المسائية ألعربية: تكمن قيمة التعدد في ما هو حافل به من غنى ،و ما يزخر به من تنوع، لكن بالنسبة لحالة اليسار الجدري بالمغرب، يبدو ان من مضاعفات هذا التعدد التنظيمي، ضعف التأثير في ميزان القوة السياسي، سيما في المحطات السياسية التي تستوجب موافقه المعلنة تغذية راجعة(الانتخابات بشقيها،الاستفتاءات الشعبية)، تؤكد قوة الفعل السياسي لليسار و تثمن كفاحيته سياسيا و جماهيريا. إلى ما ترجع المسؤولية في ذلك ،هل للفكر، التاريخ، أم لعجز بنيوي في تجاوز ما يدعى " الوطنية الحزبية"؟ حبيبي أبو طارق: نحن شئنا أم أبينا كيسار علينا أن نعترف أنه تنقصنا المعرفة العلمية والتقعيد العلمي في فهم الواقع فهما دقيقا للتعاطي الإيجابي معه بتأثير وفعالية... وحيث أنه يعزب عن بالنا معطيات هذا الواقع والعوامل المؤثر فيه، فإننا غالبا ما نسقط في المحظور من تجريبية وعفوية ومغامرة ( تجاربنا التاريخية المريرة في مواجهة الاستبداد واستئثار المخزن بالثروة والسلطة...) والحقيقة أن تشرذم اليسار هو معطى موضوعي لهذا الواقع لأن أسس ومنطلقات بناء اليسار الموحد كمعبر عن متطلبات مرحلة تخضع لأحكام تاريخية صارمة أي تجاوز لها بالغرق في المحفوظات النظرية يحجب الرؤية ويؤدي للزلل... فلا أحد ينكر الاستبداد والقهر والتفاوتات الطبقية المجحفة وهذا استمرار لمراحل إقطاعية استبدادية قهرية مغرقة في التاريخ انضاف إليها القهر الرأسمالي المغلف بحداثة استهلاكية بكل مظاهرها الخادعة... ولكي يكون نبني اليسار الموحد والمعبر عن حاجيات مرحلة فالمطلوب السير وفق خطة تتطلب بكيفية متداخلة: ( التنوير بتحرير المدرسة والثقافة من السيطرة الإيديولوجية وإقرار منهاج علمي متعدد الأبعاد اجتماعي وإنساني وفكري) وإقرار العلمانية مناخا اجتماعيا والدخول في مسار من الحوار والجدل المجتمعي الواسع يتوج بعقد اجتماعي يحدد مختلف العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية قاعدة وأساسا لبناء الدولة الوطنية الديمقراطية... هذا هو المخطط الذي سيبرز اليسار كقوة فاعلة مطلوب منها أن تستجيب لمتطلبات كل مرحلة بكيفية منسجمة ومستوى الحراك الشعبي ... وماعدا هذا وبغض النظر عن باقي اللعب السياسية والتمثيليات الانتخابية وما يروج من شعارات وأحكام كل ذلك يندرج ضمن المتاهة التاريخية التي يعيشها اليسار.. المسائية ألعربية: فئات و شرائح و هيئات حزبية نقابية و مدنية و حقوقية،منها من يشد تاريخا أو فكرا لليسار الجدري سجلت حضورا و فعالية مكثفين خلال حركة 20 فبراير، غير أنها و بقدر ما توحدت في هذا السياق بقدر ما عادت لتشردمها ، دون الارتقاء و حركة 20 فبراير نحو إحداث عقد أجتماعي يفتح اليسار بموجبه افاق العمل السياسي ،لا الوحدوي فحسب و إنما الجماهيري و في مقدمته نضال الطبقة العاملة . هل يصح الرهان على عقد اجتماعي يساري ؟ و هل بوسع قدر(بفتح الدال) التشرذم أن يجعل الوحدة هدفا قابلا للتحقق في المدى المنظور؟ حبيبي أبو طارق: فيما يتعلق بالعودة إلى التشرذم فهذا قد بينا أسبابه ودواعيه التاريخية أعلاه... لكن بالنسبة لحركة 20 فبراير كجامع لقوى اليسار خلال مرحلة الزخم ولكن ذلك التجميع لم يرق إلى مستوى عقد أو جبهة ببرنامج وقيادة لأن رؤية شعبوية وعدمية حكمت حركة 20 فبراير وكل ذلك مرده للأسباب والاعتبارات التي بينا بعض شروطها التاريخية سابقا... ومع ذلك بقي البعض يراهن على قوى الإسلام السياسي (العدل والإحسان والسلفيين بكل مكوناتهم) التي خذلتهم بانسحابها المعبر عن توافق مع حلفائها من العدالة والتنمية الذين يقودون حكومة الائتلاف لتعطاهم فرصة للحكم طبقا لإستراتيجية موجهي حركات الإسلام السياسي من القوى الامبريالية التي تحالفت مع التنظيم الدولي للإخوان... وقد كنت نشرت تحذيرا لحركة 20 فبراير جاء فيه : حركة 20 فبراير مهددة في صميمها من هؤلاء (الإخوان ومن توابعهم من سلفيين جهاديين وجماعات) الذين يحاولون أن يبرزوا أنفسهم على أنهم أول وآخر من تعرض للتعذيب بفعل الاستبداد... إن شئتم أن تعرفوا الويلات التي عاشها اليسار، على يد جلادي الاستبداد، يمكنكم أن تطلبوا من منتدى الحقيقة والإنصاف أن يقدم لكم شهادات عن فنون التعذيب وويلاته التي عاشها اليسار سنوات الرصاص ما يفيد فضولكم لكن أن يتم ذلك خارج حرة 20 فبراير... لكن أن تستغل السلفية الجهادية التظاهرات لهذا الغرض كما حدث بفاس أو البيضاء لتستعرض المظلومية التي هي نتيجة للاستبداد... تنفيذا لخطة منظري الإخوان والسلفية الذي منهم من دعا إلى تطهير حركة 20 فبراير من العلمانيين والملاحدة والديمقراطيين... والذي لن يتردد في المطالبة بالتصفية الجسدية لهم بدون تردد ولا خجل متى كان ذلك ممكنا... لذلك ينبغي أن لا تبقى التنسيقيات مكتوفة الأيدي أمام أي انحراف قد يطول حركة 20 فبراير ويرتد عليها، لأن هناك تنظيمات كانت تعادي علانية حركة 20 فبراير وهي اليوم آخذة في التسرب إليها قصد حرفها عن توجهها المدني والتي ظهرت ملامحها ومطالبها بل وأعلامها بجلاء في مسيرات 24 إبريل فاحذروا الأمر ولا تستصغروا ما يحاك من دسائس... واستفادة مما حدث بكل من تونس ومصر واليمن وليبيا وكارثة سوريا حيث تهدم حضارة وتاريخ...) وغيرها سيجعل أي حركة بدون قيادة وقاعدة ديمقراطية وتقدمية وامتدادات تنظيمية في الأوساط الجماهيرية قد ينحرف عن توجاته في بناء الدولة الوطنية تلك التي حاولت حركت 20 فبراير أن تعبر عنها من خلال مطالبها وشعاراتها العامة والفضفاضة والقابلة لكل تأويل وقد يؤدي ذلك الإنحراف إلى الوصول إلى تحقيق حكم الإخوان المسلمين وهذا ما حصل ولكن بكيفية مخففة... أو لدولة الخلافة الإسلامية والحمد لله على السلامة لأن ذلك معناه باختصار شديد سيادة الاستبداد في أبشع صوره ومعناه تأبيد التخلف والجهالة و تناسل الكوارث على شعبنا لا قدر الله ذلك وعلى شعوب هذه الأمة التي ابتليت بمصائب لا حصر لها بسبب النهج السلفي الوهابي الذي قوى حضوره بالمدرسة والمجتمع... حضورا ظلاميا للتحكم في كل تفاصيل الحياة اليومية للمواطنين هيئة وملبسا وطقوسا من الفجر إلى الفجر... والدليل الحقائق المنتشرة بين مجتمعات هذه الأمة بل طالت أحلامها وثوراتها