أولياء الله تعالى هم الذين تكمل موالاتهم لله سبحانه وأنبيائه، بالجنان وباللسان وبالأبدان، فتحصل موالاته تعالى لهم، وفي بيان هذا التواشج يقول تعالى في الحديث القدسي: "إِذَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِذَا أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً" [المعجم الكبير للطبراني، رقم الحديث: 6014]. ومقامات الأولياء بحسب كمال اتباعهم للنبي صلى الله عليه وسلم، وهم الذين تجدهم حيث أمر الله تعالى، وتفقدهم حيث نهى سبحانه، يقول تعالى: "اَلا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين ءامنوا وكانوا يتقون" [سورة يونس، الآيات: 62-63]. وقول الشيخ بن عطاء الله رضي الله عنه "سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه" يقصد به أن من لم يعرف رب العزة، فلن يعرف أولياءه، إذ معرفة الموالي، لا تكون إلا بمعرفة المولى، ومحابه ومكارهه، وأوامره ونواهيه، وفي اتصال الطاعة بالولاية يقول الله تعالى في الحديث القدسي: "من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بمثل ما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه. ومن ثم كان الدليل عليهم من حيث الدليل عليه سبحانه" [البخاري 11/293-295]. فالتعرف على أولياء الله تعالى يكون بالوقوف على لزومهم أوامر الله ونواهيه، وتحقيقهم مراده تعالى في ذواتهم ومحيطهم، مما صيّرهم رحمة للعباد أخذا من مشكاة من قال الله تعالى فيه: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" [سورة الاَنبياء، الآية: 107]. وقول الشيخ رضي الله عنه: "ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه" مفاده أنهم حيث اجتبوا ليكونوا رحمة للعباد، صاروا "إذا رؤوا ذكر الله" [أخرجه أحمد في مسنده، 45/575]. ومن ثم فإن الهداية إليهم لا تكون إلا لمن أراد سبحانه أن يهديه إليه، فهم سرج الخلق في دياجي الحياة، ومثيروا الأشواق إليه تعالى بما تجلى منهم من أنوار تذكّر بالميثاق معه سبحانه، وتوقظ ساكن الأرواح حُذاءً لها إلى بلاد الأفراح. والله المستعان الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء