استمرارا في التعريف بأهم النساء الرائدات اللائي طبعن السجل التاريخي بصفحات مشرقة من العطاءات الفكرية والأدبية المتنوعة.. أقف في هذا العدد للتعريف بعالمة جليلة كثيرا ما تداولتها مجموعة من الكتابات التاريخية إنها الشاعرة والأديبة المثالية نزهون محمد بن أحمد بن خلف القليعي الغساني[1]. اسمها نزهون الغرناطية وهي من أهل غرناطة.. عاشت في أوائل القرن الثاني عشر.. اسم والدها هو محمد بن أحمد بن خلف القليعي الغساني الذي تولى قضاء غرناطة (سنة 508ه) وتوفي (سنة 510ه). نبغت هذه السيدة التي تحدث عنها غير واحد من العلماء في العصر الأندلسي الذي ازدهرت فيه مختلف العلوم العلمية بمختلف مجالاتها وتخصصاتها. فكانت كثيرة الاهتمام بالشعر خصصت معظم وقتها لحفظ الأشعار، فأصبحت بارعة في هذا المجال إلى درجة أنها كانت تساجل الرجال وتجادلهم.. تميزت كذلك بسرعة حفظها وقوة إدراكها وشجاعتها القوية "خفيفة الروح والطبع حافظة للشعر عارفة بضرب الأمثال مع جمال فائق وحسن رائق"[2]. وقد نقل المقري في نفح الطيب عن ابن سعيد في المغرب قال: "من أهل المائة الخامسة ذكرها الحجازي في المسهب ووصفها بخفة الروح والانطباع الزائد والحلاوة والشعر والمعرفة بضرب الأمثال مع جمال فائق وحسن رائق وكان الوزير أبو بكر بن سعيد أولع الناس بمحاضرتها ومذاكرتها ومراسلتها.."[3]. وقالت عنها زينب فواز العاملية: "جوهرة لم يسمح بمثلها الدار، وفريدة فاقت على نساء العصر في الأدب إلا أن نقطة من بحرها الرائق وما الجمال من نور وجهها الشارق لها ناد لم يؤمه إلا الأفاضل ومجلس لم يجتمع فيه إلا كل عاقل كانت حافظة لأشعار العرب وأمثالها، ولم يكن بغرناطة إذ ذاك أحد بأمثالها.."[4]، ومن نماذج شعرها الذي خاطبت فيه أستاذها الأعمى المخزومي بهجاء فيه: قل للوضيع مقالا يتلى إلى يوم يحشر خلقت أعمى ولكن تهيم في كل أعور جازيت شعرا بشعر إني لعمري أشعر إن كنت في الخلق أنثى فإن شعري مذكر يعد شعر نزهون بنت القليعي الغرناطية من ألطف أشعار النساء الأندلسيات في عصرها ومن مميزاته أنه شعر رقيق النظم والنثر له معاني ودلالات أدبية رائعة. قال ابن الأبار "كانت أديبة شاعرة سريعة الجواب.. وصفها المراكشي في كتابه "الذيل والتكملة"[5] وقال ابن سعيد كذلك "هي شاعرة كثيرة النوادر"[6]. وفي ما يتعلق بتاريخ وفاتها فمعظم المصادر لم تقف على تاريخ وفاته.. والله ولي التوفيق ————————————————- 1. التكملة، (4/259). 2. أعلام النساء، (5/167). 3. نفح الطيب للمقري، (6/75). 4. الذر المنثور (519). 5. التكملة (4/259) الذيل والتكملة، (2/493). 6. المغرب في حلى المغرب (2/493).