مجموعة IGMA SCHOOL بالجديدة تحتفي بالمتخرجين وذكرى 30 سنة على تأسيسها    وصول 30 مهاجرا ينحدرون من الريف الى ألميريا    لقاء يجمع عامل إقليم الحسيمة مع ممثلي قطاع الطاكسيات    اصطدام بين دراجتين ناريتين على الطريق بين امزورن وتماسينت يخلف إصابات    الترتيب ونتائج البطولة الاحترافية الدورة ال16    نتانياهو سيخضع لعملية جراحية لاستئصال البروستاتا جراء عدوى أصابته في المسالك البولية    داخل جمعية!!.. محاولة فتاتين وضع حد لحياتهما بمادة سامة تستنفر السلطات بطنجة    الماص يقلب الطاولة على الوداد في البطولة الاحترافية    منتخب الكراطي يحصد 20 ميدالية في البطولة العربية    بعد لقاء الملك محمد السادس والرئيس الموريتاني.. الرباط ونواكشوط يتجهان لإحياء اللجنة العليا المشتركة بينهما    بوتين يعتذر عن حادثة تحطم الطائرة الأذرية دون تحميل روسيا المسؤولية    إحداث 7912 مقاولة في جهة الرباط    ارتفاع مفرغات الصيد البحري بميناء الحسيمة    الرئاسة المغربية لمجلس حقوق الإنسان تؤدي مهمتها على أكمل وجه    زياش يشترط على غلطة سراي مستحقاته كاملة لفسخ العقد    حيار: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة لا تتعدى حدود الشريعة الإسلامية    بحضور أزولاي.. لقاء ثقافي بالصويرة يبرز أهمية المكان في تشكيل الهوية    خنيفرة تحتضن المهرجان الدولي للقصة القصيرة    وفاة ملاكم بعد أسبوع من فوزه باللقب الذهبي لرابطة الملاكمة العالمية    القضاء يدين محمد أوزال ب3 سنوات ونصف حبسا نافذا    الكعبي ينهي سنة 2024 ضمن أفضل 5 هدافين في الدوريات العالمية الكبرى    عملية أمنية تنتهي بإتلاف كمية مخدرات بوزان    المغرب داخل الاتحاد الإفريقي... عمل متواصل لصالح السلم والأمن والتنمية في القارة    حملة مراقبة تضيق الخناق على لحوم الدواجن الفاسدة في الدار البيضاء    قوات إسرائيلية تقتحم مستشفى بشمال غزة وفقدان الاتصال مع الطاقم الطبي    تأجيل تطبيق معيار "يورو 6" على عدد من أصناف المركبات لسنتين إضافيتين    الداخلة : اجتماع لتتبع تنزيل مشاريع خارطة الطريق السياحية 2023-2026    غزة تحصي 48 قتيلا في 24 ساعة    "العربية لغة جمال وتواصل".. ندوة فكرية بالثانوية التأهيلية المطار    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    ارتفاع ليالي المبيت بالرباط وسط استمرار التعافي في القطاع السياحي    اليابان.. زلزال بقوة 5.1 درجة يضرب شمال شرق البلاد    خبراء "نخرجو ليها ديريكت" يناقشون موضوع مراجعة مدونة الأسرة    حصيلة الرياضة المغربية سنة 2024: ترسيخ لمكانة المملكة على الساحتين القارية والدولية    حجم تدخلات بنك المغرب بلغت 147,5 مليار درهم في المتوسط اليومي خلال أسبوع    مطالب بإنقاذ مغاربة موزمبيق بعد تدهور الأوضاع الأمنية بالبلاد    ترامب يطلب من المحكمة العليا تعليق قانون يهدد بحظر "تيك توك" في الولايات المتحدة    فرح الفاسي تتوج بجائزة الإبداع العربي والدكتوراه الفخرية لسنة 2025    مجلس الأمن يوافق على القوة الأفريقية الجديدة لحفظ السلام في الصومال    عائلة أوليفيا هاسي تنعى نجمة فيلم "روميو وجولييت"    دراسة: أمراض القلب تزيد من خطر اضطراب الخلايا العصبية    مبادرة مدنية للترافع على التراث الثقافي في