منعت السلطات المغربية وقفة للقضاة كانوا يعتزمون تنظيمها أمس أمام مقر وزارة العدل والحريات في العاصمة الرباط، مرتدين زيهم الرسمي للمطالبة بقوانين تضمن استقلالا فعليا وحقيقيا للسلطة القضائية. وأغلقت عناصر الأمن جميع المنافذ المؤدية إلى الوزارة. واستندت السلطات الإدارية المحلية في إصدار هذا القرار على بيان لوزارة العدل والحريات يقضي بمنع تظاهر القضاة بزي الجلسات لكونها مخالفة للقانون. وكان وزير العدل والحريات قد أعلن أن أي قاض سيحت بزيه الرسمي خارج نطاق قاعات الجلسات سيعرض نفسه للمساءلة التأديبية، ورغم هذه التصريحات فإن المئات من القضاة الذين توافدو على العاصمة الرباط من مختلف أنحاء المغرب نفذوا وقفتهم الوطنية بالزي الرسمي بعدما نقلوا مكانها إلى مركب الأعمال الاجتماعية بالرباط وأصروا على ارتداء الزي الرسمي والوقوف تحت اشعة الشمس لحوالي ثلاث ساعات رافعين شعارات مطالبة بالاستقلال الفعلي والحقيقي للسلطة القضائية وبقوانين تضمن هذا الاستقلال، ولم يأبه أزيد من 1300 قاض من تهديدات وزير العدل والحريات بمعاقبتهم واعتبروا هذه التهديدات غير دستورية وتتنافى مع التجارب والممارسات الدولية في هذا الصدد . و أعلنت جمعية نادي قضاة المغرب الجمعية الأكثر تمثيلية لقضاة المملكة التي دعت إلى هذه الوقفة الاحتجاجية أنها تعتزم إخبار مختلف الهيئات الحقوقية الدولية والاتحاد العالمي للقضاة بهذا المنع غير القانوني وما صاحبه من تهديدات وتضييقات من طرف السلطة التنفيذية للقضاة، وهو ما اعتبرته ردة حقوقية. وفي هذا الصدد قال المستشار عبد اللطيف طهار، عضو المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب، ورئيس لجنة الأخلاقيات والقيم القضائية، إن القضاة أولى باحترام القانون، مؤكدا أن قرار المنع من طرف وزارتي الداخلية والعدل يستند إلى مبررات واهية ويشكل محاولة للالتفاف على القوانين الجاري بها العمل ، مشيرا إلى أن نحو ألف وثلاثمائة قاض شاركوا في الوقفة الوطنية الثانية للقضاة بالزي الرسمي وتحدوا قرار المنع. وأضاف طهار أن وزير العدل استند على مبررات واهية لمنع الوقفة ، وهي أن القانون يمنع القضاة ارتداء زيهم الرسمي خارج الجلسات، في حين أنه لا يوجد نص قانوني يشير إلى ذلك، بل ما هو منصوص عليه بهذا الشأن هو أنه يمنع على القاضي حضور الجلسات من دون الزي الرسمي. فضلا عن أن قضاة المملكة سبق وأن شاركوا في وقفة بالزي الرسمي خلال شهر أكتوبر 2012 أمام محكمة النقض دون أن يحتج الوزير على ذلك. وأوضح طهار أن الوقفة الاحتجاجية جاءت في إطار الفصل 111 من الدستور الذي خول للقضاة الحق في التعبير، وهي تأتي أيضا في إطار الدفاع عن استقلال السلطة القضائية التي هي ليست امتيازا للقاضي بل حق من حقوق المواطن. مضيفا اعتزام نادي القضاة اللجوء إلى القضاء للحسم فيما إذا كان قرار المنع دستوريا أم لا. وفي السياق ذاته، أعلنت جمعية هيئات المحامين بالمغرب والنقابة الديمقراطية للعدل والمرصد الوطني لاستقلال القضاء والجمعية المغربية لحقوق الانسان وجمعية عدالة وعدد كبير من الجمعيات والمجتمع المدني بالمغرب تضامنها مع نادي القضاة في مطالبه المشروعة باقرار قوانين ضامنة لاستقلال القضاء وندد النسيج الحقوقي في المغرب بمحاولات وزارة العدل التضييق على حق القضاة في التعبير وفي تنظيم وقفتهم الوطنية الثانية، في المقابل اختارت بعض الجمعيات المهنية "القضائية" المقربة من وزارة العدل دعم الوزارة في منعها لوقفة القضاة ليوم الثامن من فبراير.