهود لرعاية الحرية ووسائل العيش الكريم في غير فوضى ولا تطرف مع تقليص الفوارق الاجتماعية وتمكين جميع طاقات الشعب من ممارسة كل الحظوظ. ولا ترى المملكة المغربية في هذا المسار سوى استمرارية للدور الذي قامت به وتقوم به دولة إسلامية استوعبت المقومات الحضارية التي احتضنتها عبر التاريخ والتي تعزز ما تشعر به من مسؤولية تضمن له المكانة المرموقة بين الدول وهذا ما جعل المملكة المغربية تتميز في جميع مراحل تاريخها كدولة تعرف كيف تصون تقاليدها الأصيلة وأخلاقياتها وكرامة ذاتيتها ضمن هوية ظلت على الدوام وفية لعبقريتها وأصالة ثقافتها وحضارتها. والإسلام هو الذي مكن المغرب من المساهمة في أعظم ملحمة إنسانية طبعت دستور المملكة المغربية منذ أثني عشر قرنا. والإسلام أيضا هو سر الاختبارات الظرفية الاجتماعية والاقتصادية المستمدة من مدركات الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي جعل من مفهوم الإسلام خدمة الصالح العام في مضمونه الحقيقي.. يتبع في العدد المقبل..