لقاءات مع الفرق والمجموعة النيابية بمجلس النواب    استثناء.. الخزينة العامة للمملكة توفر ديمومة الخدمات السبت والأحد    وفاة زوج الفنانة المصرية نشوى مصطفى وهي تناشد جمهورها "أبوس إيديكم عايزة ناس كتير تيجي للصلاة عليه"    البرازيل: ارتفاع حصيلة ضحايا انهيار جسر شمال البلاد إلى 10 قتلى    اقتراب مسبار "باركر" من الشمس يعيد تشكيل فهم البشرية لأسرار الكون    يامال يتعهد بالعودة أقوى بعد الإصابة    المدونة: قريبا من تفاصيل الجوهر!    2024.. عام استثنائي من التبادل الثقافي والشراكات الاستراتيجية بين المغرب وقطر    استهلاك اللحوم الحمراء وعلاقته بمرض السكري النوع الثاني: حقائق جديدة تكشفها دراسة حديثة    الثورة السورية والحكم العطائية..    هل نحن أمام كوفيد 19 جديد ؟ .. مرض غامض يقتل 143 شخصاً في أقل من شهر    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هزم الانفصال لا يكون إلا بالدمقراطية


الأستاذ الباحث المصطفى بوعزيز
حاوره: محمد الطالبي
يعرف المغرب نقاشا عميقا حول الهوية والتأسيس لملفهوم العلمي للدولة شكلها الدستوري وتنظيمها الإداري وتشعب مكوناتها الإثنية والعرقية والحدود النهائية للمغرب التي لم تعرف الحسم إلا مع السلطان مولاي عبد الرحمان بعدما رد بيعة علماء الجزائر وتبنى الجهاد إلى جانبهم مع الحفاظ على واجب نصرة المسلمين في مواجهة الاستعمار الفرنسي
الذي حل محل الدولة العثمانية بالجزائر فيما اعتبره قادة الجزائر آنذاك بأنه تخل عنهم من طرف الخلافة العثمانية وتقدموا ببيعة السلطان مولاي عبد الرحمان أميرا للمسلمين وكان من بين المبايعين والد الأمير عبد القادر الجزائري حيث تم اعتماد الحدود بين المغرب والجزائر هي الحدود العثمانية. تدرج المغرب منذ هذا التاريخ في بناء الوطن عبر محطات كبرى مثل 1912 حيث الحجر والحماية و1956 حين الجلاء لتكون الرجة الكبرى سنة 1975 بحيث توافقت أطراف الصراع في المغرب حول الوحدة الوطنية وأنهت مرحلة كان كل طرف يخون الآخر. وفي حوار مع مصطفى بوعزيز نتعرض لبعض محطات تأسيس الدولة بالمغرب
ماهو الوطن المغربي؟و هل كان دائما موجودا؟
حسب المفكر العروي فشهادة ولادة الوطن المغربي هي سنة 1830 وبالضبط في الفترة التي تلت احتلال فرنسا للجزائر، والنقاش الذي تلا طلب مجموعة من علماء الجزائر قبول بيعتهم لسلطان المغرب مولاي عبد الرحمان كأمير للمسلمين على أرض المغرب والجزائر، بعد أن تنكرت الخلافة العثمانية لبيعتهم وتركتهم في أحضان «الكافر الرومي الفرنسي» وعلى رأس العلماء الشيخ محيي الدين والد الامير عبد القادر الجزائري (اطروحة كاملة أنجزها ابراهيم ياسين حول عبد القادر الجزائري والمخزن المغربي) وأثار طلب مولاي عبد الرحمان من القرويين الافتاء في هذا الامر قبول البيعة من عدمه، نقاشا حادا بين علماء القرويين انتهى بقبول جواز البيعة بدعوى عدم إمكانية رفض امام مسلم بيعة المسلمين، وبالنتيجة السياسية بعث السلطان واليا إلى تلمسان (ابن عمه) استمر حوالي خمسة أشهر ليقرر بعدها سحبه ويقرر بأن المغرب ليس هو الجزائر وأن المغرب ينتهي ترابيا عند الحدود المغربية العثمانية وبالتالي فهو مسؤول على مسلمي المغرب، ولكنه باسم الاخوة الاسلامية متضامن مع مسلمي الجزائر في جهادهم ضد الأجنبي(الكافر).
