«Vous êtes Tech?»، إنها العبارة التي يرددها شباب مراهقون في ما بينهم أو عندما يريدون إدخال وافد جديد إلى محيطهم. لمياء 21 سنة، لم تكمل دراستها الجامعية وتوقفت عند السنة الثانية شعبة الاقتصاد بطنجة، تقول إنها تحب التيك تونيك الذي أتى من الولاياتالمتحدةالأمريكية، وهو عبارة عن موسيقى الهاوس والتيكنو اللذين يمتازان بإيقاع سريع وموسيقى صاخبة كما يسميها البعض. وتضيف: «الحقيقة أن التيك تونيك عبارة عن رقصات تنسيك همومك ولا تبالي بالآخرين وتجذبك إليها دون أن تحس». «التيك تونيك» ظهرت أصولها في فرنسا، ولكنها عرفت انتشارا كبيرا في الولاياتالمتحدةالأمريكية، هذه الظاهرة عرفت إقبالا كبيرا لدى الأطفال والشباب المغاربة الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و24 سنة. التيك تونيك في الواقع «لغة»، لها إشارات وحركات ودلالات، يتحاور هؤلاء الشباب والأطفال في ما بينهم عن طريق الرقص وحركات الأيادي والأرجل، ويتواصلون في ما بينهم عن طريق الأعين، لا يتكلمون، لكن الموسيقى هي التي تقوم بدور الوسيط. التيك تونيك «رقصة» تتطلب من الشاب أو الطفل أن يكون نحيفا خلافا للهيب هوب، فالرشاقة عنصر أساسي وضروري، وتساعد على فعل حركات خفيفة وسريعة بالأيدي قد تصل إلى ما وراء الرأس، وحركات بالأرجل مثل دوران أفعى على صيد ثمين لا يستطيع البدناء فعلها. يبدأ هذا الرقص بشخص واحد حيث يشبك أصابع يديه، كما يقوم بدوران خفيف ليديه حتى تظن أن يديه لينتان وخاليتان من أي عظام، وهذه الحركة توحي لمن يفهمون هذه الحركات «بالمناداة»، أي ينادي على أحد الأصدقاء للدخول في الرقص معه، أو بمعنى آخر هي عبارة عن استدعاء لمشاركته ومنافسته، من هنا تبدأ المباراة المعركة» كما يسمونها، فهذه المعركة خالية من أي سلاح، لكنها لا تخلو من شتائم وتهكم واحتقار عن طريق حركات تشملها هذه الرقصة. فكل واحد منهما يريد الانتصار على الآخر برقص حركات مغايرة عنه وأشد سرعة ودلالة، ليقول لصديقه أنا أحسن منك وأشد قوة ومعرفة بما يقع. أشهر هذه الرقصات «العقرب» و«الروبو» وغيرها من الأسماء. «المساء» عاينت رقصة في طنجة بدأت فردية ثم ثنائية فرباعية وسداسية لتنتهي في الأخير بين راقصين يريد كل واحد منهما أن يظهر مدى قدرته واستطاعته التغلب على الكل، فحلبة الصراع لم يبق فيها إلا اثنان بعدما كانوا ستة شباب وشابات يتقابلون مع بعضهم البعض، وما دامت المباراة تمنح الفوز لأحد منهم فلا بد أن يظهر قوته مع خصمه. في الأخير استطاع عثمان ذو 17 سنة أن يصنع حركات بكل جسده وخاصة بيديه، يقول فيها لصديقه عن طريق الرقص: «أستطيع أن أصنع منك لفافة حشيش وأدخنك ثم أرميك على الأرض لأدوسك برجلي»، ثم يضحك بنشوة الانتصار. مدينة طنجة عرفت إقبالا كبيرا على هذا النوع من الرقص الصيف الماضي، والأطفال لا يعرفون شيئا عن هذه الموجة الدخيلة عليهم، بل يقلدون فقط هذه الموضة الجديدة الوافدة على المغرب منبهرين بها اقتداء بزملائهم في المدرسة والحي والشارع، بل وحتى من يكبرونهم سنا، معتقدين أنهم على صواب، وأنها أحسن طريقة للاستمتاع بالحياة، متتبعين في الوقت نفسه كل صغيرة وكبيرة تطرأ على هذه الموجة. ويعتبر حمزة، 14 سنة، «جي جي» أشهر راقص في فرنسا قدوة له. طقوس التيك تونيك لا تخلو أحيانا من استعمال المخدرات الصلبة المعروفة ب«بكسطا»، وهي أقراص صلبة تتفرع منها عدة أسماء وأشكال حسب قوة ودرجة التخدير،أكثرها جرعة أرماني وخطايفة، ولونهما أحمر مرسوم عليهما ذراعا نسر أحدهما أطول من الآخر، أما قرص مرسيدس