يبدو أن اهتمام الولاياتالمتحدة بمحاربة الفقر ودعم التنمية في المغرب أخذ يتزايد في السنوات الأخيرة.. اهتمام يزكيه الكونغريس الذي يمنح أو يمنع، مراعيا المصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة، وإن بدا حريصا على ربط عطائه باحترام مقتضيات الديمقراطية والحكامة الجيدة والاقتصاد الليبرالي. ارتأى ممثلو تحدي حساب الألفية والوكالة الأمريكية للتنمية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، أول أمس الاثنين، التعريف في لقاء مع الصحافة بمقر مؤسسة «إيكو ميديا» بالدار البيضاء، ببرامجهما في المغرب، إذ تبدى أن تدخلاتهما المتكاملة في المغرب تغطي جميع مناحي الحياة، بدءا بتقليص الوفيات وانتهاء بالنمو الاقتصادي، مرورا بالتعليم والفلاحة والخدمات المالية والمقاولات والماء والإسكان والمرأة والديمقراطية والحكامة. وتجلى، عبر المعطيات التي قدمها ممثلو المؤسستين، أن رصد الأموال في إطار حساب تحدي الألفية أو عبرالوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، ليس بالعملية اليسيرة، إذ إن الأمر يحتاج إلى مباركة الكونغريس الأمريكي.. فثمة شروط يجب أن تتوفر في بلد مثل المغرب، فبالإضافة إلى شرط المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة فيه، يفترض أن يستجيب البلد لمعايير الحكامة التي يؤشر عليها احترام مقتضيات الحرية والمساءلة وفعالية الحكومة ودولة القانون ومراقبة الرشوة، فانتفاء هذا الشرط الأخير مثلا يحرم البلد المرشح لحساب تحدي الألفية من هذه المنحة. لكن عندما يتنبه مسؤولو المؤسستين إلى أن مؤشر مراقبة الرشوة قد يسقط حق المغرب في الاستفادة من المنح الأمريكية، على اعتبار أنه يحتل مرتبة متأخرة في مؤشر ملامسة الرشوة حسب «ترتسبارنسي»، يجيبون بأن الأمر يتعلق بمؤشر فقط، إذ إن مقارنة المغرب ببلدان مماثلة من حيث الدخل تظهر أنه يوجد في وضعية متقدمة تؤهله للاستفادة من المنحة، ناهيك عن كونه انخرط في مسار الاقتصاد الليبرالي. وتشير مونيكا ستاين أولسن، مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، إلى أنه خلال الخمسين سنة الأخيرة استثمر»الشعب الأمريكي ملياري دولار للمساعدة في التنمية» ، فالمغرب في نظرها حقق تقدما مطردا «في توسيع وتطبيق الإصلاحات من أجل تحرير اقتصاده والدمقرطة والحكامة الجيدة»، فهو يسعى إلى الاستجابة لحاجيات سكانه والحفاظ على استقراره في منطقة غير مستقرة. تدخل الوكالة في المغرب يغطي جميع نواحي الحياة، إذ يشمل تقليص وفيات الأطفال والأمهات أثناء الولادة والمساهمة في تشييد السدود وإنجاز شبكات الري، ومصاحبة الدولة في إصلاح السياسات الفلاحية، وتحسين تنافسية الصناعات التحويلية للمنتوحات الفلاحية، ويمتد تدخل الوكالة إلى الدمقراطية والحكامة والنمو الاقتصادي ومساعدة المقاولات على البحث عن فرض في السوق الأمريكية وتحسين استفادة الجانبين الأمريكي والمغربي من اتفاقية التبادل الحر، غير أن الاستراتيجية الجديد ة للوكالة ستركز أكثر على الشباب، بغية تأمين انخراطهم في الحياة السياسية والاقتصادية. ومن جانبها، أوضحت نميرة سالم مردوك، مديرة حساب تحدي الألفية في المغرب، أن المنحة التي آلت إلى المغرب بحكم الاتفاقية التي أبرمت في الصيف الماضي، سيشرع في صرفها في غشت القادم، بعد الانتهاء من الاستعدادات الواجبة لذلك، مشددة على أن المنحة التي تبلغ قيمتها 697.5 مليون دولار أمريكي تروم رفع الناتج الداخلي الخام ب118 مليون دولار في السنة واستفادة 600000 أسرة بطريقة مباشرة. وأشارت إلى أن القطاعات التي ستوجه لها تلك المنحة، تلبي احتياجات عبر عنها الجانب المغربي، بحيث ينتظر أن تستفيد الفلاحة من 300.9 مليون دولار وتحديث الصيد التقليدي من 116.17 مليون دولار، ومشروع الصناعة التقليدية ومدينة فاس من 111.87 مليون دولار، ومشروع الخدمات المالية من 46.2 مليون دولار، ومشروع دعم المقاولات من 33.85 مليون دولار.. تلك مشاريع سيشرف عليها حساب الألفية على مدى خمس سنوات، لتنتقل مسؤولية الإشراف بعد ذلك إلى المغاربة.