زاد قرار رفاق نوبير الأموي، القاضي بالانسحاب من مجلس المستشارين، من قتامة الغيوم التي تلبدت فوق سماء المملكة صبيحة أول أمس السبت، حيث تركزت الأنظار على البناية المكونة من 7 طوابق بشارع النخيل بالدار البيضاء، التي احتضنت أشغال المجلس الوطني للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، اقتصر الحاضرون فيه على الاستماع لعرض نوبير الأموي، الكاتب العام للكونفدرالية، خلص فيه إلى الإعلان عما توصل إليه المكتب التنفيذي للنقابة الذي عقد اجتماعا طارئا في صبيحة اليوم نفسه، والذي تمت فيه بلورة الموقف الذي أعاد الأموي ورفاقه إلى دائرة الضوء مجددا. لم يلق ابن الشاوية «بقنبلة» الانسحاب من مجلس المستشارين في بداية هذا الاجتماع، بل مهد له بتقديم عرض مفصل عن الوضعية العامة التي تعيش على إيقاعها المملكة، مذكرا بسياق التحضير للاحتفال باليوم العالمي للعمال والانشغالات المرتبطة بنتائج الحوار الاجتماعي، مشيرا إلى أن وفد نقابته، الذي التقى الحكومة في إطار هذه الجولات، خاطبها بكل مسؤولية ونبهها إلى خطورة الوضعية الصعبة التي تمر منها البلاد، وطالبها بضرورة التدخل لتحسين وضعية المواطنين المعيشية. وخلال حديثه في هذا الإطار، لم يخف قلقله من نتائج الحوار الذي رفض وصفه بهذا الاسم أو إطلاق اسم مفاوضات عليه، لأنه، حسبه، لم يكن جديا ولم يأت بجديد. وانتقد أيضا، في هذا الصدد، موقف الباطرونا إزاء المطالب التي تقدمت بها المركزيات النقابية خلال الحوار الحالي عكس ما كان عليه موقف أصحاب العمل في الحوارات السابقة. وقال: «إن موقف أرباب الشغل استفزنا» وإنهم لم يتركوا لهم من خيار سوى الاعتماد على أنفسهم، وليس هناك من مجال للسكوت عن الاستغلال البشع للطبقة الشغيلة. عرض الأموي تطرق فيه أيضا إلى مسألة الثروات بالمغرب، مشيرا إلى أن البلاد تتوفر على ثروات ومعادن، من فوسفاط وحديد وفضة، وقال إن أثمان الفوسفاط لم تتغير منذ 30 سنة، واليوم ثمنه ارتفع لكن عائداته لم تصرف من أجل النهوض بالوضع الاقتصادي والاجتماعي لعموم المغاربة، قبل أن يخلص إلى طرح السؤال الذي كان ينتظره عموم الحاضرين بالقاعة: «ما هو الحل اليوم؟»، فكان الجواب بعبارة: «لابد من نقطة نظام»، التي لم تكن سوى القرار، الذي اتخذ في الصباح الباكر، القاضي بانسحاب الأعضاء التسعة للفريق الكونفدرالي من مجلس المستشارين وقرار الإضراب العام الذي من المقرر أن يعلن عنه يومه الاثنين بعد اللقاء بالوزير الأول. هذه الخطوة، حسب الأموي، ما هي إلا نقطة نظام وبمثابة الصدمة التي أرادت مركزيته أن تحدثها، لتلفت الجميع إلى خطورة الوضع الذي آلت إليه البلاد. وخلف المواقف المعلنة تنتصب عدة نقاط استفهام إزاء التحول الطارئ على مواقف الأموي ومفاجأته الجميع بتبني هذا القرار، وهو الذي كان يدافع، طيلة المجلسين السابقين اللذين عقدتهما مركزيته النقابية، عن التهدئة وضرورة مراعاة الظروف التي تمر منها البلاد وعدم التصعيد في المواقف. وحسب مصادر متتبعة لما يجري في البيت الكونفدرالي، فإن خلفيات هذا التحول المفاجئ تكمن في الإجماع الذي اتفقت عليه قواعد الكونفدرالية بضرورة اتخاذ خطوات نضالية أكثر جرأة إزاء الهجمة التي تتعرض لها حقوق الشغيلة. وتضيف المصادر ذاتها أن هذا الشعور أذكته أجوبة حكومة عباس الفاسي، خلال جولات الحوار الاجتماعي، التي تعاملت باستهتار مع مطالب النقابات المركزية ولم تأت بأي جديد من شأنه أن يعيد البريق إلى العمل النقابي الذي يعرف مؤخرا موجة من النفور والعزوف. قرار الانسحاب لم يعترض عليه أي عضو من المستشارين التسعة، الذين وقعوا على طلبات الاستقالة ووجهوها إلى رئيس مجلس المستشارين ظهر أول أمس السبت باستثناء عضو واحد الذي يوجد في مهمة خارج المغرب وتم تبليغه بالقرار وعبر عن تأييده له، كما تجري حاليا جهود حثيثة لإقناع باقي مكونات تجمع اليسار من أجل الإقدام على خطوة مماثلة والانسحاب هذه المرة من مجلس النواب.