يؤكد الباحثون في تاريخ الحروب الفرنسية، أن هذه الأخيرة «لم تكن لتصمد في حروبها بألمانيا والفيتنام لولا محاربي شمال إفريقيا»، هؤلاء المحاربون الذين استجابوا لنداء الملك الراحل محمد الخامس للانخراط في تحرير فرنسا من الغزو النازي، حيث ناهز عدد المغاربة ضمن الجيش الفرنسي خلال الفترة الممتدة ما بين 1942 ونهاية الحرب العالمية الثانية في 1945، زهاء 85 ألف محارب إلى جانب الجنود الفرنسيين، وسقط خلال هذه الحرب 15 ألف قتيل في معارك شمال إفريقيا وأوروبا، و28 ألفا و800 جريح من بينهم 2400 معاق. هكذا وبعد سنوات طويلة من الانتظار تقرر «فرنسا شيراك» إعادة الاعتبار إلى هؤلاء المحاربين، الذين كانوا في الماضي يشكلون ما يسمى «خطا في الأرواح»، فبفضل شجاعة الجنود المغاربة استطاع الحلفاء تحرير جنوب إيطاليا وجزيرة صقلية من سيطرة دول المحور التي استعص حتى على الجنود الإنجليز و الأمريكيين اختراقها، وهذا طبعا حسب الاعترافات الجنرالات الأمريكيين والفرنسيين أنفسهم. وتذكر بعض كتب التاريخ أنه بالرغم من أن الصفوف الأمامية في الحرب العالمية الثانية كانت تتلقى خسائر ضخمة، مما يتطلب تدخل صفوف الوراء، إلا أن الجنود المغاربة كانوا دائما ينهون المهمة قبل طلب الدعم: فلقد عانى الجنود الألمان كثيرا من فرقة القناصة المغاربة، وفرقة «سافيس» التي كانت توكل إليهما مهمات دقيقة بقنص الجنود الألمان. بعض هؤلاء المحاربين اليوم يدين بتحسن أوضاعه إلى «جاك شيراك والملك محمد السادس» أما البعض الآخر فلازال ينتظر الفرج، فيما يذهب عشاق السينما إلى شكر جمال الدبوز ومخرج فيلم «أندجين»، واعتبار هذا الأخير السبب الحقيقي في تغيير أوضاع المحاربين القدامى، أما أصحاب التحاليل الصحفية فيقولون: «إن فرنسا لم يكن لها خيار آخر غير تسوية وضعية هؤلاء المحاربين، وأن الأمر فيه شيء من الاشتغال على الصورة والسمعة». أما الدكتور المغربي عبد الله ساعف فيذكر في كتابه «حكاية أنه ما» أن محاربي «لاندوشين» : «المغاربة والمغاربيون مصدر مشاعر متناقضة لدى المدونين الفرنسيين لأخبار حرب الهند الصينية»، وقبل ذلك أشار الساعف في كتابه إلى أن «المغاربة والأفارقة الشماليين، بصورة عامة، ليسوا سوى عناصر احتياطية وجنود منذورين للموت أو أعوان خدمة.. مجموعة من الجثث المحتملة، جهاز ما داخل الآلة الإمبريالية الفرنسية الهائلة»، وهو كلام قد يفسر وضعية هؤلاء اليوم.