الأمانة من مسوغات الاجتباء والاصطفاء عند الله تعالى للأنبياء والرسل. ونظرا لما لها في واقع الحياة من إشعاعات مضيئة جعلها الإسلام واسعة المعاني والشمول في شأن من شؤون حياتنا. وشهر رمضان هو المعلم الحقيقي للتحلي بالأمانة فالصائم يعيش في نورها وظلها في نهاره وليله، وقد تحملها طائعا مختارا لا رقيب عليه وبين يديه المأكل والمشرب، وكم خلا بنفسه وراودته نفسه الأمارة بالسوء على إشباع رغبته وشهوته ومع ذلك أبى وامتنع؛ لأنه أمين مع ربه أمين على صومه أمين على شهره الذي عاهد فيه ربه لأن يكون من المؤمنين الصائمين وهذا درس عملي مدة ثلاثين يوما يقوم به الصائمون امتثالا وخضوعا لله رب العالمين ويا حبذا لو فقهنا هذا الدرس العلمي واستفدنا منه في حياتنا كلها وفي أي موقع لكان لمجتمعنا شأن عظيم.. وهنا تحولنا السعادة في حركة الحياة ويصبح الناس صالحين لعمارة الأرض في الحاضر والمستقل، والأمانة متعددة الجوانب ولا تقتصر على الودائع والأموال فقط لذا نرى ربنا تبارك وتعالى يأمر بتأديتها في كل شأن من شؤوننا "إِنَّ اللَّهَ يَامُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الاَمَانَاتِ إِلَىٰ أَهْلِهَا" [النساء، 57]. وعلى سبيل المثال الوطن أمانة في عنق كل مواطن وإن اختلفت المستويات فوجب علينا أن نحوطه بقلوبنا وأن نفديه بأرواحنا للحفاظ على كل شبر من أرضه ولهذا فرض الله الجهاد علينا بالنفس والمال..والمحافظة على أسرار الدولة والخطط الحربية والشؤون العسكرية في قمة الأمانة التي فرضها علينا الإسلام وحث عليها..