التي تمت سرقتها من هذه القوى التي استطاعت أن تتغلغل في حياة الناس وبؤسهم مستقوية بالدين وبمؤسساته وما تشيعه من تخلف واستبداد وقهر... أما إذا كنا سنتفرج عن واقع عمدناه بالتضحيات والشهادات والدم... ليسرق منا تحت أي يافطة من اليافطات ليشرعن الاستبداد فتلك مصيبة أخرى لا تضاهيها في الوجود مصيبة... المسائية ألعربية: يكاد عمر اليسار يقترب من نصف قرن من الزمن ،و هو عمر حصيلته نقط قوة لكن نقط ضعف كذلك، المشكل اليوم قائم بالنسبة أزاء أفواج المناضلين الشباب، هذه القوى الجذرية الصاعدة،ماذا ستخلفون لهم عدى التاريخ العام لليسار، ثقافة التشرذم و الوطنية الحزبية والحال ان مبدعي حركة 20 فبراير التي ابرهت الشيوخ، يتابعون حركية عالم يتشيد على القطبية ، و جاذبية القوة. وانت كواحد من جيل المناضلين الاوائل ، كيف تفكر بهذا المسألة؟ و ما العمل لتوريث وضع الحدة بدل الفرقة؟
حبيبي أبو طارق: كنت نشرت على جريدة إلكترونية http://www.oollii.com/opinion/3083.html دراسة تحليلية نقدية وتربوية تعلمية من أربع حلقات تحت عنوان : (مطلب المشاركة السياسية لأجل العلمانية وبناء الدولة الوطنية الديمقراطية مقدمة أساس لأي ارتقاء لاحق... من جملة ما جاء فيه نحن نعيش مرحلة تتميز بردة جيل أصيب بالإحباط وبدا له أن المشروع التحرري المبني على قواعد التحرر والديمقراطية والاشتراكية العلمية قد فشل تماما نتيجة سقوط دولة القيادة الاشتراكية الاتحاد السوفيتي وتداعيات ذلك على المنظومة الاشتراكية برمتها التي تهاوت تباعا... وبالضرورة والالتزام امتدادات تلك التداعيات على الأحزاب الاشتراكية وتنظيماتها وقواعدها وبرامجها وآفاقها... ولقد انضاف ذلك لمجموعة عوامل موضوعية وذاتية تحملها تلك الأحزاب في مكونات بنيتها وتشكلها متأثرة بالعقل والثقافة السائدتين في البيئة الاجتماعية حيث لم تستطع القطع مع التصورات والأفكار التي ترهنها وتشدها إلى تبرير تخلفها ومأزقها ومع ذلك انتقلت للفكر الاشتراكي والعلمي وتدعو إلى الثورة الاشتراكية العلمية ودفعة واحدة وكل من له رأي آخر فهو تحريفي أو برجوازي صغير أو ما شابه ذلك من قاموس السباب ولا أقول النقد ويزداد أوار المزايدة ولهيب الشعارات والمزايدات كلما جلس اليساريون في أي مجمع قد يجمعهم وأعجب العجائب أنه يغرب عن بالهم ضرورة احترام حتميات التاريخ (التي أسماها المفكر الكبير عبد الله العروي سقف التاريخ) تلك الانتقالات الضرورية حيث تشكل العلمانية قاعدة أساسية في مرحلتها حيث يتبلور النقاش وتتبلور القابلية للآخر ويتخلص الإنسان من سيطرة الأوهام ويراجع الكثير من قناعاته ويعيد النظر في الكثير من الأحكام والقناعات المؤسسة على احترام حقوق الإنسان والاختيارات الفردية والجماعية وحق الاختلاف وحق النقاش إبداء الرأي والتعبير والنقد ... وطبعا فما يمكن أن نحمل هذا الجيل مسؤوليته هو أن ينجح فيما فشلنا فيه لأنه تتوفر له الكثير من الإمكانيات ليكتسب المعرفة الموضوعية والحقائق التاريخية والمنهج النقدي المبني على العلم وليدرك حجم الكبح والفرملة التي