بعد البيان الصادر باسم اللجنة الإدارية وتشكيل لجنة تحضيرية للمؤتمر القادم على المقاس، تمر الجمعية المغربية لحقوق الإنسان اليوم بامتحان عسير ومنعطف مليء بالانزلاقات، وتتعرض ديمقراطيتها الداخلية لمحنة حقيقية، وذلك بعد أن أحكمت جماعة عبد الحميد أمين الخناق على جميع منافذ الاختلاف والحوار وقامت باستئصال كل أنسجة التعدد والتباين والتنوع.. التي كانت الجمعية مضربا ومثالا يقتدى به. فالعبرة ليس بعدد الوقفات الاحتجاجية ولا بقوافل التضامن الكرنفالية التي تقودها الجماعة والتي لا تخفي على الإنسان العادي وبنظرة واحدة مجرة بأنها بروباغندة لتلميع وجوه معينة.. بل العبرة بمنسوب خزانك الديمقراطي، وبمدى نقاء هوائك الداخلي وصدق سريرتك، والتواضع ودماثة الخلق، وهل يضيق صدرك بالآراء المختلفة، وبانفتاح وسعة أفقك، وتقديرك للكفاءات حتى لو كانت ليست من صفك، وتشجيع الشباب والأخذ بيده، وأنك لا تكرس التدليس والتزوير والحقد وتصفية حسابات غير موجودة إلا في أوهامك .. لقد استغلت جماعة السيد عبد الحميد أمين ضعف التيارات الأخرى وخاصة تيار مناضلي ومناضلات حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، أحد مؤسسي الجمعية في فترة من الفترات الحالكة التي مر منها اليسار وحرية الرأي والتعبير، وبناة إرثها، وديمقراطيتها الداخلية وعلى رأسه رجل ديمقراطي حتى النخاع منافح عن قيم النبل والإشراق، لا يلين ولا يستكين، الأستاذ النقيب عبد الرحمن بن عمرو... فهؤلاء المناضلون والمناضلات هم الذين فتحوا أحضانهم واستقبلوا كل الحساسيات، لأنهم يؤمنون إيمانا راسخا بأن التعدد والاختلاف ثراء وقوة للحمة الداخلية.. فلم يتيسر لجماعة عبد الحميد أمين الهيمنة على أجهزة القرار إلا باستغلال إرث الديمقراطية الداخلية وبفكرها الانقلابي اعتمدت أساليب الإقصاء والإنزال والإغراق وتوزيع الأدوار وفبركة قوانين جائرة على المقاس... واختزلت كل آليات الديمقراطية الداخلية في التصويت العددي.. وهي أساليب كما يعلمها الجميع، من صناعة المستبد، سواء كان هو المخزن المغربي أو جمهورية ليبيا السلالية، لا فرق، ولا علاقة لها بالبت والمطلق بمنظمة مدنية تدافع عن حقوق الإنسان، وتناضل من أجل إرساء دولة الحق والقانون، ولا يمكن أن تكون ديمقراطية، فما الفرق إذن بين السيد عبد الحميد أمين والرئيس التونسي زين العابدين بن علي... والحق أن الفرق بين وموجود فالرئيس التونسي على الأقل ديكتاتوري منسجم مع نفسه، أما السيد عبد الحميد فهو يعاني انفصاما ذاتيا وشرخا شيزوفرينيا بين ما يدعيه وبين ما يمارسه ويطبقه داخل الجمعية المغربية لحقوق الإنسان... أيها الطليعيون والطليعيات إن عبد الحميد أمين وجماعته لن يغفرا لكم أبدا، ستبقون من ألد الأعداء وأشد الخصوم، إذا أردتم الإجابة فاسألوا "سيجموند فرويد" عن ذلك.