* الثيوقراطية مذهب سياسي يُنظر إلى سلطته بأنها منبعثة من الله ، وأن ممارسيه ومعتنقيه وكلاؤه على الأرض .. هذا هو المذهب الذي يعتنقه الحوثي ويروج له ، ولكن من أين له أن يدعي ذلك ويرغب في ممارسته لولا البيئة الديمقراطية التي نما وترعرع في ظلها والتي تسمح بتعددية المذاهب والأفكار والآراء حتى ولو كانت باطلة لا تستند إلى أساس ، ولعل أكبر دليل على الثيوقراطية الحوثية هو ما يزعمه مناصريه وشيعته وما يرددونه من أقول على وسائل الإعلام المختلفة ويمارسونه من أفعال بيد أن هذا لا يعني أنها الأولى في التاريخ اليمني فقبل الحوثي كان الإمام الذي لدرجة جهل الناس وانغلاقهم في تلك الحقبة الزمنية جعلهم يتقطرنون احترازاً من الجن واعتقاداً منهم كما صور لهم ورسم في أذهانهم فيه وأنه وكيل الله في خلقه ، ولنأخذ مثالاً آخر بيد أنه ليس من اليمن بل من التاريخ وهو ما فعله الحسن بن صباح مع فرقة الحشاشين التي أسسها نزار بن المستنصر وكيف تحولوا بعد عملية غسيل الدماغ الذي أجري لهم إلى آلات قتل بشرية ، وفي شعب غايانا أدّعى مهووس يُدعى جيم جونز أطلق على نفسه صفة المسيح وأمر أتباعه أن يضعوا السم في شراب الكول إيد ويسقونه لأطفالهم ومن ثم يشربونه هم فكانت عملية انتحارية جماعية ليس لها مثيل ..إن الثيوقراطية التي يعتنقها الحوثي وأتباعه ويروجون لها هي ما برر لهم القتل والسلب والنهب والتخريب ومن أجل الحصول على السلطة وأحقيتهم في ذلك يسوغها لهم صلة النسب كما يدعي ويدعون فأي عاقل له قلب يستسيغ هذا المنطق ويتقبله بل وأي مغفل يقبل ذلك ويستوعبه ، ثم ألم يقف الرسول عليه الصلاة والسلام يوم فتح مكة على باب الكعبة مخاطباً قريش : " يا معشر قريش إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظمها بالآباء ، كلكم لآدم وآدم من تراب ، يا معشر قريش ماذا تظنون أني فاعلُ بكم ؟ قالوا أخُ كريم وابن أخٍ كريم ، قال : اذهبوا فأنتم الطُلقاء ، لا تثريب عليكم ، اليوم يغفر الله لي ولكم ، " . هل يعقل أن يكون الحوثيون بثيوقراطيتهم على صواب وأصحاب حق ولا يرى ذلك أحدُ غيرهم ؟ إن الحقيقة التي لا مراء فيها أن الحوثي وأتباعه أنفسهم لا يعلمون ما يريدونه مما يمارسونه ويقومون به من قتل وسلب ونهب وتخريب وليس لهم من مأربٍ وراء ذلك سوى إثارة الفتنة ، ليس لهم مبدأ أو غاية أو حتى علم يحاجون به ساعة دعوا إلى حوار أو نقاش ومذهبهم أشبه ما يكون بل هو ألصق بمذهب إبليس عليه لعنة الله الذي يتضح في قوله تعالى على لسانه " ربِّ بما أغويتني لأزينن لهم ولأغوينهم أجمعين " فهو ينسب غوايته إلى الله – تعالى الله عن هذا الهراء – وبمعنى أوضح أنه مُسير وليس بإمكانه أن يفعل الشيء أو يتركه بمحض إرادته بل هو مجبر ..عما قريب سيدرك الحوثيون وأنصارهم إن كانت لهم بقية باقية أنهم أخطئوا بما ارتكبوه في حق الأبرياء وأن الفتنة التي أججوا نارها سيحترقون بها وحدهم سيدركون ذلك عندما ينتصر الحق وأهله على الباطل وعلى الثيوقراطية التي يعتنقونها ويريدونها .. هايل علي المذابي أديب وصحافي