قامت والرجعية والامبريالية الرأسمالية والصهيونية المتحالفة كلها والمتضامنة جميعها لعرقلة تطورنا وارتقاءنا والسير على طريق تحقيق مشروع بناء الدولة الوطنية الديمقراطية في مناخ علماني وعلى قاعدة الحريات ولذلك تدعم وتساند كل قوة يمكنها أن تكبح وتفرمل الحراك الاجتماعي المدعوم بالوعي الجمعي والمشاركة التنظيمية لقوى تنشد التغيير والتجديد والتقدم والبناء الديمقراطي على أساس المعرفة والبرنامج والوحدة النضالية ... إن الملاحظ الناقد لما يلمس واقع التشرذم يعتقد أنه رغبة ذاتية لا الأمر أكبر من ذلك فنحن تحت طائلة متناقضات وتضاربات تلجم الحركية الاجتماعية وتضعها تحت المراقبة ليستمر تحريفها والتشكيك والاضطراب... وإقامة الحواجز والموانع الطقوسية والثقافية والعقدية والأمنية الزجرية لإبقاء الحراك الاجتماعي تحت التحكم حتى لا تنفلت حركية التطور الاجتماعي والسياسي وتتجاوز السدود المعيقة ... هذا ما ينبغي أن تدركه الأجيال وأن تعيه استنادا إلى التجربة الغنية والمريرة التي عشناها وأن تبقى حاضرة لكي لا نعيد نفس الأخطاء أو تكرر نفس المعاناة والآلام ... وحتى يتحقق النصر وتنبني الدولة الوطنية الديمقراطية مسارا لكل تطور لاحق... المسائية ألعربية: انهى المؤتمر الرابع الرابع للمنتدى المغربي من اجل الحقيقة و الانصاف اشغاله بنجاح،و رغم ذلك لم يتطالعنا من الانباء السياسية عدى بلاغ رئاسة المؤتمر الخاص بالبيان العام، تم خبر إعادة انتخاب النوبير الاموي على راس مركزية الك د ش ما هي الدلالات البعيدة الاثر على استمرار الدورة و الحياة التنظيمية لهذين الاطارين حيث لليسار الجدري مواقع ريادية؟ حبيبي أبو طارق: أبدأ من مؤتمر ال(كدش) قد يقلق المناضل النقابي مما قد يبدو عجزا أن مركزية من حجم كدش لم تستطع أن تنشئ جيلا بديلا لجيلنا له قدرات رهيبة للارتقاء والتطور وهذا ليس صحيحا الكدش تتوفر على إمكانيات وقدرات وكفاءات لكنها بفعل عوامل موضوعية وذاتية هي نفس العوامل التي تكلمنا عنها بما فيها العلاقات والمشاعر الأبوية وانتظار حدوث التنازل والسماح والقدر وغيرها من التصورات والرؤى والأفكار ... في غيبة وجود قوى وقوى مضادة وتحالفات واحتكام إلى الديمقراطية فتسود انتظارات وتعايشات والمراهنة على الوحدة والتوحد والإنسجام والإنضباط... ومن ليس معنا ليس منا... وغيرها كل هذه الأحكام والتصورات القيمية تتدخل في البناء التنظيمي وتفرض عليه السير وفق واقع قائم بالقوة والفعل... والأموي كرفيق وصديق لما يزال في هذا الواقع يلمس حضوره القوي لم يكن مستعدا ان يقدم تنازلا مجانيا قد ينتظر نهوضا نقابيا يلقي بإكراهاته ومتطلباته على الحركة أنئذ سيقول التنظيم كلمته ... وإلى ذلك الحين أعتقد أن النقد ينبغي أن يتحول تنظيما وتوعية وشعورا بالمسؤولية لتستمر الكونفدرالية نقابة مبادئ وملفات سياسية واقتصادية واجتماعية ومطالب ... وأن نكف عن أي شيء يؤدي إلى مزيد من التفكك والترهل المرضي ينبغي استنان نهج تنظيمي نقدي واع ومسؤول من أجل عودة الكونفدرالية إلى سابق عهدها توهجا وفعالية...