ما الذي وقع إذن بعد هذا الموقف السلطاني؟
هذا يعني انتقال النخبة المغربية من مفهوم ايديولوجي ديني للوطن إلى مفهوم سياسي، بحيث جعل الفقهاء يطرحون مقولة حب الاوطان من الايمان وكانوا يوضحون عندما يسألون عن ماذا تعني الاوطان، هي مكة والمدينة ويخلص العروي إلى أن الامر كان يتعلق بوطن روحي، أما قرار مولاي عبد الرحمان بسحب واليه من تلمسان فكان ميلاد الوطن الترابي المغربي، فالوطن الروحي هو أرض الاسلام وهذا فضاء مفتوح غير محدود بخرائط وبطبوغرافيا بلا حدود بشرية وعقدية، فأينما تواجد المسلمون فتلك أرض الاسلام، وبالتالي فذاك وطن روحي للمسلمين، أما مفهوم الوطن الترابي فيختلف تماما، إذ تحدده الجغرافيا والطبوغرافيا والتاريخ.
لذلك وحسب عبد الله العروي، فالوطن المغربي ولد مع قرار السلطان مولاي عبد الرحمان التمييز بين التراب المغربي والتراب الجزائري، وبذلك بدأ الحديث عن حدود المغرب، فالوطن المغربي ينطلق أولا من الوطن الترابي المغربي.هل الشعور بانتماء لتراب محدد جغرافي كاف للتأسيس للوطن؟
طبعا لا، ففي نظري الوطن ليس فقط التراب المعروف بحدود جغرافية، بل أيضا الكتل البشرية المتفاعلة داخله، والتمثل الجماعي لهذا الكيان الترابي والاجتماعي وما يرتبط بذلك من أنماط عيش وأنظمة اجتماعية وسياسية وما يلحم ذلك كله بمخيال جماعي يعطي للهوية المشتركة إشعاعا كافيا بشرعية الانتماء. وهذا الوطن ليس معطى أزليا وثابتاً، بل هو حصيلة لسيرورات تاريخية متنوعة متزامنة ومتفاوتة. وهي بذلك غير نهائية، بل خاضعة لتحولات قد توطد أواصرها كما قد تضعف روابطها وتفجر بناها فالوطن يولد وقد يموت.
ما هي التحولات التي وقعت منذ التأسيس:
المغرب فشل في بناء باقي المكونات الأخرى للوطن وعنوان الفشل هو فقدان الاستقلال سنة 1912 ،لأنه ارتبك أمام الحداثة كثقافة وكتصور للمجتمع، مما أدى إلى دخول الحماية والاستعمار وبداية مرحلة القهر أو الدونية التي أشعرنا الاستعمار بها تجاهه لا ثقافة ولا تضامناً، وكرد فعل على رفض الدونية بدأ بناء الوطنية المغربية (أي الثقافة المؤسسة للوطن وحققت كسباً أولياً بجلاء الاستعمار ونهاية ما كان يسمى في بداية المرحلة مرحلة الحجر والوصاية، ولكن جلاء الاستعمار لم يكن كذلك كافيا لبناء وطن، فكان المطلوب بناء الدولة الوطنية كتجسيد سياسي لكيان الوطن وهنا تصارعت النخب المغربية حول بناء هذه الدولة والتوجه الذي انتصر (توجه الملك الحسن الثاني) وهو توجه غير حداثي، بل تقليداني، فبالرغم من الخطاب حول الوطن والإسهال في استعمال هذا المصطلح كان الإطار الاجتماعي يبنى من فصيلة (كومنوتي) وليس من فصيل (سوسيتي). لذلك تزامن مع ما نسميه اليوم سنوات الجمر والرصاص، آنذاك من كان مع الحسن الثاني فهو وطني ومن كان ضده فهو خائن للوطن أو عاق أو متآمر
متى وقع التحول الأكبر في المغرب أو الوصول الى المرحلة الثالثة؟
تشكل سنة 1975 أهمية كبرى حيث هي سنة المسيرة الخضراء، لدرجة مقارنتها باستقلال المغرب، فهي إحدى محطات تبلور الوطن المغربي لأنها ستؤسس لنوع من التعددية داخل المجتمع المغربي فيما يتعلق بالفضاءات المشتركة للمغاربة، بالرغم من أن تمثل هذه التعددية كان متفاوتا لدى مختلف الأطراف، إلا أن الأساسي فيه هو الإدراك المشترك لفاعلين أساسيين بأن هناك فضاءات مشتركة تسمو على الخلافات السياسية الظرفية وتشكل الأسس التي بنى ويبني عليها الكيان المشترك، بالرغم من أن شرعنة هذا المشترك تختلف في مرجعيتها من فاعل لآخر. فهناك من يشرعنها في إطار المقدس ومن يشرعنها بالتطور نحو الحداثة، مما يجعلني أغامر باقتراح مصطلحين جديدين، الوطنية الملكية والوطنية الديمقراطية، وخلال الستينات كان كل طرف يتملك الوطنية لنفسه ويتهم الطرف الآخر بالخيانة، أما بعد 75 فنادرا ما كانت اتهامات من هذا النوع من الطرفين.
