لعل الكثير من القارئين يقف عند حرف تيفيناغ الرمز " ياز " متسائلا عن شكله وكيفية رسمه، وعن أسباب اتخاذ جمعيات أمازيغية لهذا الحرف كشعار للتيار الأمازيغي الصاعد. وللعلم فإن التواجد الأمازيغي في شمال إفريقيا موغل في القدم : " والنتائج الأولى التي أفضت إليها البحوث أن سكان إفريقية الشماليين الحاليين ، في جملتهم لهم صلة وثيقة بالإنسان الذي استقر بهذه الديار منذ ما قبل التاريخ، أي منذ ما قدر ب" 9000 سنة ، وأن المد البشري في هذه المنطقة، كان دائما يتجه وجهة الغرب انطلاقا من الشرق " 1 .القراءة الأولى : إن التواجد اليهودي في شمال إفريقيا لا ينكره أحد كما لا ينكر الاندماج الحاصل بينه وبين الوجود الأمازيغي، وبالرجوع إلى القرآن الكريم فإنه يسرد علينا أن بني إسرائيل ورثوا مشارق الأرض ومغاربها – الآية 136 من سورة الأعراف- ، كما يروي لنا نشر الملك سليمان بن داوود لديانة التوحيد آنذاك من محيط أور شريم حتى بلغت فتوحاته اليمن ومناطق أخرى غربا حيث يتحدث عن مملكة تمغورت .من المعلوم أن الترتيب الأبجدي العبري المتعارف عليه بالترتيب : أبجد – هوز –حطي – كلمن – سعفص – قرشت – ثخذ – ضظغ، وترقم هذه الحروف من الوحدات إلى العشرات إلى المئات وتسمى عند الحكماء بالحساب الصغير، وقد أورد الأستاذ عباس محمود العقاد في كتيبه الشيق الثقافة العربية أقدم من ثقافة العبريين واليونان انفراد العبريين بذلك وبالرجوع إلى الترتيب الأبجدي السالف الذكر فإن حرف الزاي يتمركز سابعا ،خلافا للترتيب الوقفي الاسلامي للحروف : أ – ب - ت – ث – ج – ح – خ – د – ذ – ر – ز . إن حرف تيفيناغ الرمز " الزاي " كما هو متواتر في تيفيناغ الطوارق وأڴراو إيمازيغن وعند الدارسين سالم شاكر وبو ادريس بلعيد، وفي زينة الزرابي قديما في البوادي الأمازيغية المغربية، يتشكل من سبعة خطوط " خمسة خطوط عمودية وخطين أفقيين" القراءة الثانية : جاء في التوراة قوله تعالى " يا موسى قل لبني إسرائيل أن يجعل كل واحد منهم في طرف ثوبه خيطا أزرق له ثمانية رؤوس ويعقد فيه خمس عقد ويسميه صيصيت" قال علماء اليهود : تأويل هذا وحكمته أن كل من رأى ذلك الخيط الأزرق وعدد أطرافه الثمانية وعقده الخمس وذكر اسمه ذكر ما يجب عليه من فرائض الله سبحانه لأن الله افترض على بني إسرائيل ستمائة في ثلاث عشرة شريعة، لأن الصادين والياءين بمائتين والتاء بأربعمائة فيكون مجموع الاسم ستمائة و الأطراف والعقد ثلاثة عشر كأنه يقول بصورته واسمه : أذكر فرائض الله عز وجل" 2 .كحرمة يوم السبت - شبات- حيث كانوا يتغافلون عنه ببقية الأيام لهذا وضع لهم أحبارهم شمعدانا سباعيا يضعونه في بيوتهم توقد فيه سبع شموع تذكيرا لهم بحرمة السبت وهو اليوم السابع من أيام الأسبوع الذي يبتدئ بالأحد وقد أورد القرآن الكريم ذلك في الآية 64 من سورة البقرة : " حيث تحيلوا على اصطياد الحيتان في يوم السبت بما وضعوا له من الشصوص والحبائل " 3 ، كما أن نجمة داوود تختزل سبعة فراغات، ستة في الأطراف وفراغ في مركز النجمة ينبه إلى اليوم السابع وحرمته عند أهل السبت - اليهود – ولعل هذا التأثير يظهر في إثبات حرف الزاي في الزرابي قديما عند الأمازيغ القدامى.القراءة الثالثة : لا يخفى لدى الباحثين تأثر الأمازيغ بسحر اليهود و خاصة في المناطق السوسية حيث يستخدم حكماؤهم الأبجدية العبرية وعزائم مبهمة موغلة في القدم، وقد بينت الآية 100 من سورة البقرة اتباع اليهود لسحر الشياطين.. ومما سبق نستخلص تأثر الأمازيغ قديما بالوجود اليهودي، وإن كان هناك تأثير في حرف تيفيناغ فهو ضئيل بالنسبة للتأثير اليوناني . المراجع المعتمدة :1 – محمد شفيق، لمحة عن ثلاثة وثلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغيين، دار الكلام للنشر والتوزيع. 2 – محمد حسني يوسف، القرآن يتكلم..." دار المتاب العربي. 3 – ابن كثير، تفسير القرآن الكريم، مكتبة الثقافة الدينية.