وموتورولا فلونهما أبيض، وقرص الهلال الأحمر لونه أخضر، وسمي بهذا الاسم كونه يحمل علامة الهلال، أما الشينوية فلونها أبيض وأزرق. كذلك الكوكايين يتم تداوله أحيانا بين الفتيان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 سنة فما فوق، إذ يتم شراء غرام واحد بثمن لا يقل عن 700 درهم، وكل فرد يعطي ما في جعبته من مال ليشتركوا في ما بينهم كي يشتروا الكوكايين ويجربوه، لأن حالة هستريا الرقص والقدرة على الصمود مدة أطول تتطلب منك أن تكون قد أكلت «بكسطا» أو تناولت بعض جرعات الكوكايين، كما يقول عادل، 17 ربيعا، والذي يتابع دراسته بالسنة الثانية في ثانوية بطنجة. شعار«التيك تونيك» أو ما يعرف ب«اللوغو»، هو عبارة عن رسم نسر يرمز إلى «بكسطا» أشهر أنواع المخدرات الصلبة، فإيقاع الهاوس والتيكنو يؤثر على شباب «التيك» كما يقول عادل، ولن تستطيع أن ترقص وأنت في كامل قواك العقلية. لباسهم عبارة عن سروال جينز ضيق يسمونه «التوبو» وهي كلمة إسبانية. ترجمتها بالفرنسية tube، وأحذية «فانس» و»كونفرس»، أما الأقمصة فهي تحمل علامة النسر مكتوب عليها التيك تونيك. وجوههم لا تخلو من وضع «البيرسينغ» عليها، وأجسادهم موشومة في مواضع متعددة وتحمل رسومات مختلفة، أما شعورهم فتسرح بطريقة عجيبة يطلقون عليها اسم التشويكة»، هذه التسريحة تشبه كثيرا أوراق شجرة فاكهة الصبار أو كما يطلق عليها كرموس النصارى. شباب طنجة مازالوا يتداولون بعض الكلمات الإسبانية في ما بينهم، فالقرب الجغرافي ربما رسخ عدة كلمات وطقوس في المدينة. «الساطانيكوس» أو عبدة الشيطان يحبون أيضا التيك تونيك ويمارسونه كثيرا ويعرفون كل خباياه، فيصل، 18 سنة، يدرس بثانوية زينب ويقول بافتخار إنه يدعم منظمة «ايطا الباسكية». منى شابة أخرى لا يتجاوز عمرها 18 سنة، عاشت ظروفا صعبة. لها أصدقاء كثر، طريقة تفكيرها أكبر من سنها. تقول بتحسر وهي تشرب سيجارتها: لا أعرف هؤلاء الآباء الذين يصطحبون أبناءهم إلى باب «مركب دوليز» ويتركوهم لوحدهم ويعطونهم نقودا دون أن يعرفوا ماذا يفعل فلذات أكبادهم بالداخل؟ ومع من يجلسون؟ ومن هم أصدقاؤهم؟ بل حتى طريقة لباسهم تشبه كثيرا الشواذ الجنسيين. وحول هذه الموجة أجابت دينا كون هؤلاء الشباب مقلدون فقط، ولن يستطيعوا إبداع أي شيء، لأن عقولهم صغيرة وهم من يبحثون عن التهلكة كون جلهم جرب جميع أنواع المخدرات الصلبة، ثم تضحك بطريقة استهزائية. لقد أصبح بعض شباب الثانويات بمدينة طنجة ينظمون كل أسبوع ثلاث «بارتيات»، ويعتبر مقهى دوليز معقل التيك تونيك الذي انتشر في مدينة طنجة مؤخرا، وبالمناسبة فهذا اليوم (السبت) ينظم تلميذان من ثانوية ابن الخطيب وزينب حفلة بدوليز يبيعان تذاكرهما ب70 درهما للفرد، كما أن العلبة الليلية «باساريلا» أصبحت تحتضن بدورها حفلات من هذا النوع، ويمكن للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 13 سنة الدخول بكل سهولة، ونظرا للإقبال الكبير لفئات مجتمعية مختلفة أصبحت قاعات الرياضة تشهر لزبائنها لمن يريد تعلم هذا الرقص. أما موقع اليوتوب على شبكة الأنترنيت فقد ساعد كثيرا من الشباب على نشر هذه الرقصة والتواصل في ما بينهم، حتى أصبح عدة شباب يتجولون بين المدن المغربية وافدين من الدارالبيضاء وفاس ومراكش لتعليم الشباب والتأكيد لهم على أن هذا «التيك» تصاحبه أيضا الإباحية الجنسية التي أصبحت تستشري بينهم دون أن يرفضوها، بل عندما تذوقوها أعجبتهم، كما يقول هشام، وهو واحد من المقربين من التيك تونيك، لكنه ينتقدها بشكل لاذع.