لم تنفع طريقة النار الهادئة، التي أعدت بها الحكومة «طبق الأجوبة» عن مطالب المركزيات النقابية، في ثني هذه الحركات الاجتماعية عن التلويح بورقة الإضراب مجددا، إذ هددت خديجة الزومي، القيادية بالاتحاد العام للشغالين بالمغرب، بخوض أشكال نضالية مختلفة إذا لم تستجب الحكومة للمطالب المتعلقة بالزيادة في الأجور والرفع من الحد الأدنى للأجر بنسبة 20 % واحترام الحريات النقابية، وإحداث ترقية استثنائية لعموم الموظفين. وأوضحت، في تصريح ل«المساء»، أنه، بالنسبة إليهم، يبقى الأمن الاجتماعي هو الأساس، وما تذرعت به الحكومة بكون الأزمة الحالية، التي يعرفها المغرب، نتيجة تقلبات الاقتصاد العالمي، ليس مبررا كافيا بسبب عدم بذل مجهود لإيجاد حلول للحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين. وبخصوص ما ستسفر عنه الجولة الثالثة من الحوار الاجتماعي، أكدت الزومي، التي تحسب نقابتها على حزب الاستقلال الذي يقود الائتلاف الحكومي الحالي، أنه «إذا لم يعطونا شيئا سنخوض جميع الأشكال النضالية». وبينما اجتمعت الحكومة، بعد ظهر أمس الاثنين، مع وفد من الكنفدرالية العامة لمقاولات المغرب في إطار مشاوراتها المتعلقة بالحد الأدنى للأجر، بدأت تعلو بعض الأصوات من داخل الجسم الحكومي تدعو إلى إعادة النظر في مفهوم التنافسية التي لا يجب أن تقوم بالضرورة على أجور ضعيفة. وحسب هذه الأصوات، فإن جلب الاستثمار إلى المغرب لم يعد في حاجة اليوم إلى اعتماد تدبير أحادي يقوم على خفض الأجور، وإنما صار ضروريا إيلاء العناية بالعنصر البشري وتأهيله باعتباره العمود الفقري لأي نشاط اقتصادي. يذكر أن رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب سبق أن صرح بأنه ليس لهم داخل الاتحاد أي مشكل في الرفع من الحد الأدنى للأجر شريطة الأخذ بعين الاعتبار واقع المقاولات المغربية ومدى قدرتها على التنافسية. وقد تناسلت بيانات المركزيات النقابية، التي تبرز مواقف تلك النقابات من الجولة الثانية من الحوار الاجتماعي، حيث حذر بيان صادر عن الفيدرالية الديمقراطية للشغل من أي إعلان انفرادي عن نتائج هذا الحوار، بعدما اعتبر العرض الحكومي، فيما يتعلق بتحسين وضعية الموظفين والمأجورين في سياق يتميز بارتفاعات متتالية لأسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية، غير مقنع. وحسب مصادر مطلعة، فإن عباس الفاسي، الوزير الأول، ركن، طيلة المدة التي قضاها بين ظهراني المركزيات النقابية التي التقاها الأسبوع الماضي، إلى إبراز الجهود التي تبذلها الحكومة من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطنين بالحفاظ على الدعم الموجه للمواد الأساسية والنفطية في ظل ظرفية دولية صعبة مطبوعة بارتفاع أسعار المواد النفطية وأسعار بعض المواد الاستهلاكية في الأسواق الدولية، مبرزا أن اعتمادات 20 مليار درهم، التي رصدتها الحكومة في الميزانية الحالية من أجل دعم المواد الأساسية والنفطية، قد ارتفعت حاليا إلى 26 مليار درهم، وهي مرشحة للمزيد من الارتفاع بسبب الزيادة في الأسعار الدولية لبعض المواد الأساسية والنفطية، كما أكد أن الحكومة عملت، رغم هذه الظرفية الصعبة، على التجاوب مع مطالب المركزيات النقابية باقتراح تدابير وحلول لتحسين دخل الفئات ذات الدخل المحدود.