انقلبت ساحة جامع الفنا آخر الاسبوع الماضي إلى ميدان لأحداث دامية بين بائعي المأكولات والمشروبات استعملت خلالها الأسلحة البيضاء وبعض الادوات المستعملة بالمطبخ، وانتهت بإصابات بليغة نقل على إثرها الضحية إلى قسم المستعجلات و اعتقال أحد الجناة، وبتحرير مذكرة بحث ضد آخر. و يذكر ان ما حدث لم يكن مجرد حادث عابر املته لحظة غضب مفاجئة بين جارين غريمين ، وإنما هو نتيجة عوامل عديدة استمرت في التراكم والتفشي، وازدادت حدة مع الاحساس بالظلم و"الحكرة" الذي تمارسه جهات تدعي القوة، والنفوذ المالي. وطبيعي ان تكون ردود فعل ن هذه الجهة او تلك تترجم من خلال السب والقذف والاستفزازات واصطدامات يومية مما يشين لسمعة الساحة ويدفع الزائر إلى وضع قطن على اذنيه حتى لا تتسمم بالكلمات الساقطة التي لا تراعي نوعية الحضور، أو أخذ الاحتياط حتى لا تصل إليه ضربة طائشة فكل ادوات الطبخ تصبح في المتناول وقابلة للاستعمال في كل الاتجاهات . إن ما وقع بساحة جامع الفنا من معركة بين بائعي المأكولات كادت ان تتحول إلى جريمة قتل بشعة، ومن الألطاف الإلهية أن المعركة أنتهت بإصابة عميقة لأحد العاملين، على مستوى العنق باستعمال السلاح الأبض و المونشو، و بضربة أخرى كادت تنزع الأذن من مكانها بواسطة كأس زجاجي تم تكسيره واستخدامه في الاعتداء، مما استدعى نقل الضحية على وجه السرعة إلى المستعجلات وإخضاعه للعناية الطبية قبل ان تنقله اسرته إلى إحدى المصحات حيث أجريت له عملية جراحية وأخرى تجميلية، فإن ما يقع مرجح للتصعيد لاسباب مباشرة وغير مباشرة وفي هذا الإطار صرح السيد المهدي الشرايبي صاحب جلسة، أن المعتدين استغلوا حضور عنصرين من رجال الشرطة السياحية، حيث اطمأن لهم الضحية، في حين استغلها المعتدين الثلاثة للهجوم عليه من الخلف باستعمال كل انواع الاسلحة المتاحة ( سكين ، قنينة زجاجية مكسرة، كأس زجاجي مكسر) وارتباطا بالموضوع ذاته أكد أحد الممارسين بساحة جامع الفنا : أن الأسباب المباشرة في ما يقع من اصطدامات بين الفاعلين بالساحة، هي ظاهرة الصالونات التي انتشرت بقوة ويصل طول بعضها إلى 12 متر ، ومع ذلك ليست هناك قناعة، فكل رب صالون يحاول ان يملأه باكبر عدد من الزبناء مما يغيض جاره ويسبب في المنافسة الشرسة غير الشريفة، التي تثير الاحقاد وتغيب مبدأ تكافؤ الفرص. إذ يصبح صاحب الجلسة الواحدة مهضوم الحقوق وقد تدفع به هذه السلوكات إلى الافلاس ، مما يجبره على التفكير في بيعها تحت الإغراء المادي أو تجنبا للمشاكل المصطنعة التي قد تعترض طريقه من طرف لوبي تشكله مجموعة لا يهمها سوى الربح المادي واستغلال اصحاب الجلسة الواحدة والتضييق عليهم بطرق شتى مستغلين الحياد السلبي للجهات المسؤولة وعلى راسها المجلس الجماعي لمراكش الذي يكتفي بالتفرج على الفوضى والاستهتار بخصوصيات الساحة العالمية، ولتكريس هذا الواقع عمد بعض من هؤلاء إلى رفع شكايات ببعض رجال السلطة وذلك بغرض منعهم من ممارسة مهامهم، وضمان حيادهم . هذا وإذا استمر الحال على ما هو عليه فقد تفقد الساحة كل مميزاتها و خصوصيتها وغنى تنوعها ، ولن تجد مستقبلا الجلسات المخصصة لاصحاب باولو ولحم الراس واللوبيا والتقلية والنقانق ذات الشعبية الكبيرة والتي تحظى بإعجاب الزوار والراغبين في الأكل الشعبي المراكشي. أما الأسباب غير المباشرة فالمشكل الأساسي هو استغلال بعض الأطراف ماء السقاية ومطالبة اصحاب الجلسات بالدفع مقابل استفادتهم من هذا الماء الذي وضعه المجلس الجماعي رهن إشارة كل الفاعلين بساحة جامع الفنا.وهذا المشكل دفع بجمعية الأغراس إلى الإنتفاض على هذا الاستغلال اللاقانوني، ورفض أعضاؤها استخلاص ثمن ماء السقاية لحساب أشخاص لا حق لهم في هذا الاستغلال، وفي نفس الاتجاه، بادر اصحاب الفواكه الجافة والعصائر إلى الخروج عن طاعة هؤلاء، معلنين إنشاء جمعيتهم الخاصة، وممتنعين في نفس الوقت عن استخلاص استهلاك ماء السقاية، وهذه الممارسات اللاقانونية والبعيدة عن العمل الجمعوي أجبرت بدورها بعض بائعي الماكولات بالساحة ممن يتوفرون على الوضع القانوني لاستغلال الملك العام البلدي إلى إنشاء جمعية تحت اسم جمعية المأكولات بالساحة والتي ضاق اعضاؤها ذرعا من هذه التصرفات، معتبرين انفسهم حركة تصحيحية، وأنهم سيبادرون إلى إعادة الاعتبار للساحة ولروادها.