ينتظر أعضاء المكتب السياسي للحركة الشعبية، بفارغ الصبر، إعلان موعد الاجتماع الذي سيجمعهم برئيس حركة لكل الديمقراطيين، فؤاد عالي الهمة، لتدارس إمكانية التنسيق بين الحركتين مستقبلا. فما إن "زف" امحند العنصر، الأمين العام للحركة، لأعضاء مكتبه السياسي خبر فتح قنوات اتصال مع الهمة لدراسة إمكانية التحالف معه، حتى ابتهجت أسارير غالبية أعضاء المكتب السياسي، خاصة وأن العديد منهم جرب حظه في استمالة "صديق الملك" عند تأسيس حركته من أجل الانضمام إليه لكن دون نتيجة. وحسب بعد المصادر، فإن أعضاء المكتب السياسي، الذين تدارسوا في آخر اجتماع لهم التحركات الأخيرة لقادة الحزب من أجل فتح قنوات الحوار بين الحركة الشعبية وحركة الهمة عبروا عن ارتياحهم لما سموه ب"انفتاح الحركة الشعبية على حركة صديق الملك"، آملين أن تفتح لهم العلاقة مع حركة الهمة أبوابا جديدة نحو الحكومة المقبلة، خاصة بعد نكبة الخروج من حكومة عباس الفاسي والصعود إلى المعارضة من دون سابق إنذار. واعتبرت المصادر ذاتها أن الحركة الشعبية "حزب عريق له تاريخ، لكنه يحتاج إلى دينامكية لضخ دماء جديدة في دواليبه، والانفتاح على حركة الهمة يمكن أن يلعب دورا في هذا الاتجاه، كما أنه وسيلة من وسائل العودة إلى الحكومة"، تقول المصادر. وكان العنصر قد أخبر حزبه أن الهمة عرض عليه تصورا للتنسيق بين الحركتين من أجل المساهمة في خلق تقاطبية منسجمة قادرة على رد الاعتبار إلى المشهد السياسي الجامد وإعادة الثقة إلى المواطنين في العمل السياسي. وفي الوقت الذي خطب فيه العنصر مطولا عن موضوع التحالف مع الهمة، ظل المحجوبي أحرضان، رئيس الحركة الشعبية، صامتا طوال الاجتماع، الذي دام زهاء ثلاث ساعات، حيث لم ينبس بكلمة واحدة، غير أنه لم يعبر عن رفضه للفكرة، تعلق بعض المصادر. من جهة أخرى، لم تستبعد مصادر مطلعة أن يعمد العنصر إلى تجريب «تراكتور» الهمة للعودة إلى الحكومة، خاصة وأن الحركة لم تجد نفسها في المعارضة. إلى ذلك، أكد امحند العنصر، الأمين العام للحركة الشعبية، فتح قنوات اتصال بين حركته وحركة الهمة، وقال في تصريح ل"المساء"، إنه التقى الهمة عدة مرات. وأردف قائلا: "ألتقيه كل أسبوع في جلسات البرلمان وهناك نتحدث عن طبيعة التنسيق الذي يمكن أن يجمعنا"، نافيا أن يكون عقد اجتماعا أو لقاء رسميا مع هذا الأخير. وأشار العنصر إلى أن العمل مع حركة الهمة غير واضح المعالم إلى حد الآن، لأن الأمر لا يتعلق بحزب بل بجمعية، ويضيف: "غير أنه إذا قررت الأحزاب القريبة منا المشاركة في تحالف من هذا النوع، فإننا سنتحرك معها في الاتجاه نفسه". وردا على سؤال حول مراهنة الحركة الشعبية على الهمة من أجل دعم حظوظها في الحكومة المقبلة، قال العنصر: "لا مطمح لنا في هذا الاتجاه". وأضاف: "نحن نلعب دورنا في المعارضة بالشكل المطلوب، غير أننا لن نبقى فيها دائما". من جهة أخرى، ذكرت مصادر مطلعة ل"المساء" أن الهمة يلعب أكثر من ورقة في الساحة السياسية وأن جمع أحزاب اليمين في قطب واحد خيار من خياراته العديدة. وفي هذا السياق قال البشير الزناكي، المنسق الإعلامي لحركة "لكل الديمقراطيين"، إن التحالف مع الحركة الشعبية يأتي في سياق النقاش العام الذي فتحته حركة "لكل الديمقراطيين" منذ تأسيسها مع عدد من الأحزاب السياسية. وأضاف أن حركة "لكل الديمقراطيين" التقت في هذا الإطار مع ممثلي عدة أحزاب، فيما بقيت شريحة أخرى لم يتم النقاش معها نظرا إما إلى مواقف أصحابها الذين لم يستسيغوا الفكرة في البداية، وإما إلى الظروف الخاصة للحركة. وأشار الزناكي إلى أن النقاش الدائر داخل حركة "لكل الديمقراطيين" في الوقت الراهن أكد ضرورة فتح المجال أمام نقابات ومكونات سياسية أخرى من أجل العمل على لم الطيف السياسي المغربي وعدم تشجيع منهجية الشتات والتشرذم السائدة حاليا. وقال إن البداية كانت مع مجموعة من الأحزاب الصغيرة التي قبلت الانضمام إلى هذا القطب، وزاد قائلا: "يبدو أن الحركة تلح على فتح مسار التلاقي مع هذا القطب". وأشار الزناكي إلى أن الاتجاه العام لحركة "لكل الديمقراطيين" يهدف إلى تأسيس قطب قوي يجمع الأحزاب الليبرالية التي ستنصهر في قطب واحد قادر على مواجهة الوضعية العامة، مشيرا إلى أن الاتجاه العام يشير إلى تأسيس قطب مواز يجمع المكونات المحسوبة على اليسار، وبالتالي تأسيس قطبين أساسيين، أحدهما يمثل اليمين والآخر يمثل اليسار بدل حالة الشتات القائمة. وفي سياق ذي صلة، أكد الزناكي أن حركة "لكل الديمقراطيين" فتحت قنوات الاتصال أيضا مع حزب التجمع الوطني للأحرار، غير أن هذا الأخير يعيش انقساما في الرأي حول موضوع التحالف مع الحركة، حيث إن هناك فئة تؤمن بالارتباط بالأحزاب التقليدية الأخرى وتأسيس تحالف معها، في حين يرى آخرون أن المبادرة تحمل تصورا إيجابيا لإصلاح الواقع السياسي المغربي.