دعا المغرب إلى تحليل الدور الذي تضطلع به المضاربة في تفجير واستمرار الأزمة الاقتصادية العالمية الحالية، مؤكدا أنه لم يتم بعد تحديد العوامل التي تفسر هذه الأزمة بشكل كامل. وصرح وزير الاقتصاد والمالية، صلاح الدين مزوار، في كلمته التي ألقاها الأحد المنصرم، أمام لجنة التنمية، وهي لجنة وزارية مشتركة بين البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تهدف أساسا إلى بحث القضايا المرتبطة بنقل الموارد الحقيقية في اتجاه البلدان النامية، أنه «من الضروري تحديد، بوضوح، العوامل المفسرة للإشكاليتين الكبيرتين اللتين يواجههما الاقتصاد العالمي والمتمثلتين في ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية والأزمة المالية من جهة، والتغيرات المناخية من جهة أخرى، وذلك قصد تحديد الإجراءات الملائمة لمواجهتها». وقال مزوار، الذي شارك في أشغال الاجتماعات الربيعية للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، إن التناقض الحاصل في النقاشات الحالية، بالرغم من وعي المجتمع الدولي بنتائج هذه الأزمة، يكمن في كون العوامل المفسرة لها لم يتم تحديدها بشكل كامل، مؤكدا أن النقاش ينقصه تحليل دور المضاربة في تفجير واستمرار الأزمة. وبعد أن أكد أن هذه الأزمة تهم الدول والمؤسسات الدولية على السواء، أوضح الوزير أن الدول مدعوة للقيام بإصلاحات جوهرية على مستوى طريقة الإنتاج، وكذا على أنماط الاستهلاك. وقال إن عمليات إعادة استهداف مساعدات الأسعار لفائدة البلدان الأكثر فقرا أصبحت ضرورية على المدى القصير، مؤكدا في هذا الإطار أن المغرب يتحمل مسؤولياته بشكل كامل، وأنه أطلق أوراشا ضرورية للإصلاح. من جهة أخرى، شدد الوزير على أنه ينبغي على المنظمات الدولية أيضا، تحمل مسؤولياتها من خلال بذل الجهود لفائدة الاقتصاديات الأكثر حساسية خاصة عبر تبني آليات للدعم خاصة بالصدمات واحترام الالتزامات المتعلقة بالمساعدة العمومية للتنمية. وركز على أن الرهان يكمن في إرساء الثقة والمصداقية في مسلسل العولمة، معتبرا أن تقوية تدفقات المساعدة العمومية للتنمية شرط ضروري للتقليص من الفقر وأنه يتعين تقوية تحسين القدرة المؤسساتية للبلدان النامية على مواصلة إنجاز أهداف الألفية من خلال توفير خدمات اجتماعية جيدة وبنيات تحتية ملائمة. ودعا مزوار، في إطار تعزيز المساعدة، إلى إعطاء الأولوية لإفريقيا جنوب الصحراء نظرا لتفشي الفقر والأمراض المتنقلة في هذه المنطقة. وفي ما يتعلق بارتفاع أسعار المواد الأولية، حذر الوزير من أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية قد يكون له انعكاس حقيقي على البلدان النامية التي تخصص حصة كبيرة من دخلها للتغذية. كما حذر من أنه في غياب أنظمة دعم ملائمة للدولة فإن الوضع قد يقود إلى مشاكل اجتماعية خطيرة، مشيرا إلى أن المساعدة المالية للمجتمع الدولي مطلوبة لمساعدة هذه الدول على مواجهة ارتفاع أسعار البترول. واعتبر مزوار، الذي دعا في هذا الصدد إلى بحث إمكانيات إحداث صناديق ائتمانية خاصة بالبترول وبالتسهيلات التعويضية، أن إعداد مخطط استعجالي لمواجهة حاجيات البلدان الأكثر هشاشة يعد أمرا ضروريا. وعند تناوله لموضوع التغيرات المناخية، أوضح الوزير أن البلدان الأكثر فقرا في العالم هي الأكثر عرضة لتنوع التغير المناخي خاصة بسبب موقعها الجغرافي ودخولها الضعيفة وقدراتها المؤسساتية المحدودة. وأعرب مزوار في هذا الإطار عن دعم المغرب لمبادرة مجموعة البنك العالمي الرامية إلى إدماج التغيرات المناخية في أجندة التنمية، مركزا على أنه من أجل تفادي تعريض تقدم البلدان النامية في مجال أهداف الألفية للخطر فإن موارد مالية إضافية هامة مطلوبة للتكفل بالتغير المناخي. وقال إن هذه الموارد ينبغي أن تكون إضافية، ولا ينبغي أن تحل محل التمويلات المخصصة في إطار المساعدات العمومية للتنمية.