من هم رواد الوطنية الديمقراطية؟
هناك وطنيون كبار لعبوا أدوارا طلائعية في بناء تصور المغرب الديمقراطي من قبيل عبد الرحيم بوعبيد ،علال الفاسي ،آيت إيدر وعلي يعتة والمقاومون الذين كانوا في المنفى ومنهم الفقيه البصري والسكيرج وأعضاء تنظيم 23 مارس منهم عبد السلام المودن ومصطفى مفتاح وعبد العالي بنشقرون ،من المنفى الحبيب الطالب ،المريني، مصطفى مسداد،عبد الله العياشي،عبد السلام بورقية ،عبد العزيز بلال،والقائمة طويلة من الذين أسسوا للوطن الديمقراطي من مختلف المشارب الفكرية والسياسية.
هل اكتملت الصيرورة؟
لم تكتمل بعد الصيرورة، فكل التغيرات السوسيولوجية والثقافية والسياسية لم تتوافق بعد داخل الوطن المغربي، فالثنائية الموجودة لحد الآن لا تغطي كل التعدد الذي يزخر به الوطن المغربي والتشكيلة الاجتماعية لم ترق بعد إلى مستوى societeأي مجتمع مؤسس على قاعدة حرية الأفراد وتعاقدهم الواعي مع الجماعة، كما أن النظام السياسي لم يرق بعد إلى مستوى النظام الحداثي المؤسس على شرعية حداثية، أي الشرعية التي تأتي من الشعب وليس من خارجه، كما أن الهوية الثقافية لم تتخلص بعد من الوحدة الممركزة والوجدانية والنافية لأي اختلاف، لتنتقل الى هوية متعددة متفاعلة ومتضامنة، أي قائمة على قاعدة الوحدة والتعدد، وهذا الانتقال هو التحدي الذي يواجه الوطن المغربي ليندرج في العصر من بابه الكبير حتى يتجنب المجتمع الطائفي ما قبل الحداثي وهو خطر محتمل، فالمجتمع المغربي تعتصره ثلاث حركات اجتماعية عميقة،
الحركة الوطنية الديمقراطية، الحركة الاسلامية والحركة الأمازيغية، وكل هذه الحركات تتردد في العبور الى الحداثة، وبالتالي في بناء وطن مغربي حداثي، فالوطنية الديمقراطية تتردد وتقف عند سقف الدمقرطة كثقافة وكسلوك، والحركة الاسلامية تتردد وتقف عند سقف الأنسنة وترتبك عند كل حديث عن فصل الديني عن السياسي، وبذلك تركز في ممارستها التعبوية اليومية على الهوية الدينية وعلى مفهوم communaute musulmane لذلك في الممارسة اليومية يسموا الانتماء للأمة الاسلامية عن الانتماء للوطن المغربي، أما الحركة الامازيغية فترددها يتجلى في سقف المواطنة وترتكز في ممارستها التعبوية اليومية على مركزية الإثنية وليس على مركزية رابطة القانون وحق الاختلاف، الأركان السياسية للمواطنة بمنطوقها الكوني، فا لتحدي المركزي امام الوطن المغربي هو ان تحسم هذه الترددات وأن يعبر المغاربة الى الحداثة عبر تبنيهم للديمقراطية وللأنسنة وللمواطنة، وكل هذه برامج تنتظر الانجاز بالرغم من اسهال هذه المصطلحات والخطابات المروجة، اما النزعة الانفصالية الموجودة في اقاليمنا الجنوبية فليست غريبة عن هذه الترددات، فهي في العمق نزعة هوياتية ضيقة تعبر في العمق عن رد فعل امام ارتباك وتردد عام في العبور الى العصر من الباب الكبير، باب الاختيار الجماعي الواعي للوحدة والتعدد وهذا شرط قيام وبقاء وطن مغربي قادر على العيش في جو العولمة الزاحفة، فهزم الانفصال لا يكون إلا بالدمقراطية.
8/1/2010


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.